مفاوضات القاهرة تفشل في إيجاد حل دائم.. والعدو ينتهك من جديد "التهدئة" ضغوط غربية لعدم التحقيق في جرائم الحرب.. و"إسرائيل" تمنع محققي العفو الدولية من دخول غزة
انهارت “الهدنة الممددة”، التي تمّ الاتفاق عليها بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في القاهرة، والتي كان يأمل منها التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار دائم، بسبب تعنت “إسرائيل” وإصرارها على عدم منح الفلسطينيين أي حق من حقوقهم المشروعة، التي كفلتها القوانين الدولية، وإبقائهم تحت نيران إرهابها، وتذرعت بسقوط صواريخ “مجهولة” في عدد من المستوطنات، لكي يعطي نتنياهو أوامره للجيش باستمرار المعارك ضد القطاع، والمسارعة أيضاً بسحب فريقه المفاوض من القاهرة.
التطوّرات المتسارعة تؤكد أن الهدنة ستنهار عاجلاً أم آجلاً، في ظل تأكيدات الوفد الفلسطيني في القاهرة أن المفاوضات تواجه صعوبات بسبب تعنت ومماطلة الاحتلال، حيث لم يحصل تقدم بشأن أي نقطة في المفاوضات، وخرق قوات الاحتلال “الهدنة”، وشنت طائراته غارات جوية على عدة مناطق في القطاع.
وفي السياق، أعلن صائب عريقات رئيس الوفد الفلسطيني في المفاوضات مع إسرائيل أن مباحثاته مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وغيره من المسؤولين في وزارة الخارجية الروسية تركزت على موضوع تحقيق وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من خلال تثبيت تهدئة فورية ورفع الحصار الإسرائيلي الجائر على القطاع، وأكد خلال مؤتمر صحفي عقب مباحثاته مع وزير الخارجية الروسي في موسكو أن الوفد الإسرائيلي إلى مفاوضات القاهرة يمارس الابتزاز والمراوغة وتضييع الوقت لإبقاء الوضع على ما هو عليه، وأن سلطات الاحتلال تسعى لتدمير قواعد القانون الدولي وخيارات “الدولتين” وقتل الفلسطينيين، وقال: إن القضية الأساسية حالياً لا تنحصر في وقف العدوان الإسرائيلي، بل في إنهاء الاحتلال ووضع برنامج زمني إلزامي لانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967 وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، مشيراً إلى أن غزة أصبحت منطقة منكوبة، وأن العدوان استهدف المشروع الوطني الفلسطيني والوحدة الفلسطينية لأن استراتيجية الكيان الإسرائيلي تهدف إلى سلطة فلسطينية دون سلطة واحتلال دون كلفة، ولفت إلى أن الكيان الصهيوني منبت الشر والحرب في المنطقة، وقال: هناك من يقول: إن هذا الكيان يدافع عن نفسه، لكنه في الحقيقة يُدافع عن احتلاله وبطشه بالشعب الفلسطيني، داعياً المجتمع الدولي للعمل على إنهاء الاحتلال وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة التي تشهد أحداثاً كبيرة وليست بحاجة إلى مزيد من الحروب. وكان لافروف أعلن في بداية مباحثاته مع عريقات أنه توجد لدى موسكو أفكار حول التوصل إلى تسوية فلسطينية-إسرائيلية، وهي على استعداد لإطلاع الجانب الفلسطيني عليها، مشيراً إلى أن المفاوضات يجب أن تؤدي إلى اتفاقات حول تهدئة ثابتة وطويلة الأمد.
في الأثناء، قالت منظمتا العفو الدولية “أمنستي” وهيومن رايس ووتش: إن سلطات الاحتلال تعرقل مساعيهما لجمع أدلة على “احتمال وقوع جرائم حرب في قطاع غزة، ولم يحصل موظفو المنظمتين الحقوقيتين على تصاريح لدخول غزة رغم الضغط على الاحتلال ومصر منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على القطاع، وأوضحتا أن الحظر الإسرائيلي المفروض منذ أعوام على سفر موظفيهما إلى غزة “يعوق قدرتهم على التحقيق في أعمال العنف”، ويزعم الاحتلال أن المنظمتين لم تقدّما الأوراق السليمة الضرورية للسماح لهما بدخول القطاع.
ويأتي عجز أمنستي وهيومن رايس عن إيفاد باحثين دوليين وخبراء ذخائر إلى غزة، في وقت يرفض فيه الاحتلال إجراء تحقيق أممي في عدوانه على غزة.
وكانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي قالت الشهر الماضي: إن دولة الاحتلال “تتعمد فيما يبدو انتهاك القانون الدولي” في قصفها الذي أصاب منازل ومدارس ومستشفيات وملاجئ أممية احتمى بها أهالي غزة هرباً من القصف.
وكشفت صحيفة الغارديان البريطانية نقلاً عن محامين وموظفين في المحكمة الجنائية الدولية أن المحكمة تفادت باستمرار فتح تحقيق في جرائم الحرب في غزة، نتيجة ضغوط أميركية وغربية، مشيرة إلى أن أي تحقيق للمحكمة قد يكون له تأثير بعيد المدى، ولن ينظر فقط في جرائم الحرب، بل قد يتناول مسألة المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، ورأت أن الضغوط الغربية تسببت بانقسامات عميقة داخل مكتب المدعي العام، مشيرة إلى أن المحامي الفرنسي جيل ديفيرس، قال: إن هناك ضغطاً كبيراً على المحكمة لعدم فتح تحقيق، مضيفاً: إن بريطانيا وفرنسا أكبر المساهمين في ميزانية المحكمة، سعتا إلى إقناع الفلسطينيين بالتخلي عن التحقيق في جرائم الحرب.