أوباما يلتزم الصمت.. و"حماية الديمقراطية" تسقط بالضربة القاضية قتيلان وعشرات المعتقلين في قمع الشرطة لمتظاهري فيرغسون
ينحدر المشهد في فيرغسون بولاية ميسوري الأمريكية بشكل واضح إلى العنف والفوضى، وفيما تتحدث وسائل إعلام أمريكية عن مقتل شخصين وسماع إطلاق النار في أجزاء مختلفة من المدينة، تطوف سيارات مصفحة الشوارع يعلوها ضباط استقرت أيديهم على البنادق، وتندفع نحو الحشود وتعتقل بعضاً منهم بشكل عشوائي.
وتناولت التغطية الإخبارية، بالصور، إطلاق الشرطة للغاز على المتظاهرين واعتقال الكثير منهم، حيث قالت الوكالة الفرنسية في تقريرها: إن الغاز المسيل للدموع يسيطر على مظاهرات فيرغسون، فيما ركزت وكالة رويترز للأنباء تغطيتها على تحركات حاكم الولاية من إعلان حالة الطوارئ في الشوارع، وحظر التجول حتى استبدال الشرطة بالحرس الوطني الأمريكي.
ويرى مراقبون أن ما حدث في ولاية ميسوري الأمريكية من مقتل الشاب الأسود مايكل على أيدي الشرطة الأمريكية دون مبررات قوية تبيح للشرطة الأمريكية قتله، يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، وبالتالي افتقدت الولايات المتحدة الأمريكية إلى المصداقية في دفاعها عن حقوق الإنسان، وأن صمت الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعكس موافقته على ممارسات الشرطة في التعامل مع المتظاهرين.
كما تشير منظمة حقوقية مصرية من خلال مكتبها في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية إلى انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان بالنسبة للمواطنين السود، وأن هناك مطاعم يحظر دخولها على السود وهناك أماكن سكنية مقصورة على البيض، لتسقط ادعاءات أمريكا بحماية الديمقراطية.
ورأى سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية والسياسية، أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لإظهار صورة براقة بأنها حامية حمى الديمقراطية على غير الحقيقة، وفي المظاهرات نجد أن البوليس الأمريكي شديد العنف في مكافحة التظاهرات، ويسعى قلباً وقالباً للحفاظ على القائمين على الحكم مهما كان الثمن.
يُذكر أن الأحداث المتصاعدة في ولاية ميسوري، تأتي بعد أن قتل شرطي أبيض شاباً أسود يدعى مايكل براون، قبل أسبوع، ما أسفر عن اندلاع مظاهرات واسعة، إلّا أنها تصاعدت فور إعلان الشرطة، عن وثائق تزعم أن الشاب الأسود يشتبه في إقدامه على السرقة، ما أجج نار الغضب بين مواطني المدينة، الذين اتهموا الشرطة بالتزييف.
إلى ذلك، انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش ممارسات الشرطة الأمريكية المتمثلة باستخدام تدابير تهديدية غير ضرورية في قمع الاحتجاجات، وطالبتها بالتوقف عن اللجوء لأساليب الترهيب ضد المتظاهرين السلميين وضد الصحفيين، داعية الشرطة لدعم الحقوق الأساسية في التجمع السلمي وحرية التعبير وليس تقويضها.
وأضافت تعقيباً على اعتقال الشرطة الصحفيين ريان ريلي، الذي يعمل في صحيفة هافنغتون بوست، وويسلي لوري، الذي يعمل في صحيفة واشنطن بوست، لمجرد تغطيتهما الأحداث الجارية: لا يوجد مبرر لقيام الشرطة باحتجاز صحفيين، أو إلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع على العاملين بالصحافة، الذين يقومون ببساطة بأداء عملهم، وأوضحت أن التحقيق الجاد في قضية براون سوف يكون حاسماً في التعامل مع المخاوف المشروعة تماماً لدى سكان مدينة فيرغسون، وفي الوقت نفسه يحتاج أفراد الشرطة في الضاحية إلى التأكد من ألّا يتسببوا في زيادة الوضع سوءاً بمنعهم المحتجين ووسائل الإعلام من ممارسة حقوقهم الأساسية، وتابعت: على الرغم من أن “العهد الدولي” الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليه الولايات المتحدة في 1992، يحمي الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير إلّا أن الشرطة وبممارساتها العنيفة المتمثلة بتوجيه البنادق نحو المتظاهرين السلميين وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على المحتجين انتهكت هذا العهد.
وتثبت اعتداءات الشرطة الأمريكية والجرائم المتكررة التي ترتكبها بحق الأمريكيين، ولاسيما المتحدّرين من أصول إفريقية أو لاتينية، أن مظاهر التمييز العنصري ما زالت منتشرة إلى حد بعيد في الولايات المتحدة، رغم جميع المزاعم التي تطلقها السلطات الأمريكية.
قسطنطين دولغوف مفوض حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون في وزارة الخارجية الروسية، علّق على الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة فيرغسون، بالقول: إن الأحداث المأساوية تدل بكل وضوح على درجة التوتر العالية جداً في المجتمع الأمريكي، الذي لا يزال منقسماً حسب المؤشر العرقي، وأضاف: إن الاضطرابات وردود فعل السلطات عليها، بدءاً من الاعتماد على القمع الشديد للأعمال المناهضة للقانون إلى الدعوات للهدوء والحوار، تؤكد مجدداً وجود مشاكل منهجية عميقة في مجال مراعاة حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية في المجتمع الأمريكي، وأن سلطات الولايات المتحدة التي تطالب البلدان الأخرى بضمان حرية التعبير وعدم قمع الاحتجاجات المعادية للحكومات لا تتساهل أبداً مع أولئك الذين يعبّرون عن سخطهم للإجحاف في المجتمع الأمريكي والتمييز الفعلي ووضع السكان من الصنف الثاني.