هذا الساحر الخطير في جيوبنا!
أكرم شريم
يكاد يصبح من الملفت بالدرجة الأولى في العالم كله، هذا التسارع الكبير في الاختراعات الالكترونية في جهاز الكمبيوتر بدءاً من الأجهزة الكبيرة التي تملأ الغرف وتراقب ما تريد في كل أنحاء العالم وقاراته وبحاره وسمائه، إلى الأجهزة الصغيرة – اليدوية – والتي تملك من القدرات والمعلومات ما تشيب له الرؤوس (قبل مئة عام) لو حدثت هذه الاختراعات في زمانهم.
وما أحلى الأطفال، وما أخطر هذه الأجهزة على الأطفال في الوقت نفسه، حين تراهم يجلسون أمام هذه الأجهزة وكأنهم علماء متخصصون، وفي كل شيء .. فهم يريدون أن يعرفوا ويطلعوا وفي الوقت نفسه يتسلون بما يرون ويعرفون! وقد رأيت أكثر من مرة هذا المشهد؛ طفل صغير يدير الجهاز ويتفرج عليه وأمه تعمل في المنزل أو الصيدلية، وتمر ساعات وربما أكثر وهي تطلب الهدوء والراحة بانشغاله وهو لا يعر ف ماذا يرى أو سيرى وماذا سيحدث به ومعه وفي مستقبلة مما يرى أو سيرى.
ولا شك أن هذا التطور المتسارع في هذه الأجهزة يندر أن يستطيع أي كان متابعته أو شراء آخر ما يحدث فيه في العالم من وظائف جديدة تدخل جهازه اليدوي أو جهاز غيره، فهو تسارع دائم التجدد وتقديم الخدمات الجديدة للمستخدمين، وما نريد قوله هنا أن هذه الأجهزة الساحرة والسحرية في وقت معاً، قد تصل في يوم من الأيام أو في يوم قريب إلى تخزين معلومات مهندس البناء كمثال فنصير نعرف كل المعلومات لإنشاء بناء دون مهندس، لا.. لا تستغربوا أو تتفاجأوا، فنحن قد لا نحتاج معلومات مهندس البناء، أو غيره ولكننا نحتاج وحاجة ماسة وبشكل مؤكد وكمثال أيضاً، معلومات الطبيب. نعم ! بل كل معلومات الطبيب وبكل الاختصاصات، ولهذا يمكن تخزينها كلها، ثم طلب ما نريد منها بواسطة جهازنا اليدوي، الساحر والسحري، وأقولها وأكررها لأنه يقترب من أن يصبح كذلك حتى في حياتنا المعاصرة وبكل ما فيها من اختراعات عظيمة ومذهلة ومستمرة التطور والتحديث. إذن ماذا سيحدث إذا كنا نملك كل معلومات الطبيب وأقول كمثال وللمرة الثالثة، من المؤكد أننا سنستعملها، بل سنصبح قادرين على استعمالها متى شئنا. فأنت حين يصيبك عرض أو مرض، أنت أو أحد أبنائك أو أقربائك فلا تحتاج حينئذ سوى أن تشغل (الموبايل) في يدك وتجعله يحس أو ينظر أو يخترق الملابس بنظرة أو يلمس مكان المرض أو يقيس وإلى آخر ما يجب عليك عمله أنت والموبايل وما يوجد فيه من قدرات فيخبرك بما لديك من المرض وتكبس الزر الآخر فيعطيك اسم الدواء المطلوب. وإذا احتاج الأمر إلى صورة شعاعية فإنه يكون قد صورك وأخبرك بما فيها، وبهذا يغلق كل الأطباء عياداتهم وفي كل أنحاء العالم.
ونسارع فنقول ولكي لا ينزعج منا أحد من الأطباء أو الممرضين والممرضات فنقول: من المؤكد أن جهاز الموبايل قد لا يستطيع القيام بالعملية الجراحية لهذا فمن المؤكد مرة ثانية وثالثة وأطمئنوا سيبقى للطبيب عمل ولكن ربما في المشفى كجراح وربما يبقى للمهندس المعماري عمل أيضاً، كمراقب أجهزة كمبيوتر كونه يفهم في الهندسة المعمارية وهكذا تكون النصيحة اليوم، وأنا أسامح من اتهمني بالغفلة عن الحقائق أو الإزعاج، أن هذا الجهاز اليدوي الصغير سيعرف في قادم الأيام كل شيء، وربما يصير يعرف ما لا نريد له أن يعرف ويعمل ما لا نريد له أن يعمل، (بواسطة تشغيل جهاز غيرنا علينا)، وفي النهاية نصير نحن نذهب إلى الطبيب بسببه!