اقتصاد

إعادة هيكلة قطاع الطاقة وتمويله ضمن فواصل زمنية معينة عربش: استثمار موقعنا كترانزيت للطاقة.. الحمصي: زيادة المناطق المستثمرة ريحياً

الوقوف أمام الأخطاء السابقة التي مرّت خلال الـ40 سنة الماضية والاستفادة من الثغرات والتراكمات التي خلّفتها الأزمة الراهنة عبر وضع برنامج شامل ودقيق لتحديث وتطوير قطاع الطاقة، وإعادة هيكلته ضمن الرؤى الكلية له في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كونه عاملاً ومكوناً أساسياً ودائماً في إعادة الإعمار، مع ضرورة تمويل القطاع ضمن فواصل زمنية معينة ومناخ سياسي مناسب يدعم أرضية المصالحة الوطنية، وضم خبرات وخامات قادرة على صنع الفارق ولها باع طويل ودراية كاملة في جوانب القطاع، ولاسيما في الدراسات الإستراتيجية والمنهجية الفكرية له، إضافة إلى بذل جهود كبيرة لمنع هجرة ما تبقى من المهندسين الأكفاء في مجال الطاقة.. كانت أبرز الأفكار التي تمّ طرحها من قبل المشاركين في الندوة النقاشية التي أقامتها جمعية العلوم الاقتصادية تحت عنوان “دور الطاقة في إعادة الإعمار”، لكن مقاربة تلك الأفكار لم تكن بالمستوى المطلوب وبالعمق المتوقع.

مصفاة مركزية
الباحث الاقتصادي الدكتور زياد عربش اعتبر أن سورية بلد هامشي من ناحية امتلاكها للنفط، لكنه في المقابل يمتلك أهمية كبيرة في كونه ممر عبور لنفط الخليج والعراق إلى أوروبا الغربية، ولذلك علينا استثمار موقعنا الجغرافي والإستراتيجي من خلال طرح منظومة تضمن الحصول على جزء من النفط الممرر عبر أرضينا واستثماره في مصفاة مركزية من شأنها سد ثغرات النقص الحاصل في القطاع. طرحٌ جاء على خلفية التخريب الممنهج في البنى التحتية لآبار النفط، إضافة إلى سرقة المعدات وآليات استخراج النفط من خبراء أتراك وتهديم وحرق الآبار أو سرقتها من قبل العصابات الإرهابية المسلحة وتهريبها إلى تركيا وبيعها بأسعار بخسه.
عربش دعا إلى اتباع إستراتيجية تضمن رفع أسعار الطاقة بكامل مشتقاتها بطرق عادلة ومنصفة، بحيث يتمّ دعم قطاع الصناعة من مكون الطاقة بطريقة الدعم الذكي وضخ العمالة في القطاع الصناعي وتفعيلها في مشروع إعادة الإعمار، ووضع منهج ثابت ودقيق يضمن توفير الطاقة للمعامل والمصانع الوطنية المنتجة والداعمة للاقتصاد المحلي.

استثمار الطاقات البديلة
بدوره طالب الدكتور خالد الحمصي مستشار وزير الكهرباء بتجاوز عدة مصطلحات كـتوجيه الدعم لمستحقيه لاسيما عندما يتم رفع سعر الكهرباء والمياه للجميع دون استثناء، إضافة إلى إعادة النظر في مصطلح اقتصاد السوق الاجتماعي، لأنه يتم العمل حالياً على تدعيم وإعلاء اقتصاد السوق على حساب الدعم الاجتماعي، لا بل يتم إهمال الجانب الاجتماعي كلياً.
الحمصي شدّد على ضرورة استثمار الطاقات البديلة لاسيما طاقة الرياح والطاقة النووية بهدف تعزيز منظومة الطاقة ومصادرها الحيوية، ورأى أنه من المفترض توسيع رقعة الاستفادة من توليد الطاقة عبر الرياح وزيادة عدد المناطق المستثمرة لأكثر من 20 موقعاً حالياً لهذا الغرض، بالتوازي مع تطبيق قانون الشراكة مع القطاع الخاص لاسيما بعد إقراره منذ شهر تقريباً من قبل رئاسة مجلس الوزراء، وتصويب مساعي وزارة الكهرباء في عقد اتفاقيات تعاون مع شركات أجنبية لها خبرات واسعة في توريد الطاقة.
وأكد أن سد الفرات يؤدي وظيفته في إنتاج كميات الطاقة، كما يتم حالياً استجرار كميات من الطاقة عبر تكريس خدمة السدود في إنتاجها كـسد البعث 48 ميغا وسد الثورة الذي ينتج كمية 75 ميغا وسد تشرين 630 ميغا.

تعويل على التشاركية
الدكتور يونس علي مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة، ركز على مشاريع طاقة الرياح الواعدة وأهمية تشاركية القطاعين الخاص والعام في هذا النوع من الاستثمارات في الطاقات المتجددة، إذ يأتي ذلك تطبيقاً لاستراتيجية وزارة الكهرباء من خلال التوسع في مصادر الطاقات المتجددة وعلى وجه الخصوص طاقة الرياح الهامة في إنتاج كميات إضافية من الطاقة وتأمين الطلب عليها، في ظل عمليات التخريب الممنهج للمجموعات الإرهابية المسلحة وزيادة الأعباء والأحمال الكهربائية على المحطات.
علي أكد أن وضع الكهرباء في سورية أفضل من عدة دول تعيش حالة السلم، وأنه في ظل الأزمة لا يمكننا وضع إستراتيجيات من دون ضمان العامل الأمني والاستقرار، بل يتوجب علينا وضع خطط إسعافية للخروج من الأزمة أولاً، ومن ثم تنفيذ خطط واستراتيجيات الوزارة المتمثلة بنشر مفاهيم الطاقات المتجددة والتوسع في استخدام تطبيقاتها.
وبيّن مدير المركز أن كل 1 كلغ واط كهرباء يحتاج إلى ربع كلغ من النفط، وأن الواط الواحد يكلف الحكومة من 30-35 ليرة بينما تبيعه للمستهلك بـ2.5 ليرة، ما جعل هذا المنتج يشكل عبئاً كبيراً على كاهل الوزارة وجعل قطاع الطاقة مُستنفداً لخزينة الحكومة بسبب الفجوة بين كلفة الواط وبيعه، مشيراً إلى أن 70% من محطات الكهرباء تعمل على الغاز ولاسيما محطات المنطقة الجنوبية، وبالتالي عدم وصول الغاز من المنطقة الوسطى إلى محطات الكهرباء في المنطقة الجنوبية بغرض تغذيتها يقطع الكهرباء، يشكل حالياً أحد التحديات في موضوع توفير الكهرباء للمشتركين، الأمر الذي يحدّ من تنفيذ المشاريع الكهربائية.

وبعد..
الأفكار المطروحة في الجلسة معظمها تقليدية لاجديد فيها، لا بل تضمّنت الجلسة النقاشية ابتعاد بعض المشاركين فيها عن المحور الرئيسي، حيث غاص بعضهم في كتب التاريخ والدراسات النفطية للدول، في الوقت الذي كنّا ننتظر ابتعادهم عن التنظير غير البناء والذي لم يقدم جديداً، واختراق ما حولهم من خلال طرح أفكار جديدة مبدعة تسلط الضوء على الفرص التي ولدتها الأزمة وليس الوقوف على الأطلال والظلال.

دمشق– رامي أبو عقل