مواصفات منسيّة..!؟

البحث عن الجودة في الظرف الحالي تحوّل إلى كمالية أو رفاهية، وأصبح الأمر مرتبطاً بتوفر المادة قبل البحث عن الأفضل والأجود.
ودون أدنى شك، ساهم انتشار اقتصاد الظل بالتزامن مع الغياب شبه التام للأجهزة الرقابية في نشوء علاقات تجارية عشوائية، ومن يتجوّل في الأسواق الشعبية سيلاحظ انتشاراً للماركات المقلّدة والمنتجات المغشوشة، بما فيها مواد غذائية أساسية لم تسلم من الغش مثل الألبان والأجبان واللحوم ومعلبات “المرتديلا” والمربيات، إضافة إلى انتشار أصناف كثيرة من المواد مجهولة المصدر غير صالحة للاستخدام البشري أصلاً.
كما ساهمت الظروف الراهنة في إنتاج منتجات ليست بذات الجودة المطلوبة، لأنّ الجودة بحدّ ذاتها لم تعد أولوية بالنسبة للمستهلك، بل تأمينها وتوفرها بسعر منخفض هما الغاية، وبذلك لم يجد الصناعي من يجبره على إنتاج منتجات متميزة وذات جودة عالية، على العكس اتجه – في ظل ضعف المراقبة والمحاسبة -إلى ضغط النفقات لإنتاج سلعة تواكب القدرة الشرائية للمستهلك.
وبالمقابل عانى بعض التجار والمنتجين من تأخر دوران رأس المال وعدم القدرة على تصريف المنتجات وتخزينها، مما قلل من مستوى جودة البضائع، وهذه ناحية “معرقلة” لا مفر لنا من ذكرها، إن ابتغينا الإنصاف؟!.
وما يرفع من مستوى قلقنا أن يتحول نظام انخفاض التكاليف وزيادة الربح – نتيجة رضوخ المستهلك للأمر الاقتصادي المعيشي الواقع – إلى أسلوب عمل مستقبلاً، وذلك لدى الصناعيين والتجار.
و للعلم فإن قانون حماية المستهلك في مادته الـ 14 يحظر الإعلان والترويج لمنتجات تحمل رموزاً، بما في ذلك الترميز بالخطوط أو بالأشكال غير المطابقة للمواصفات أو لواقع المنتج أو المقلدة التي من شأنها أن تؤدي إلى خطأ، مهما كانت الوسيلة المستخدمة، كما أن الجميع الآن يترقّب قانون التموين والجودة الجديد بعقوباته الرادعة بحق المسيئين لصحة الإنسان والتي تصل إلى مرحلة زج المخالف بالسجن لعدة سنوات.
التصدي لظاهرة الغش “الخطرة”.. إجراء ضروري جداً، يتطلب اعتماد مشروع وطني خاص بمكافحة الغش والغش الغذائي بصورة خاصة واعتماد أساليب متعددة كالتوعية والتثقيف والرقابة والإشراف وإصدار قوانين وتشريعات جديدة صارمة لمنع جميع حالات الغش الغذائي، خاصة في مثل هذه الظروف، وعدم جعل الأزمة ذريعة للتهاوي، إضافة إلى إيجاد أجهزة تنفيذية كفوءة لترجمة العقوبات وتطبيق بنود القانون الموعود المتوقع صدوره قريباً.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com