اقتصاد

نقطة ساخنة عليل “الصحي” عليل..!!

بهدف التذكير أولاً..، علّنا لا ننسى وينسى من أعدّ القانون رقم 43 الذي صدر بتاريخ 6/5/2005 وقضى بإحداث شركات تأمين خاصة، من ضمنها شركات تأمين صحي، وما جاء بعده من مرسوم تشريعي رقم 65 لعام 2009 الذي سمح للجهات العامة بإبرام عقود تأمين صحية للعاملين لديها وعائلاتهم حسب أنظمتها مع المؤسسة العامة السورية للتأمين بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، وبناء على اقتراح الوزير المختص وتصديق وزير المالية.
وقبل هذين التشريعين كان صدر قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لعام 1959 متضمناً إحداث صندوق الضمان الصحي، وفي عام 1979 صدر القانون رقم 1 الذي تضمن إحداث هيئة عامة للضمان الصحي.
أي ما يعني أن التأمين الصحي في سورية ليس وليد الخمس سنوات الماضية بل له تاريخ وماض، وعلى الرغم من ذلك لم يشفع هذا لذاك، علماً أن التغيير الأخير جاء لتغيير الرؤية حول مفهوم التأمين الصحي في البلاد، حيث تحدّد دور وزارة الصحة في تقديم الخدمات الطبية والرقابة على جودة تطبيقه.
برأينا أن ما استدعى القانون الجديد “التأمين الصحي”، كان سببه غير المباشر منع ازدواجية القوانين المتعلقة بالخدمات الصحية، أما المباشر وهو أس الأسباب فيرجع لعدم تفعيل القانون رقم 1 الآنف الذكر، وصدور هيئة الضمان التابعة لوزارة المالية.
ونذكر.. أن التأمين على العاملين في القطاع الإداري جاء إلزامياً يدفع العامل بموجبه 37.5% من قيمة أقساط التأمين البالغة نحو 8 آلاف ليرة سنوياً، في حين تدفع وزارة المالية 62.5% للمؤسسة العامة السورية للتأمين عن جميع العاملين في القطاع الإداري.
الآفة الصحية التي لم تستطع الخمس من السنوات ما قبل الأزمة علاجها، ظلت حمّى عنوانها الأبرز أن “تأميننا الصحي غير صحي ويخدم شركات التأمين..”، بل فاقمت سنوات الأزمة انتكاساته حتى أضحى حالة ممرضة شبه عضال يكاد يستعصي على كل المضادات الحيوية والمهدئات (المنتهية الصلاحية) البراء منها.
معاناة حقيقية -بكل ما تعنيه الكلمة من معنى– يعانيها المشمَّلون بـالتأمين الصحي، فمعظم الصيدليات موصدة أمام أدويتهم، وكذلك الأطباء ومن بقي منهم على قوائم المتعاقدين مع شركات التأمين، والعديد من الخدمات الصحية حتى المشمولة أصبحت على مزاجية الشركات، وغير ذلك من الوقائع والقصص المؤلمة التي نسمعها يومياً، والتي تكاد توصلنا إلى حالة انفصام في الشخصية من غريب وعجيب ما لا يفهم حدوثه..
ليس مبالغة مطلقاً، حتى أن الوزارات أو الجهات الحكومية التي ألزمت موظفيها بالانضواء تحت مظلة ” التأمين الصحي” لم تكلف نفسها بتجديد قوائم الصيدليات والأطباء والمراكز الصحية وو.. التي كانت تعاقدت معها وتغير الكثير ممن فيها، انسحاباً أو إلغاء أو اعتذاراً أو تهرباً من التعقيدات الإدارية التي تفرضها الشركات الخاصة.
تجربة التأمين الصحي لدينا على ما يبدو بحاجة إلى وقت طويل حتى تستقر، ولاسيما بوجود أكثر من 700 ألف مؤمن له أو مضمون، وهذا العدد الضخم يرتب آليات وطرقاً إدارية جديدة لم تزل متردية ومبهمة وغير مدركة من المشملين، وحتى من شركات التأمين الصحي.
تحديات بالجملة.. والسؤال يتمحور حول قدرة “الشركات” على إدارة هذا الكم الهائل من العقود بكم قليل من التعقيدات، سؤال مشروع وخصوصاً أن الشركات الموجودة -كما يؤكد مصدر مطلع على العملية التأمينية- هي شركات صغيرة وتعمل بطاقم إداري قليل عددياً (7- 10 موظفين في أغلبها) مطلوب منهم إدارة عدد كبير من المتعاقدين من جهة، والتعامل مع مقدمي الخدمات من مشافٍ وأطباء وصيادلة.. من جهة ثانية.
وإلى حين الفرج يظل اقتطاع حصة الشركات من رواتب المشملين إلزامياً بـ”الصحي” وتظل الخزينة العامة كذلك.. نخسر وتخسر الدولة والشركات تعلن في كل عام عن نمو أرباحها!!.

قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com