الانتقال بمرحلة الإعمار إلى التنفيذ.. ودعم “حقيقي” للقطاع العام حكومة جديدة تضع المواطن على قائمة أولوياتها قولاً وفعلاً لتحسين مستواه المعيشي
دمشق – سامر حلاس:
مهما تكن الحكومة المشكلة، فالمهم ما يحتاج إليه المواطن والاقتصاد الوطني وخاصة الحياة المعيشية التي تستوجب من الفريق الاقتصادي الجديد (الاقتصاد، التجارة الداخلية، العمل، الشؤون الاجتماعية) خططاً إنقاذية لا برامج آنية لإدارة الأزمة، في ظلها –أي بالأزمة- لم نعُد بحاجة إلى خطة خمسية ولا إلى وزراء مهووسين بالـ”كميرات” والاستعراض، بل نحن بحاجة إلى وزراء كرام متواضعين متصالحين مع ذاتهم ينزلون من عروشهم ويكونون في الشارع ليروا بأمّ العين حقيقة ما يعاني منه المواطن، من غلاء في أسعار أكثر السلع طلباً وانتشار لظاهرة الغش التي طالت حتى الغذائية الضرورية.
البطالة
ومن المطالب أيضاً إطلاق برامج عديدة لمساعدة مختلف الأسر السورية حسب واقع حالها على تجاوز أي ظروف صعبة تمرّ بها، سواء من حيث تمويل مشاريع صغيرة تناسبها أو تقديم مساعدات مختلفة، وأن يكون صلب اهتمام حكومتنا الجديدة في المرحلة الأولى من عملها وضع خطة إسعافية طارئة لخفض معدلات البطالة “المستفحلة”، وإيجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل ولأولئك الخريجين الجامعيين، عبر إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، والأهم تشغيل ما يمكن تشغيله من هؤلاء العاطلين، والاهتمام بأصحاب الحرف المهنية وأصحاب الورش والمعامل الصغيرة؟!.
انقضاض
بصريح العبارة ودون مواربة نريد أن تضع هذه الحكومة المواطن في قائمة أولوياتها -قولاً وفعلاً – لتحسين مستوى معيشته، من خلال العمل الدؤوب والمتواصل كوسيلة ومنهج عمل لرفع قدرته الشرائية، مروراً برفع الطاقة الإنتاجية والتصديرية للدولة، وانتهاءً بتأسيس أسواق شعبية أنموذجية أسعارها تناسب أصحاب الدخول المحدودة، نريد حكومة “تهاجم” المشكلات، وتنقضّ على الأزمات وتبحث عن الأكفأ، تتخذ القرار الصحيح بسرعة ودون تردّد، وتخرج الاقتصاد من ارتباكه وتبث الروح في البلد الذي يحوي إمكانات بشرية واقتصادية هائلة غير مستثمرة.
المطلوب من الحكومة الجديدة أن تمثل المواطن تمثيلاً صحيحاً، لا مصلحة الـ”متنفذين”؟!.، هذا في المقام الأول، وفي المقام الثاني أن تخرج من مرحلة التخطيط والتحضير لإعادة الإعمار إلى التنفيذ الفعلي على أرض الواقع، فالتنظير في هذا المجال أشبع و”طفح كيله”، كما أن الاسترسال بإعادة وتشغيل القطاع العام وتحفيزه بات “مستهجناً”، في مرحلة نحن أحوج ما نكون فيها إلى قطاع حكومي حيوي بمؤسساته التدخّلية والتموينية، وبشركاته الإنشائية والإنتاجية.
الدعم
كما أننا بأمس الحاجة إلى دعم حقيقي بكل الأشكال (المادية، والعينية، والمعنوية) للقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وتنشيطه، حيث تباطأت الحكومة السابقة كثيراً في دعمه، رغم أهميته، وتقديم دعم أفضل للصناعة التحويلية، وإعادة تشغيل المرافق والبنى التحتية والطاقة والمياه.
سورية بحاجة إلى حكومة عبقرية فذة تبني سورية الجديدة المتجدّدة، وكما ذكرنا سابقاً نحن لسنا بحاجة إلى خطط ومخططات مستوردة، نحن نملك من الخبرة ما يكفي وقادرون على أن نصدّر التجربة السورية في أي مجال.
الجدير بالذكر أن السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد قد أصدر مرسوماً أمس الأول شكّل بموجبه حكومة جديدة برئاسة الدكتور وائل الحلقي، وقد طال التغيير الوزارات الخدمية والاقتصادية التي تتناول حياة المواطن السوري اليومية.
وطال التغيير أربع عشرة وزارة منها التجارة الداخلية والاتصالات والموارد المائية والإسكان والعمل والنقل والصحة والاقتصاد والتعليم العالي والثقافة، بينما أحدثت وزارة للتنمية الإدارية، ولعل في الوزارة الأخيرة مؤشراً مهماً على ما هو مطلوب تدعيمه بشكل عاجل لأن التنمية تبدأ أولاً من الفكر والإرادة وهما مفتاحا التنفيذ لحكومتنا ولسلطتها.