نقطة ساخنة كابوس المازوت
غش وتلاعب واحتكار.. وازدحام شديد، هو المشهد الأكثر رواجاً على محطات وقود “المازوت”.. والأكثر تكراراً في بداية فصل كل شتاء منذ بدء الأزمة.
ما يضني، مرور أربع سنوات والحلّ مازال مفقوداً؟!، رغم توفر المادة في أحايين كثيرة، إلا أن كل ما يمكن استنتاجه، أن ضعاف النفوس الانتهازيين “المهرة” -وللأسف- انتصروا! عرفوا من أين تؤكل الكتف، من زاوية الرقابة وانعدام المحسوبية.. الجهة الأكثر ارتخاءً وتسيّباً في جهازنا الحكومي.
فالحكومات السابقة لم تدخر جهداً إلا وبذلته لتأمين السلعة الأغلى في سورية “المازوت”، كونها وقوداً للتدفئة والنقل والصناعة، غير أنها بعيدة عن متناول عامة المواطنين، وعلى حدّ تعبير صديق صحفي من بلد عربي عندما قال لي: إن الناس لدينا معها المال وبكميات كبيرة لكن لا قيمة لها طالما أن السلع والمواد غير متوفرة في الأسواق ؟!.
نعم.. جعل المفسدون (تجاراً ومتنفعين موظفين) فصل الشتاء كلّما اقترب كابوساً في عيون أصحاب الدخول المحدودة، وأصبحت أدوات المواجهة جاهزة لأي سيناريو تخطط الحكومة لتنفيذه لتوزيع المادة على العائلات.
ففي حال التوزيع عبر البلديات هرع هؤلاء الفاسدون -العام الفائت- لشراء ذمم بعض موظفي تلك الجهات لاقتناص ما يمكن اقتناصه من هذا الكنز الثمين “المازوت” الذي يدرّ لهم موسمياً مئات الملايين من الليرات، وعندما قرروا اعتماد “القسائم” استغلوا حاجة الفقراء للسيولة واشتروا دفاتر “بوناتهم” وأخذوا يبيعونها على قارعة الطرق “واضعين أيديهم وأرجلهم بالماء البارد” بأن لا حسيب ولا رقيب يتابع تجاوزاتهم؟!.
وبسبب مهارة تجار سوق “المازوت” السوداء، وقع المحافظون بحيرة شديدة، والدليل أنهم صرحوا عن أكثر من وسيلة للتوزيع، فأول مرة تحدثوا عن الاستمرار من خلال البلديات كما كانت في العام الماضي، ومن ثم كلفوا “المخاتير” وألغوا الفكرة بعدها بيومين، مشيرين إلى أفضلية التوزيع عبر صهاريج “سادكوب” بالعبوات البلاستيكية “بيدونات”، ليرسوا في نهاية المطاف على تخصيص محطات لتقوم بمهمة التوزيع وأن يتم التسجيل من خلالها؟!!.
ثمّة قصة سمعت بها تتحدث عن اختلاف أبناء أسرة ريفية في اليابان حول لون القط الذي سيشترونه للقضاء على فأر تسلّل إلى منزلهم، فالأول أراد أن يكون لونه أبيض والثاني زاهياً والآخر مبرقعاً، فصرخ الوالد بهم بعد أن احتد النقاش بينهم، قائلاً: “لا يهم ما لونه وحجمه وشكله.. المهم أن يقضي على هذا الفأر”.. ونحن بدورنا نحتاج إلى رقابة صارمة رادعة تقضي على سوق “الوقود” السوداء، وتحدّ من الجشع المفرط للمارقين، ولا يهم وسائل إيصال المادة حتى لو كانت عبر “طنابر الأحصنة” بقدر ما يهمنا مكافحة الفساد في توزيعها.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com