ثقافة

مهــرجـــــــان ســــــــورية الخيـــــر… إيقاعــــات تراثيــــــة ونشــــــــاط خيــــــــري

نبضات تراثية وموسيقية وإيقاعات فنية شعرية ممزوجة بعبق الأرض ومحملة بشغف وعشق سيدات سوريات لوطنهن، رسمن حبهن لوحات من عطاء على أرض التكية السليمانية في دمشق واحتواهن “مهرجان سورية الخير” الذي انطلقت فعالياته أمس تحت رعاية وزارة السياحة ووزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع مجموعة سيدات سورية الخير وضم المهرجان بازاراً خيرياً ومعرضاً بعنوان “الحضارة والجمال” وآخر توثيقاً بعنوان “ذاكرة وطن” وعُرض فيلم بعنوان “حكاية الأزل” إضافة إلى عزف مقاطع من الموسيقا التراثية ومعروضات فولكلورية، حيث أكد رامي مارتيني معاون وزير السياحة سعي الوزارة الدائم لرعاية الفعاليات الوطنية مضيفاً: نحن اليوم نؤكد على أهمية الدور الاجتماعي والخيري وعلى الوحدة الوطنية والمحبة والتسامح، وهذا جزء مهم من برنامج الترويج الذي تتبعه وزارة السياحة. كما اعتبر مارتيني أن الاستمرار في هذه النشاطات دليل على أن سورية بخير مهما أصابها من ألم وجراح وأنها بفضل أبنائها من شباب وسيدات وكادحين ستتعافى. كما تحدث عن الجهود التي تبذلها الوزارة في جميع المحافظات من خلال إقامة المشاريع وبناء المنشآت الجديدة وتأهيل القديمة، مشيراً إلى أن ذلك سيشمل جميع المحافظات بعد أن تستعيد أمانها بشكل كامل.
اعتبر وسيم الدهنة معاون وزيرة الشؤون الاجتماعية أن المهرجان الذي تنظمه سيدات سورية الخير في غاية الأهمية لأن هذا الفريق التطوعي أثبت دوره بالفعل على أنه شريك أساسي لوزارة الشؤون الاجتماعية في الحقل الاجتماعي. ورأى الدهنة أن إقامة البازار الذي سيذهب ريعه لأسر الجرحى والشهداء يحمل العديد من الأبعاد في مقدمتها مفهوم الاستجابة في الأزمة وتوفير فرص العمل للأسر وبنفس الوقت تلبية احتياجات المستفيدين.

تنشيط الحراك السياحي
بينما رأى بسام بارسيك مدير الترويج والتسويق السياحي في وزارة السياحة أن هذا المهرجان هو لبنة وخطوة أولى من لبنات إعادة الإعمار وتنشيط الحركة الاقتصادية وهو مساهمة بسيطة تجاه أسر الشهداء والجزء الأكبر من العمل قامت به مجموعة سيدات سورية الخير، وأضاف بارسيك أن هذه الأنشطة تساهم بشكل كبير في تنشيط الحراك السياحي الداخلي فتوافد الناس لهذا الموقع العريق الموجود ضمن مدينة دمشق ينشط الحركة السياحية الداخلية التي ستكون الركن الأساسي في عملنا وقد بدأنا بعدة خطوات لتنشيطها كمشروع “سورية تشرق من جديد” وهو مشروع أطلقته وزارة السياحة من العام الماضي.

المرأة السورية صامدة
وعن خصوصية المهرجان واختيار التكية السليمانية كمكان له أوضحت السيدة جانسيت قازان رئيسة مجموعة سيدات سورية الخير أن المهرجان يقام في مكان أثري هام من آثار دمشق لما له من مكانة ودلالة كبيرة وللتأكيد على الصمود السوري وعلى صمود المرأة السورية، فأم الشهيد لم تعتنق الحزن بل قدمت كل الطاقات الخيرة لوطنها على الرغم من أنها فقدت ابنها ولكنها لاتزال تمتلك وطناً واليوم تشارك معنا سيدات وأمهات شهداء من طرطوس وحلب جاؤوا للتأكيد على حبهم لوطنهم كما سيعود ريع المهرجان لجرحى الجيش العربي السوري.
وعما يضمه المهرجان من فعاليات ذكرت قازان أن هناك لوحات من ذاكرة الوطن تضم لوحات لمحافظة حماة يعرضها الأستاذ مؤيد العضم ويقارن فيها بين حماة القديمة والحديثة وكذلك هناك معرض تصوير ضوئي لمجموعة من الفنانين وقاعتان للبازار الخيري وقاعة للتراث السوري تضم الأدوات المستعملة وعرض المهن اليدوية كمحاولة لإحيائها بالإضافة إلى جلسات موسيقية لمقطوعات تراثية، ووعدت قازان بأن يكون هذا المهرجان سنوياً.

نبض الأرض
من جهتها اعتبرت إلهام سلطان المسؤولة الإعلامية والثقافية في مجموعة سيدات سورية الخير أن اسم المهرجان يحمل المعاني الكبيرة لسورية الجمال والحب والألق والتاريخ، فسورية هي من رسمت التاريخ وسترسم المستقبل، وهي الرقم الصعب والعلامة الفارقة التي تمتلك جذوراً حضارية كبيرة، ونحن ركزنا من خلال المهرجان على أهمية التراث وصنع الذاكرة. ونوهت  بوجود الربابة الكبيرة في المهرجان للدلالة على أن أبجديتنا هي أبجدية الغناء والموسيقى، وهي السلاح الذي سنواجه به العالم وليس القتل والإرهاب، وتابعت سلطان: نحن أمهات الوطن.. نحن سنابل القمح.. نحن ياسمين الوطن وسوره ونبض الأرض، سنبقى مع الوطن لآخر خفقة في القلب.
وفيما يخص فيلم “حكاية الأزل” الذي أعدته سلطان أوضحت أنه يحكي قصة سورية رمزية عن نسر عشق ياسمينة واجتمعا على حب الوطن حتى الثمالة وكوّنا حضارة باقية للأزل ومدته 9 دقائق وهو بصوت الإعلاميين هيام الحموي وجمال الجيش.

ذاكرة وطن
وخلال المهرجان ألقت الشاعرة دلال عاقل مجموعة قصائد لها منها “أسرار الصمود” و”آس وغار” وأشارت إلى أنها تواجه بكلماتها الحرب القذرة التي تمارس على الوطن وعلى أبناء دمشق التي ابتدأ بها التاريخ.
كما وأكدت السيدة رحاب الخجا من مجموعة سيدات سورية الخير أن المهرجان يقدم محتوى ثقافياً يتعلق بذاكرة وطن. والبازار الخيري خاص بالسيدات والنساء وبكل امرأة وفتاة، ولم تقدم فيه أي علامة تجارية فهو يتعلق بالمرأة وعملها المنزلي وبكل مهنة يدوية ابتدأت تأخذها منها الآلة وهناك تقريباً حوالى 50 مشاركة في هذا البازار.

للعربية نصيب
و لم ينس المهرجان أن يسلط الضوء على اللغة العربية باعتبارها الهوية والتاريخ فخصص ركناً لها لتأكيد أهميتها وقد رأت رانيا الخيرات من الحملة الأهلية لتعزيز اللغة العربية أنها ليست مجرد لغة بل هي عالم كامل وهي اللغة الأم لكل مواطن عربي شريف، واليوم نسعى لإظهار جماليتها ولكي نحسن ونطور ونصحح الأخطاء الشائعة من خلال مجموعة محاضرات وبروشورات لتعزيز أهمية اللغة العربية ولتخريج جيل واثق متكمن من لغته.

فن وتراث وطفولة
وعن مشاركته في المهرجان قال الفنان محمد نذير البارودي: شاركت بـ 14 لوحة تراثية رسمت فيها الأوابد الدمشقية، والفعاليات القديمة في دمشق القديمة، والحرف اليدوية، والبائعين المتجولين، وهي بمثابة نوافذ على دمشق القديمة، فمن يمتلك الموهبة والذاكرة، عليه تقديم خبرته للجيل القادم، كما أكد الفنان التشكيلي علي عجيب حرصه على المشاركة في كل حدث ثقافي، للتأكيد أننا بثقافتنا وفننا نقاوم الهجمة الإرهابية، وكذلك لإظهار الأشياء التي يمكن استخدامها من الطبيعة، وتحويلها لأشياء جميلة تعبّر عن حضارتنا.
وعبّر هيثم طباخة، المشارك في قسم التراثيات، عن اهتمامه بالتراث الدمشقي الذي عاش تفاصيله، وتمنى أن يبقى متواجداً، ومحفوراً في الأجيال القادمة.
وكانت لنا وقفة مع أصغر مبدع مشارك في المهرجان، هو الطفل محمد جاسم العبيد الذي يشارك في كورال وزارة التربية السورية، إضافة للرسم، يقول العبيد: مشاركتي اليوم بمثابة رسالة للعالم بأن سورية بخير، وأن فيها أطفالاً مبدعين، لأن الإبداع هو من ينتج الحضارة، والحضارة والخير كانت على الدوام رسالة سورية لكل العالم.
كما كان للفنانة سلمى المصري حضورها في المهرجان، وخلال لقائنا بها أكدت أن جمال المهرجان يتمثل في فعالياته المتنوعة، ومن ضمنها البازار الخيري، واعتبرت المصري أن هذه النشاطات تمثّل دعماً كبيراً للمرأة السورية التي تمتلك الخبرة في الإدارة، وفي كل مجالات الحياة، وهذا تشجيع لها، ومن خلاله تستطيع أن توفر مردوداً مادياً لها ولعائلتها، والأهم أن ريع البازار سيذهب لأسر شهداء وجرحى جيشنا العربي السوري.

«جدايل سورية»
وخلال التجوال في قاعات المهرجان، لا يسع الزائر تجاهل القطعة الفنية الفريدة «جدايل سورية.. لوحة المستقبل»، وهي لوحة جدارية بدأت سيدات سوريات العمل بها منذ عام 2011، وانتهت عام 2014 اعتماداً على خطة مسبقة، وبالإبرة والخيط، والأيادي الناعمة العنيدة رسمت مستقبلها لصناعة مجتمع تربطه علاقات متينة غير قابلة للفصم على أرضية الوطن، وتحت راية العلم السوري، واللوحة، كما تقول سحر البصير، هي عبارة عن مجموعة جدائل لسيدات سوريات قصصن جدائلهن احتجاجاً على قرار إخراج سورية من الجامعة العربية، فكما هو معروف قص شعر المرأة دلالة على أنها تتخذ قرار مواجهة، أو تحث الرجال على حماية الوطن.

لوردا فوزي