اقتصاد

نقطة ساخنة إياكم… “ما فات مات”!!

بدايةً.. لا ننكر ما ألمّ بقطرنا من أحداث مؤلمة طالت جميع مفاصل حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية على مدى ما يقارب الأربع سنوات، ولا يمكننا أيضاً تجاهل أن مؤسسات الدولة لم تكن بمنأى عنها.
فكثيرة هي الأضرار التي لحقت بتلك المؤسسات، سواء ببنيتها التحتية، أم بطاقتها الإنتاجية، حيث لا تكاد تخلو اجتماعات ولقاءات الوزراء على مدار السنوات الأخيرة مع مفاصلهم الإدارية والتنفيذية من الاستفاضة بالحديث عن توقف أعمال المنشآت –خاصة الاقتصادية منها- جراء الظروف الأمنية الصعبة التي على ما يبدو شارفت على الانتهاء، فضلاً عن عمليات التخريب والسرقة التي طالت آلاتها وبنيتها التحتية، ما يعني أننا أمام مشهد كالح السواد بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لكن القادم –ربما- يكون أكثر سوداوية بعد انجلاء هذه الغيمة القاتمة، وذلك في حال استعمل بعض ضعاف النفوس من مفاصلنا التنفيذية شماعة الأزمة ليعلقوا عليها حالات الفساد من رشاوى وسرقات وصفقات مشبوهة، عبر إدراجها تحت بند “آثار التخريب”!!.
بالطبع نحن لا ننفي حدوث الكثير من حالات التخريب هذه، ولكن هناك بعض المدراء العامين من بدؤوا يعدون العدة لتسوية خسارات شركاتهم وتبريرها تحت ذريعة الأزمة، ليتنصلوا من المحاسبة والمساءلة القانونية، ففي أحد الاجتماعات المفتوحة استطرد مدير عام إحدى الشركات بالحديث عن تدهور أوضاع شركته، وعدم مقدرة العمال على مواصلة العمل نتيجة الأحداث، ما أدى إلى توقف مشاريع الشركة، علماً أن أحد المشاريع تجاوز البرنامج الزمني المحدّد للإنجاز بأربع سنوات!!.
ما سبق يجعلنا نلفت عناية الأجهزة الرقابية لتأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، وضرورة إيلاء هذا الموضوع أهمية قصوى كي يتمّ تفويت الفرصة على كل من تسوّل له نفسه المساهمة بزيادة نزيف مقدراتنا الوطنية، فمن لا يريد المبادرة لإيجاد الحلول المناسبة لتحسين وضع ما أؤتمن عليه، فعلى الأقل يحافظ عليه ولو بالحدود الدنيا، كي يكون جاهزاً لانطلاقة جديدة لبناء ما تمّ تخريبه، ولعلّنا على موعد مع ملفات فساد كبرى بعد الأزمة، يُخشى ألا تُفتح وتنضوي تحت عباءة “ما فات مات”، ويتبوأ روادها مسؤوليات أكبر، على اعتبار أن الأزمة عصفت بالبشر قبل أن تعصف بالحجر، وكل الانكسارات كانت خارج حدود الإمكانيات!!.

حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com