مسيرة في انطاكيا تضامناً مع سورية: معاً لمواجهة تجار الحروب لافروف: لا يمكن مكافحة الإرهاب في العراق والتغاضي عنه في سورية
الغرب، والذي حاول استخدام الإرهاب لخدمة مصالحها، قام في بداية “الربيع العربي” بوصف التنظيمات الإرهابية بـ”الثورية”، وقدّم، وحلفاؤه في المنطقة، المال والسلاح لتغيير الأنظمة التي لا تروق له، لكن حينما قويت التنظيمات الإرهابية، والتي لم تطلق حتى رصاصة واحدة في اتجاه الكيان الصهيوني، واستشعرت معظم القوى الكبرى أن مصالحها باتت في خطر عمدت إلى “الاستنفار والتطبيل” والدعوة إلى محاربتها، لأنها اكتشفت أن خطر الإرهاب سينتقل إليها عاجلاً أم آجلاً، وأن الأمر أكبر من مجرد تنظيمات تكفيرية تنشر الرعب والفزع في بعض مناطق الشرق الأوسط.
ولكن المواجهة الدولية الحقيقية للإرهاب تعني فضح أي دولة تدعم أو تأوي تنظيمات إرهابية أو تقدّم لها غطاء إعلامياً، واتخاذ موقف حازم من هذه الدول، وكذلك تبادل المعلومات حول التنظيمات الإرهابية، وعدم التعامل مع عناصرها ومحاصرتها ومحاسبة كل من ينضم إليها، والسؤال: هل أمريكا، والتي صنعت تنظيم “داعش” وأطلقت إرهابه وسلطته على سورية لإسقاطها ودعمته بالمال والسلاح والتدريب والعتاد والرجال وفتحت له الباب على مصراعيه لاحتلال مناطق واسعة بغية الوصول إلى أهداف تجنيها فيما بعد، جادة حقاً في محاربة الإرهاب أم أنها تتصيّد المواقف وتتهيأ للتدخل في دول المنطقة تحت ذريعة “مكافحة الإرهاب”؟!.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وضع، بالأمس، النقاط على الحروف، وأكد أنه لا يمكن دعم مكافحة الإرهاب في العراق والتغاضي عنه في سورية، ويجب محاربة هذا الخطر باطراد ودون معايير مزدوجة ولا بد من إيجاد أساس عام يعين جميع الأطراف على مكافحة الإرهاب وتداعياته، وشدد في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية التونسي المنجي حامدي على وجوب عدم السماح للإرهابيين في سورية والعراق وليبيا ومالي وغيرهم أن يحققوا أهدافهم، والعمل في الوقت ذاته على دعم حل سياسي للأزمات في هذه الدول، وقال: إنه يجب محاربة المتطرفين ومحاربة الاتجار بالسلاح وليس الإطاحة بالأنظمة لمصالح مآرب سياسية معروفة، كما حصل في ليبيا أثناء إسقاط القذافي تحت شعار الديمقراطية.. فلا يمكن دعم المتطرفين كما كان الحال في ليبيا ثم مواجهة الانعكاسات.
وأوضح لافروف أن التفريق بين المتطرفين على أساس جيدين وسيئين أمر غير مبرر، وأن بعض الأطراف يحاولون استغلال هذا الموضوع لمصالحهم السيئة، وأعتقد أنه لا آفاق لمثل هذا التصرف، مشيراً إلى أنه لا يمكن محاربة تنظيم “داعش” في العراق، والقول بأنه لا يمكن التعاون مع الحكومة السورية لمحاربة هذا التنظيم.
وجدد لافروف التأكيد على أن موسكو تدعو إلى حل جميع النزاعات بالوسائل السياسية والسلمية والدبلوماسية وحرصها على بذل جهود مكثفة لإيجاد حل فعال في مواجهة خطر الإرهاب الدولي الذي يحدق بمنطقة الشرق الأوسط.
من جهته أكد الحامدي أن هناك مقاربة كبيرة جداً بين موقفي روسيا وتونس فيما يخص قضايا الشرق الأوسط، ولا سيما سورية وليبيا والعراق وقضية الإرهاب وكيفية محاربته، وأوضح أن الإرهاب “آفة إقليمية ودولية” ويجب أن تكون محاربتها “قاسماً مشتركاً” بين كل بلدان المنطقة بالتعاون مع المجتمع الدولي.
في الأثناء، عبّر مئات الأشخاص الذين احتشدوا في مدينة انطاكيا بالاسكندرون بمناسبة يوم السلام العالمي الذي يُصادف الأول من شهر أيلول عن تضامنهم مع جميع القوى المقاومة ضد الامبريالية وأعوانها والصهيونية في سورية وفلسطين ولبنان، ورفع المشاركون في المسيرة، التي نظمت بدعوة من التنظيمات اليسارية التركية، الأعلام السورية وصور السيد الرئيس بشار الأسد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ولافتات باللغتين العربية والتركية تشيد ببطولات الجيش العربي السوري، وأكدوا أن طريق السلام في المنطقة يمر عبر التضامن مع القيادة السورية.
وكان اتحاد نقابات العمال الثوريين واتحاد نقابات عمال القطاع العام واتحاد غرف المهندسين في تركيا واتحاد الأطباء الأتراك نظموا فعالية عند البوابات الحدودية السورية التركية طالبوا فيها بإيقاف الحروب في الشرق الأوسط، حيث اجتمعت الحشود القادمة من كل المدن التركية عند البوابات الحدودية التي تمتد على شريط حدودي طوله 911 متراً وأمسكوا أياديهم بأيادي بعض متحدين التنظيمات الإرهابية المسلحة وتجار الحروب والمحرضين عليها.
وفي طهران، أكد النائب الأول لرئيس مجلس خبراء القيادة في إيران هاشمي شاهرودي أن ما يجري حالياً في سورية والعراق ولبنان واليمن وفلسطين من صنع وتآمر نظام الهيمنة العالمي، وقال في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس خبراء القيادة السادس عشر في إيران: إن الولايات المتحدة والدول الغربية والكيان الصهيوني يقدّمون كل أنواع الدعم للتنظيمات الإرهابية والتكفيرية ويستخدمونها لتمرير مخططاتهم ومؤامراتهم وتأجيج نار الفتنة في دول المنطقة، مشدداً على أن هذه المخططات والمؤامرات فشلت فشلاً ذريعاً.
ودعا شاهرودي العلماء والنخب الفكرية في العالم الإسلامي إلى التصدي لفكر التنظيمات الإرهابية وفضحها ومواجهة الأخطار والتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية وفضح أهداف أمريكا وحلفائها في المنطقة.