لمصلحة مَن.. عودتها إلى شركة إسمنت طرطوس؟
“فرعون”: تنجح في تخفيض التزاماتها الإنتاجية وزيادة عدد سنوات الاستثمار.. !؟
ليس بالجديد ما يدور الآن في أروقة المؤسسة العامة لصناعة الاسمنت التي تسير على خطا مثيلاتها من المؤسسات العامة التي تحاول رسم ملامح جديدة للصناعة الوطنية من خلال قلب الواقع المستوطن في شركاتها وإحداث تغييرات تحول دون سقوطها وخروجها النهائي من الخريطة الإنتاجية.
وبالعودة إلى بعض تفاصيل قضية اسمنت طرطوس التي شهدت مناوشات حادة على جبهة المصلحة العامة خلال السنوات الماضية، حيث سار الجميع في ركب المصلحة الاقتصادية الوطنية، فكلا الطرفين (الوزارة والمستثمر) كان متمسكاً بميزة الإيثار من خلال الحرص على تحقيق مصلحة الوطن ومن ثم الالتفات إلى المصالح الخاصة المتعلقة بالمؤسسة أو الشركة.
ذاكرة استثمارية
اليوم تعود قضية استثمار شركة أسمنت طرطوس إلى الواجهة من خلال إعادة تفعيل عقد المستثمر (شركة فرعون) معها الذي بدأ بالعقد رقم 26 تاريخ 10/4/2008 المتضمن التزام “فرعون” بتقديم كمية 1.450 مليون طن إسمنت سنوياً أي بمعدل 362500 طن إسمنت كل ثلاثة أشهر، كما نص أنه في حال نقصت الكمية المنتجة عن الكمية المضمونة خلال أي ربع أو خلال العام، فإن مجموعة فرعون تقوم بتأمين النقص بسعر التكلفة الإنتاجية وكل ما يزيد يتم شراؤه أيضاً من قبل المستثمر بسعر التكلفة كما يعمل المستثمر على تطوير الشركة ليصل الإنتاج في نهاية العقد إلى 2.15 مليون طن سنوياً، ولكن ولظروف قدّمها في حينه زيدت فترة العقد إلى 4.5 ومن ثم إلى خمس سنوات، وفي عام 2011 توقفت شركة فرعون المستثمرة عن العمل والإنتاج بحجة الظروف الأمنية مع العلم أنه خلال السنوات الثلاث التي عملت بها في شركة طرطوس لم تستطع زيادة الإنتاج أكثر من 1.55 مليون طن.
عقد أم صفقة
الغريب أنه رغم عدم تحقيق أي إنجاز على الصعيد الاستثماري في شركة اسمنت طرطوس، إلا أن المفاوضات مع هذا المستثمر بدأت مجدداً -حسبما أكدته لنا مصادر خاصة- منذ أكثر من شهرين في أروقة المؤسسة وأثمرت التوصل إلى اتفاق مضمونه الرئيسي تحديد الكمية الملزم بتسليمها إلى الشركة (إنتاج المضمون) بـ1.25 مليون طن وزيادة مدة الاستثمار التي بدأت بثلاث سنوات لتصل إلى 12 عاماً، وهذا ما يفرض العديد من التساؤلات، والسؤال لماذا خفضت كمية الإنتاج الملتزم بتسليمها كإنتاج مضمون من 1.45 مليون طن إلى 1.25 مليون طن بمعنى إعفائه من كمية 200 ألف طن سنوياً، وهل هذا القرار يصب في خانة المصلحة الوطنية؟
ولابد من أخذ العلم أن شركة طرطوس -قبل العقد مع شركة فرعون- كان متوسط إنتاجها سنوياً 1.36 مليون طن وفي بعض السنوات وصل الإنتاج إلى 1.4 مليون طن و1.5 مليون طن سنوياً، فما هو مبرر التعاقد مع “فرعون” إذا كانت الكمية المتفق عليها مجدداً هي أقل من إنتاج الشركة قبل التعاقد؟..
كلمة لابد منها
على الرغم من كل هذا الجدل الدائر الآن حول نجاح أو فشل التجربة الاستثمارية في قطاع الاسمنت، تبقى كلمة الفصل مرهونة بالأرقام الإنتاجية والربحية التي ترجح كفة الربح أو الخسارة في قطاع الاسمنت الاستثماري، حيث تُقدّم شركاته اليوم إلى المستثمرين على طبق من ذهب.
طبعاً نحن لسنا ضد الاستثمار في أي قطاع والتشاركية فيه، ولكننا بكل تأكيد مع الاستثمار الرابح الذي يحقق المصلحة الوطنية لقطاعنا الصناعي العام.
فهل ما يحدث هو حقاً دفاع عن اقتصاد وطني أم إنه مناورات سنوية لإضافة المزيد من الأرصدة القابعة خلف مزاد المصلحة الوطنية التي باتت دريئة لتلقي طعنات؟.
بشير فرزان