أولويات مقلوبة
تمام علي بركات
الدول التي تخوض الحروب الضروس، كالتي تخوضها سورية، تعمل عادة على إنشاء قطاع عام في شتى المجالات الحيوية، والمرافق الضرورية، في حال لم يكن يوجد فيها قطاع عام، النقل مثلاً، إلا أننا بعد أربع سنوات من حروب مفتوحة يخوضها الجيش العربي السوري على كافة الجبهات، نهمل القطاع العام، وكأنه آفة يجب التخلص منها فوراً، ولمن المصلحة في ذلك؟.. بالتأكيد ليست للمواطن السوري!.
التلفزيون الرسمي، مثلاً، يبدو وكأنه يبث من بلاد العجائب، سهرات تلفزيونية، مسلسلات بورنو، برامج لا ساق لها، ولا رأس.. إلخ، بحيث يظن من يشاهد البرامج التي تبثها قنواتنا الميمونة، بأن الحرب تدور أوارها في مناطق بعيدة ونائية عن الحدود السورية، لا في ساحة العباسيين، وجوبر، وداريا، وعين ترما، ووووو، إلا إن كان ظن القيمون على هذه المؤسسة أنهم يحاربون بدورهم أيضاً، ولكن من؟!.
وهناك احتمال آخر أيضاً، وهو أن يكون هدف من يدير تلك البرامج، والبرامج الحوارية الميتة، وبعض اللقاءات “الخبيثة”، “كالذي حصل في أحد البرامج الذي عرض لعرس جماعي لعدد من رجال الجيش العربي السوري”، هو محاولة إقناع الشارع السوري بأن الحرب تدور في مكان آخر من العالم، لا على بعد شوارع، وأمتار أحياناً في المناطق المحيطة بالعاصمة، إلا أننا وبنظرة متأملة لبعض البرامج التي من المفروض أنها تتحدث عن إنجازات جيشنا الباسل، وبطولاته، سنرى أن الصورة التي تقدمها، وتنقلها، كأنها تعادي فيمن تعادي الجيش العربي السوري أولاً.
مرة أخرى لصالح من هذا الأمر؟ وهل ما حدث ويحدث مقصود، ومتعمّد، وهذا ما أجزم به، أم أنه عن جهل مطلق، وهنا الطامة الكبرى؟!.
أربع سنوات من التدريب في مدينة سويسرية على موضوع ما كالإعلام المرئي، كفيلة بأن تجعل عديم الخبرة اختصاصياً، و”حرّيفاً”، والجاهل خبيراً، فما بالنا، ونحن نتحدث عن أربع سنوات، جرى فيها من غرائب الدهر، وعجائب الزائلين، ما لم يجر في التاريخ؟!.. فيا أيها الساقي إليك المشتكى.