نقطة ساخنة “السوداء” ومشتقاتها..!؟
لم تستطع سلطتنا التنفيذية على مدار السنوات الأخيرة –حتى التي سبقت الأزمة– إيجاد حلّ جذري لمشكلة توزيع مادة المازوت سواء أثناء تخفيض سعر المخصص من هذه المادة لأغراض التدفئة ومحاولة إيصالها بسعر أقل من المعتمد رسمياً، أم بعد توحيد سعرها لجميع الاستخدامات.
ما حُرّر مؤخراً في هذا السياق هو ما يتناوله الشارع السوري هذه الأيام من أن المادة مفقودة وسعر الليتر منها يصل أرقام مضاعفة عن السعر الرسمي، ونحن نتحدث هنا عن مدينة دمشق، وليس عن المناطق غير الآمنة إذ يصل سعر الليتر فيها إلى أرقام خيالية!.
لاشك أن المادة متوفرة بدليل حركة النقل أولاً، ونشاط السوق السوداء ثانياً، وبالتالي نعتقد أنه من حقنا التساؤل حول عجز المعنيين وخاصة وزارتي النفط والتجارة الداخلية وحماية المستهلك، عن ضبط انسياب مادة المازوت بشكل طبيعي، ومنع احتكارها من بعض رموز السوق السوداء؟.
ما سبق يحرّضنا دون تردّد على الظن -يصل أحياناً إلى درجة اليقين- بتواطؤ بعض التنفيذيين والمتورّطين بمنظومة فساد واجهتها تجار السوق السوداء، وجوهرها المسؤولون عن توفير المادة وانسيابها في الأسواق من جهة، وعجز الحكومة ممثلة باللجنة الاقتصادية من جهة ثانية، عن إيجاد آلية كفيلة بحل هذه المشكلة التي على ما يبدو باتت مزمنة!.
من منطلق أدبيّات المهنة نورد معلومة لوزارتي النفط، والتجارة الداخلية وحماية المستهلك، بأن مركز انطلاق سرافيس نهر عيشة يمثل أنموذجاً مصغّراً للسوق السوداء المنتشرة في بعض أرجاء العاصمة، إذ يزخر هذا المركز بباعة متمركزين على أطرافه يتصيّدون زبائنهم المحتملين، لبيع المازوت بسعر مضاعف، وما يساعدهم على ذلك هو وجود محطة لتزويد الوقود في قلب المركز تابعة للقطاع العام وليس للخاص -على الأغلب أنها تغذي تجارتهم وتيسّر أمورهم كتجار أزمة- وبالتالي لا يتكلف أي تاجر منهم سوى أن ينقل (غالوناته) أمتاراً قليلة ليقفز السعر من (65) ليرة إلى (170) ليرة، وكأنه يستوردها من دولة مجاورة!.
فهل ابتليت وزارتا النفط والتجارة الداخلية بـ(مصيبة) علمهما بما لا يحدث، أم بـ(المصيبة الأكبر) المتمثلة بنومهما في العسل تاركتين السوق بمنأى عن أي رقيب، تكتنفه مثل هذه التجاوزات ذات العيار الثقيل!.
وجع حقيقي يعانيه المواطن بداية كل شتاء ويستصرخ دونما مجيب، وجاءت الأزمة وتداعياتها الأليمة لتزيد ألمه، ولتكون شمّاعة لتقاعس المجيب، ولكن تبقى هناك فسحة لأمل معقود على الحكومة المرتقبة عساها تستطيع تحقيق ما عجزت عنه سابقاتها!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com