أتخمته الدراسات التطويرية المؤجلة لسنوات على حساب العائدات قطاع النقل البحري ينتظر الإقلاع بمشروعات وإجراءات دعم الإنتاجية والتنافسية
لم يعد اجتراح الحلول للنهوض بقطاع النقل البحري أمراً ملحاً ومبرراً خلال المرحلة الحالية لأنه استنفد الكثير من الوقت على مدى سنوات ماضية أتخمت بالدراسات والتصورات والرؤى “التطويرية المستقبلية” التي باتت محفوظة عن ظهر قلب حتى ما قبل الأزمة ليبقى هذا القطاع بشركاته ومؤسساته ومرافقه أمام عقبات عالقة أعاقت دوره الاقتصادي والخدمي والملاحي، وحدّت بشكل ملموس من خدماته وإيراداته كما انعكست على العائدات والمؤشرات المأمول تحصيلها بتواتر متزايد ومتسارع.
وينتظر قطاع النقل البحري خطة تطويرية موعودة أفصحت عنها وزارة النقل مراراً وتكراراً لسنوات متعاقبة لوضع هذا القطاع الحيوي الهام على المسار الذي يجعل منه قاطرة تنموية تدعم الاقتصاد الوطني وتضعه في مقدمة حوامل التنمية في المنطقة الساحلية عبر تحقيق البعد الاجتماعي وتلازمه مع البعد الاقتصادي في كل مشروعاته وخططه وبرامجه، وهذا الانفراج التنموي والاستثماري المأمول من المنتظر أن يكون في أولوية اهتمام وزير النقل الجديد الذي خبر هذا القطاع وعايشه في العمق.
وإذا ما أجرينا استعراضاً سريعاً لصعوبات قطاع النقل البحري، نجد أن مرفأ اللاذقية يفتقر لأرصفة بأعماق كافية لاستقبال السفن ذات الغواطس الكبيرة وللإسراع بأعمال إنجاز نظام الأتمتة المرفئية وعدم وضعه في التشغيل وافتقار المرفأ لروافع الأرصفة بقدرة 16 طناً، إضافة إلى الروافع الموجودة لدى المرفأ وضعف فاعلية وسائل الأمن الصناعي والتأخير الذي تسبّبه التحاليل المخبرية للبضائع الواردة إلى المرفأ، ما يبعد المرافئ السورية عن دائرة المنافسة مع المرافئ المجاورة نظراً لوجود تسهيلات في تلك المرافئ تختصر الزمن اللازم للتحاليل وضرورة إعادة النظر بمحطة الحاويات، والتأكيد على أهمية استقطاب خطوط ملاحية جديدة والتوسع بالخدمات المرفئية التي تساعد على زيادة الإنتاجية ومنها خدمات تناول (الأقطرما) وتوسيع المرفأ لزيادة الطاقة الإنتاجية وحركة التجارة البحرية ورفع الكفاءة التشغيلية لعمليات تناول البضائع، وضرورة رفد المرفأ بآليات التناول المتخصصة الحديثة.
أما شركة التوكيلات الملاحية فتحتاج إلى تعديل التعليمات التنفيذية المتعلقة بنقل البضائع في الحاويات ودعمها لتكون وكيلاً حصرياً للسفن التي تحمل بضائع للقطاع العام بصرف النظر عن شرط الشحن في الصادر والوارد، وعدم الترخيص للوكيل الملاحي بممارسة عمله ما لم يتقدم بعقد موقع مع خط ملاحي على الأقل، وبشرط ألا تكون من الخطوط التي تتعامل مع شركة التوكيلات الملاحية. أما بالنسبة للمؤسسة العامة السورية للنقل البحري فإن متطلبات تطوير عملها تتجلى في استثناء المؤسسة من التعليمات والتعاميم التي تحدّ من المرونة التي تحتاجها في عملها كي تتمكن من اتخاذ القرار بالسرعة المطلوبة ووفقاً للظروف التي تحكم طبيعة تنفيذ الخطة السنوية، والعمل على إلغاء الاستثناءات التي تحصل عليها مؤسسة النقل البحري والتقيّد بتعليمات رئاسة مجلس الوزراء بهذا الخصوص. أما المديرية العامة للموانئ فإن أولويتها تكمن في تطوير عملها وفي إعادة هيكليتها الإدارية بما يمكنها من الارتقاء بالأداء وتحسين جودة الخدمات وتسريع وتيرة إنجازها، وأيضاً تحفيز كوادرها العاملة ورفد المديرية بالتجهيزات والمعدات الضرورية للتوسع المستمر في عملها البحري كونها الجهة المعنية بمراقبة الشواطئ ومتابعة شؤون البحارة والملاحين والصيادين، وتأمين العديد من الخدمات للسفن والعائمات البحرية، وكما هو معروف فإن قطاع النقل البحري ارتكز في خطته المنفذة على استثمار وتشغيل نفس البنى التحتية والتجهيزات المتوفرة المتاحة في مؤسساته منذ عدة سنوات، لأن أي مشروع جديد لم يدخل إلى هذا القطاع الذي يعدّ من أكثر القطاعات تضرراً من الأزمة الراهنة التي تمر بها سورية وبفعل العقوبات الاقتصادية الغربية الجائرة، وبالتالي ما نأمله ألا يطوي العام 2014 صفحته دون أن يحمل جديداً لقطاع النقل البحري بدءاً من مشروع توسيع مرفأ اللاذقية الذي تمّ التداول فيه مطولاً في الاجتماعات والندوات واللقاءات الوزارية والمحلية، وهذا المشروع يجده مرفأ اللاذقية مشروعاً استراتيجياً بالغ الأهمية لاستيعاب الطاقات الإنتاجية المتزايدة وللتمكن من مجاراة المرافئ الأخرى ومنافستها في منظومة النقل والشحن والتجارة البحرية، والأمر نفسه ينسحب على مشاريع الإدارة الإلكترونية للمرافئ ومؤسسات النقل البحري والربط الشبكي وتأهيل الحوض القديم للمرفأ.
اللاذقية- مروان حويجة