اقتصادتتمات الاولى

الحكومة تخسر نحو 10 مليارات دعماً للمقنّن العلفي نصفها يذهب لحيازات وهمية غير موجودة كشتو: لا يمكنـنــا اســـتيراد بقــرة واحـــدة وترمـيــم القطــيــع في ظــل القــوانين والـقــرارات الناظـمــة

كل الأحاديث التي دارت ولا تزال تدور حول ترميم الثروة الحيوانية واستيراد الأبقار وزيادة إنتاجيتها وإيصال الأعلاف إلى أماكن وجودها، إلى ما هنالك من تعابير رنانة لا تقدّم أكثر مما تؤخر إذا لم ترافقها قرائن على الأرض، فماذا يقول المهندس محمد كشتو رئيس اتحاد الغرف الزراعية حيال كل ذلك؟.
يقول كشتو: منذ عام 2010 أي قبل اندلاع الأزمة نحن كاتحاد غرف زراعية نطرح ونطالب بضرورة تطوير الثروة الحيوانية وترميمها بل تعويض ما افتقدناه من خلال تقديم رؤى كنا قد قدّمناها للحكومة تتمثل بإحداث هيئة عامة تعنى بشؤون الثروة الحيوانية باعتبارها ثروة وطنية مهمة ولاسيما الأغنام منها حيث تنفرد بها سورية دون غيرها وأقصد هنا العواس وقد وفّر الله لها المناخ والجغرافيا المناسبين.
لكن عدم اهتمام المعنيين بهذه الثروة بل انشغل بعضهم في هدرها وتهريبها، وحسب إحصائية وزارة الزراعة قبل الأزمة كان يوجد لدينا 23 مليون رأس من الأغنام، ونحن نقول إن عددها لا يتعدى 15 مليوناً، وتتذرع الجهات المعنية في وزارة الزراعة بأن السبب وراء تراجع عدد القطيع يعود إلى الجفاف.

تبريرات واهية
وهذه التبريرات غير المقنعة حسب رأي رئيس الاتحاد، كانت تفترض الاشتغال على عكسها وذلك بزيادة عدد القطعان من خلال إيلائها كل الاهتمام والرعاية فعلاً لا قولاً، ولو تم هذا لكان يجب أن يكون لدينا أكثر من 40 مليون رأس من خلال التوالد ونقصد هنا أغنام العواس.
لكن الحرب التي شنّت على سورية ألحقت أكبر الخسائر في هذا القطاع، فاقمت ما كان متفاقماً أصلاً -والكلام ما زال للمهندس كشتو– والدليل أنه لا أحد يملك رقماً إحصائياً دقيقاً، ما يعني المزيد من التراجع لنصل إلى مرحلة لم نعُد نستطيع معها النهوض بالثروة الغنمية أولاً وبالأبقار ثانياً.

حلّان للمشكلة
وأوضح رئيس اتحاد الغرف الزراعية أن لدينا حلّين للمشكلة، وهما تأكيد تحسّن الوضع الأمني واستقرار البلد أولاً وفيه تكون العودة الميمونة لهذا القطاع الاقتصادي المهم ألا وهو القطاع الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي.
ثانياً: وضع استراتيجية تطويرية وتنموية -وهذا ليس صعباً- تقوم وفق أسس متكاملة غايتها التركيز على قطاع الثروة الحيوانية والنباتية وهذا يحتاج إلى أسس ونظم تشريعية حديثة.

دعم حكومي مهدور
وبصراحة مطلقة قال كشتو: إن الدعم الحكومي المقدّم لقطاع الثروة الحيوانية ممثلاً بالمقنّن العلفي لا يذهب إلى مستحقيه أكثر من 40% منه وربما أقل بكثير، حيث يذهب جلّ هذا الدعم المقدّر بـ10 مليارات ليرة إلى الحيازات الوهمية، ليشتريها المربّون الحقيقيون فيما بعد من التجار،  متسائلاً: ألا يعني هذا دعماً حكومياً مهدوراً؟ وهل تريد أن أذكر لك بالأسماء؟.
وتساءل أيضاً: لماذا لا يكون لدينا استثمار حقيقي في مجال الثروة الحيوانية كأي استثمارات أخرى؟.

مشكلة استيراد الأبقار
بهذا الخصوص أكد رئيس اتحاد الغرف الزراعية أنه لا يمكننا أن نستورد بقرة واحدة لترميم القطيع وزيادة عدده في ظل التشريعات الناظمة الحالية الصعبة جداً التي تحول دون ذلك.
فسعر الرأس الواحد لا يقل عن 500 ألف ليرة سورية أي نحو 2000 يورو والمصرف الزراعي لا يمنح المربّي مثل هذا المبلغ و90% من مزارعينا لا يملكون هذا المبلغ، فعن أيّ استيراد نتحدث؟.
من هنا نرى ضرورة البحث عن آلية جديدة مع تأكيد ضمانة المبلغ الممنوح.

من الآخر
الخلاصة أن كل ما تقوله وزارة الزراعة ومديرية الثروة الحيوانية والتخطيط لا يتعدّى فنتازيا وبراعة في التصريحات، وعدد قطيع الأغنام في تناقص مستمر ولا يوجد إحصاء ينفي ذلك، فقد كان عدد الأغنام هنا في محافظة حماة قبل الأزمة 3 ملايين رأس، والآن لا يوجد نصفه فعلياً على أرض الواقع، وتبقى مشكلة المربّين إن لم نقل مشكلتنا مع من يُنظّر علينا وهو الأبعد عمّا ينظّر فيه.
وختم مستغرباً: ثم كيف يمكن أن يكون لدينا هيئة عامة للثروة السمكية لأسماك في البحر وليس لدينا هيئة عامة تعنى بشؤون الثروة الحيوانية الموجودة بين أيدينا بعدما تم إلغاء أحواض تربية الأسماك في منطقة الغاب التي كانت تعطي سنوياً أكثر من450 ألف طن من الأسماك، إنها المعادلة المحيّرة..
محمد فرحة