بعد إعدام صحفي أمريكي ثان.. والتهديد بقتل رهينة بريطاني أوباما وكاميرون يعدان العدة لمواجهة "داعش".. ومراقبون يشككون بجديتهما
خطر التنظيمات التكفيرية يهيمن على قمة الناتو.. والدنمارك تنضم لـ”جوقة المحذّرين”
بعد إقدام تنظيم “داعش” الإرهابي على إعدام صحفي أمريكي ثان، استيفن سوتلوف، وذلك بعد أيام من ذبحه الصحفي الأمريكي جيمس فولي، والتهديد بقتل رهينة بريطاني، دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لعقد اجتماع مع لجنة الطوارئ الأمنية لمناقشة التطورات الأخيرة والتهديدات المتزايدة، التي تشكلها التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق، فيما أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن التنظيم المذكور يشكل تهديداً على كل الدول، واعتبر في مؤتمر صحفي عقده في تالين مع نظيره الأستوني توماس هندريك ايلفيس أن “موقف بلاده كان واضحاً منذ دخول تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى الموصل، وتمّ وضع استراتيجية منذ ذلك الحين تسعى في البداية إلى التأكد من حماية الأمريكيين في العراق والعمل مع العراقيين لتشكيل حكومة عملية تشمل الجميع وتخدم كأساس وقاعدة للعراق للدفاع عن نفسه”، حسب قوله.
وأشار أوباما إلى أن “اعتماد استراتيجية عسكرية في سورية قد تتطلب موافقة الكونغرس لكي تكون النتيجة مجدية وفعالة”، وأعرب عن رغبته في أن يعمل حلف شمال الأطلسي على إنشاء شراكات إقليمية تتمكن من مواجهة تنظيم “دولة العراق والشام” الإرهابي والشبكات الإرهابية التي تنشأ وتؤثر في استقرار الدول في المنطقة، معتبراً أن “العمل مع المجتمع الدولي سيمكن من التضييق على تنظيم داعش الإرهابي ومن قدراته العسكرية ومن التمويل الذي يحصل عليه ومن التأثير والتهديد الذي يشكله”.
ويؤكده العديد من مسؤولي الدول الفاعلة في العالم، والتي تعمل وفق منطق القانون الدولي، أن أوباما مازال يتخبط في تلمس خطوات الطريق الصحيح لمكافحة هذا التنظيم، إذ لا يمكن دعم مكافحة الإرهاب في العراق والتغاضي عنه في سورية، والتعامل بمعايير مزدوجة في هذا الموضوع، فيما يشير مراقبون إلى أن واشنطن تحاول المواربة أمام الرأي العام العالمي، والتهرب من تحمّل مسؤوليتها المباشرة عن ظهور هذا التنظيم وتمدده في سورية والعراق نتيجة سياساتها الداعمة للإرهاب في المنطقة، ورفضها التعاون مع المجتمع الدولي للتصدي له، وعملها على تجنيد التنظيمات الإرهابية ورعايتها لتحقيق أجنداتها في المنطقة.
وينتقد محللون وسياسيون ومسؤولون غربيون عدم وجود استراتيجية واضحة لدى الولايات المتحدة لمواجهة هذا التنظيم الإرهابي، الذي يمارس القتل والإجرام في سورية والعراق، ولم يسلم منه حتى ممولوه وداعموه الأساسيون من الأوروبيين والأمريكيين، ويؤكدون أن الولايات المتحدة لن تستغني عن “داعش” وجبهة النصرة الإرهابيين وغيرهما من التنظيمات الإرهابية التكفيرية باعتبارها أدوات فعالة لإسقاط الدول والقوى المعادية لها، ويضيف هؤلاء: إن الحلف الذي تنوي واشنطن بناءه ضد الإرهاب هو مقصود لذاته لإدامة الحرب لا لإنهائها، وإذا كانت مضطرة إلى توجيه ضربات محدودة فهي لمنع تنظيم داعش من التمدد خارج الخطوط المرسومة.
وقال وزير الخارجية فيليب هاموند إثر اجتماع أزمة وزاري: إن لندن ستبحث “كل الخيارات المتاحة” للمحافظة على حياة الرهينة البريطاني، وأضاف: “إذا رأينا أن الضربات الجوية يمكن أن تكون ذات جدوى فإننا سنفكر فيها بالتأكيد، لكننا لم نتخذ بعد أي قرار في هذه المرحلة”.
وبعد جريمة قتل الصحفي سوتلوف البشعة والهمجية، عنونت صحيفة التايمز: “القادم سيكون بريطانيا”، وما زاد من الشعور بالفزع، الذي عبر عنه رئيس الوزراء والصحف، أن الضحية القادم وأيضاً جلاده يمكن أن يكونا بريطانيين، فقد قدّم الرهينة المهدد بالقتل على أنه ديفيد كاوثورن هاينز، فيما تحدّث الرجل الملثم، الذي قام بذبح سوتلوف، بلكنة انكليزية، وهو نفسه الذي ظهر في الفيديو السابق الذي يصوّر ذبح الصحفي الأميركي الأول جيمس فولي.
وتشير وسائل الإعلام البريطانية إلى أن الفاعل في الحالتين يمكن أن يكون من أبناء لندن أو جنوب انكلترا، وقد عرف نفسه باسم “جون”، واعتبر كاميرون أن تنظيم “داعش” يمثل “أسوأ تهديد للأجيال القادمة”.
وتقدّر الحكومة عدد “الجهاديين البريطانيين” في سورية بـ 500، وهي تخشى عودة هؤلاء إلى بلادهم، والتي دعمتهم، بالتعاون مع أمريكا وفرنسا وتركيا والسعودية وقطر، تمويلاً وتسليحاً وتدريباً، عندما كان هؤلاء الإرهابيون يقتلون السوريين فقط، وكان يتمّ الترويج لهم في العواصم الغربية على أنهم “دعاة الحرية والديمقراطية” أو”المعارضة المعتدلة”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعرب عن “سخطه” لإقدام تنظيم “داعش” على قطع رأس سوتلوف، وقال خلال زيارة إلى نيوزيلندا: نحن جميعاً ساخطون للمعلومات الواردة من العراق بشأن جرائم رهيبة يرتكبها بحق مدنيين تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك الذبح المروع لصحفي آخر.
إلى ذلك، أكد رئيس لجنة السياسة الخارجية في الحزب الشيوعي التشيكي ميلان كرايتشا أن السياسات الامبريالية للولايات المتحدة هي المسؤولة بشكل أساسي عن تصاعد وانتشار الإرهابيين في منطقة الشرق الأوسط، واعتبر أن هناك صلة بين غزو واحتلال العراق عام 2003 وبين محاولات العبث في استقرار وأمن سورية في الوقت الراهن، ما أدى إلى تصاعد القوى والتنظيمات الإرهابية في كلا الدولتين، وقال: إن الدعم الذي تقدّمه الولايات المتحدة وحلفاؤها في منطقة الشرق الأوسط بشكل مباشر وغير مباشر للقوى الإرهابية التكفيرية تمّ إثباته وبشكل متكرر، داعياً إلى الحد من هذا الدعم من أجل القضاء على القوى الإرهابية والتكفيرية في المنطقة.
وأكد وزير الدفاع التشيكي مارتين ستروبيتسكي أن بلاده تعتبر توسّع وتمدّد التنظيمات الإرهابية خطراً جدياً يهدد أوروبا، مشيراً إلى أن على قمة حلف “الناتو” أن تتخذ موقفاً محدداً من هذا الأمر، وأوضح أن قمة الحلف ستشهد نقاشاً حول التنظيمات الإرهابية المتطرفة، التي تسعى لإيجاد ما يسمى “الدولة الإسلامية”، باعتبارها تمثل تهديداً لأوروبا، ينتشر من المغرب حتى شمال العراق، وينشئ منطقة صراع مجاورة بشكل مباشر للدول الأوروبية.
في الأثناء، أشار جهاز الاستخبارات الدنماركية “بي. أي. تي” أن 100 دنماركي سافروا إلى سورية للانضمام إلى صفوف التنظيمات الإرهابية المسلحة فيها، وأكدت صحيفة كوبنهاغن بوست أن الدنمارك تأتي في المرتبة الثانية بعد بلجيكا في الدول الاسكندنافية من حيث عدد الأشخاص الذين انضموا إلى صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية، بينما تحتل دول اسكندنافية أخرى مثل النرويج والسويد المرتبتين الخامسة والعاشرة على التوالي في هذا الشأن.
وحذّر الباحث النرويجي توماس هيغهامر من أن نسبة مشاركة الدنماركيين في التنظيمات الإرهابية التي تقاتل في سورية مثيرة للقلق، في حين أشار الباحث بيتر نيومان من المركز الدولي لدراسة التطرف إلى أن 30 بالمئة من النساء الغربيات اللواتي انضممن إلى صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية يأتين من السويد.
ووفقاً لإحصاءات غربية هناك آلاف الإرهابيين الأجانب الذين انضموا إلى صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق بينهم 1500 بريطاني و14 ألف شيشاني.
واعتقلت شرطة البوسنة 16 شخصاً بتهمة تمويل أنشطة إرهابية وتجنيد إرهابيين والانضمام إلى صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق، وقالت وكالة التحقيقات وحماية الدولة في البوسنة: الاعتقالات جرت خلال 17 عملية مداهمة نفذتها الشرطة.
وهذه أول حملة أمنية تجري في البوسنة الواقعة في منطقة البلقان منذ نيسان الماضي، حين سنّت السلطات البوسنية قانوناً جديداً يقضي بالسجن لفترات تصل إلى عشر سنوات لمواطنيها الذين يقاتلون في الخارج أو يجندون أفراداً للانضمام إلى تنظيمات إرهابية.
وتشير تقديرات الاستخبارات البوسنية إلى أن نحو 150 مواطناً بوسنياً انضموا إلى صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية.
وتعهّد الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف بالرد بكل حزم على إرهابيي تنظيم “داعش” الإرهابي، الذين هددوا بشن حرب في القوقاز، وقال في تصريحات على موقع التواصل الاجتماعي “اينستغرام”: إن أولئك الذين تجرؤوا على إطلاق تهديدات ضد روسيا سيتم القضاء عليهم هناك، حيث أطلقوا هذه التهديدات، ولن ننتظر إلى أن يجلسوا إلى مقود الطائرة، بل سيذهبون إلى حيث يرقد إخوتهم الإرهابيون من أمثال خطاب وأبو الوليد وغيرهما من مبعوثي الغرب.
وأشار قاديروف إلى أن إرهابيي “داعش” في سورية أطلقوا تهديدات طفولية ببدء حرب في الشيشان وفي القوقاز، لكنهم لا يتحدثون إلّا بما يكلفهم به أسيادهم في المخابرات الغربية، وقال: إن هؤلاء بإمكانهم أن يجلسوا في ألفي طائرة بيد أنهم لن يصلوا إلى روسيا أبداً، وتابع: إن لدى روسيا أبناءها الجديرين بها والمستعدين لتنفيذ أي أوامر بكسر رقبة أي عدو في جحره في أي مكان كان، لافتاً إلى أن الإرهابيين في سورية والعراق ليس لهم أي قيمة وسينهون حياتهم تحت أشعة الشمس اللاهبة وستحتضنهم نيران جهنم منذ اللحظة الأولى لهلاكهم.
وفي سياق متصل، أعلن ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي أن تهديدات إرهابيي “داعش” ضد روسيا تشكل في الوقت ذاته تهديدات ضد أوروبا أيضاً، التي يتواجد فيها الكثيرون من مؤيدي “الخلافة”، وقال: إن هناك معطيات تفيد أن إرهابيي “داعش” يتألفون بنسبة ثمانين بالمئة من المسلحين الأجانب، ولفت إلى أن خطر إرهاب التنظيم لا يقتصر على سورية والعراق فقط بل على كل الدول، بما فيها الإسلامية أيضاً، موضحاً أن “الخلافة” التي أعلنها هذا التنظيم الإرهابي لا تقتصر على أراضي العراق وسورية بل هي عالمية، حسب رأي أصحابها، ولذلك يجب النظر بجدية إلى التهديد بشن هجمات إرهابية في القوقاز.