بين قوسين بعد فوات الأوان
لا تحتاج مساعدة ذوي الطلاب على شراء مستلزمات العام الدراسي إلى حملات إعلانية تدعو التجار إلى عدم استغلال هذه المناسبة.
لقد أثبتت تجارب السنوات الماضية عقم هذه الحملات، فلماذا الإصرار على تكرارها؟.
التجار ينتظرون هذه المناسبة التي “تبيض” لهم ذهباً من عام إلى عام ويمتلكون خبرة عقود في استغلال هذه المناسبة أبشع استغلال غير مكترثين بأوضاع الناس، فهم لا يهتمون إلا بشفط مدّخراتهم!.
ونحن هنا لا نشكك بنيات جمعية حماية المستهلك بإطلاق حملة “الإعلان عن الأسعار” مع بدء العام الدراسي الجديد، لكن “ألف حملة” من هذا النوع لن تؤثر في تعديل مشهد استغلال التجار!.
وليست هذه المرة الأولى التي تشنّ فيها الجهات المعنية حملات لنشر أسعار المستلزمات الدراسية في جميع المتاجر والأسواق، ولكن بقيت هذه الحملات وستبقى دون فعالية!.
ونلاحظ أن المقترحات والمطالبات بإلزام التجار بالأسعار تبدأ دائماً قبل أسابيع قليلة من بدء العام الدراسي أو غيرها من المناسبات كالأعياد، أي بعد فوات الأوان!.
وإذا توهّمت الجمعية أن إلقاء محاضرات، والمشاركة في ندوات تلفزيونية وإذاعية وصحفية، والقيام بتجهيز لوحات إعلانية للأسعار في الأسواق الرئيسية ستفي بالغرض، فهذا أضغاث أحلام!.
لقد سبق أن أغرقتنا وزارة المالية بإعلانات ضخمة وعلى مدار عام كامل بأن الفاتورة من حقنا، فماذا كانت الحصيلة؟.
ردّ التجار ونجحوا في ردهم: لا تصدّقوا، الفاتورة ليست من حقكم؟
أما إذا اعتقدت الجمعية أن القيام بجولات تثقيفية على الباعة مع مديريّتي حماية المستهلك وممثلين عن غرف التجارة والصناعة والسياحة تتضمّن التوعية والتوجيه سيقنع التجار بالإعلان عن الأسعار، فهذا تفاؤل مفرط، فحتى عندما يعلن التجار عن أسعارهم يكون إعلانهم وهميّاً يخفي الحقيقة ويجسّد الجشع!.
بالمختصر المفيد: لا القرارات الإدارية، ولا الإجراءات التنفيذية، ولا الحملات الإعلانية، ولا الجولات الميدانية، ستقنع أو تلزم تجار الأزمات والمناسبات بالتقيد بالأسعار وعدم استغلال العام الدراسي لشفط مدّخرات الأسر الضعيفة!.
ما يفيد فعلاً قبل فوات الأوان وليس بعده هو حملات إعلانية على مدار الساعة عبر وسائل الإعلام والإعلان، تدعو المواطنين للتوجه إلى الصالات الحكومية ومعارضها لشراء احتياجاتهم من مستلزمات العام الدراسي!.
وما يفيد أكثر فأكثر هو نشر أسعار المستلزمات في الصالات الحكومية ومثيلاتها في محلات القطاع الخاص عبر الإعلام والإعلان والتي لا يقل الفارق السعري في معظمها عن 100%!.
علي عبود