التحالف الأمريكي ضد "داعش" تناقضات بالجملة تهدد بنسفه قبل أن يبدأ موسكو: واشنطن لن تتمكن من إنشاء تحالف فعال دون التنسيق مع سورية
التحالف المزعوم الذي تقوده الإدارة الأميركية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، هو مجرد حملة دعائية للتغطية على هذا التنظيم وإبرازه، وليس محاربته، وما يثبت ذلك خطة المواجهة، التي أعلنتها الإدارة الأمريكية، والتي تستمر ثلاث سنوات على الأقل، واستثناء الخطة تنظيمات إرهابية أخرى في سورية، “جبهة النصرة” وأخواتها ومنافساتها من الحركات الإرهابية، لأن واشنطن معنية ببقاء المنطقة غير مستقرة تعاني من الإرهاب، وفي حالة انشغال تام عن القضايا الجوهرية الأساسية، وخاصة احتلال الكيان الصهيوني المستمر منذ أكثر من 60 عاماً للأراضي العربية.
القيادة الأميركية لهذا الحلف مقيّدة بعدد من الاعتبارات في منطقة لا تملك كل مفاتيحها، أولاً ثمة تناقضات واضحة بين أعضاء الحلف المفترضين، فالتنافس السعودي-القطري، والسعودي-التركي، واضح. وإذا تجاوزنا المنطقة إلى الدائرة الأوسع تتضح أيضاً تباينات الدول الغربية، فأوروبا ليست موّحدة في الحرب ضد داعش، مخافة التورط في مستنقع الشرق الأوسط، حيث لا يستطيع أحد معرفة النتائج.
الصورة الأوضح عن ذلك كانت من قبل وزير الدفاع الاسباني بيدرو مورينيث، والذي أعلن أن بلاده ستشارك في التحالف، دون إرسال قوات برية، وقال أمام لجنة الدفاع في البرلمان الاسباني: لن تكون هناك مساهمة في القوات البرية أو في الغارات وشن هجمات جوية، معتبراً أن اسبانيا تريد تركيز مساهمتها في الحملة العسكرية في العراق، وتجنب التدخل في سورية، بسبب فقدان الغطاء الدولي والقانوني عكس ما يحدث في العراق.
أميركياً، ارتباك فاضت بالحديث عنه الصحافة الأميركية نفسها، إذ يعلن أوباما أن لا وجود لاستراتيجية ضد داعش، ويعود بعد أيام ليوحي بالعكس.
بالأمس، جدد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين التأكيد أن الولايات المتحدة لن تتمكن من إنشاء تحالف دولي فعال ضد تنظيم داعش الإرهابي دون تنسيق خطواتها مع الحكومة السورية، وقال في حديث لقناة فوكس نيوز الأمريكية: “يجب على واشنطن أن تحترم القانون الدولي لدى تشكيلها التحالف الدولي ضد التنظيم المتطرف، وأن تنسق خطواتها مع سورية إذا أرادت توجيه ضربات إلى مواقع المتطرفين فيها”.
وأشار تشوركين إلى أن موسكو كانت منذ البداية تؤكد أن الإرهاب هو الخطر الرئيسي في المنطقة بينما كانت الولايات المتحدة منشغلة بمهمة تدمير سورية، لافتاً إلى أن روسيا كانت تدعم العراق وتقدم مساعدات عسكرية له، في وقت كانت واشنطن تفكر فيه مجرد تفكير في اتخاذ قرارات بهذا الشأن.
إلى ذلك دعا لقاء مسيحيي المشرق في لبنان كل القوى الفاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي لمواجهة التنظيمات الإرهابية ووقف تمويلها نظراً لما تقترفه من جرائم بحق المواطنين الأبرياء، وخصوصاً المسيحيين منهم.
وشدد اللقاء في بيان أصدره عقب اجتماعه الدوري في مقره في مطرانية الكلدان في بعبدا أمس برئاسة أمينه العام المطران سمير مظلوم “على العمل من أجل تحصين ميثاق العيش المشترك وتمتين أواصر الوحدة بين جميع اللبنانيين، وخصوصاً في هذه الظروف العصيبة، التي تمر بها المنطقة، والتي تحتاج إلى تضافر جميع الجهود بغية تعزيز نهج الاعتدال والحوار والتسامح وقبول الآخر”.
وأكد حزب الله والمؤتمر الشعبي اللبناني أن المنطقة تحتاج إلى تفاهم وتعاون دولي لمواجهة الإرهاب وأسبابه ونتائجه، لا إلى حلف غربي يملي على المنطقة سياسته العدوانية.
جاء ذلك خلال لقاء جمع رئيس المؤتمر كمال شاتيلا ووفد قيادي من حزب الله، أشاروا خلاله إلى “الغموض”، الذي يكتنف أهداف التحالف الدولي، لاسيما أنه يتمّ بقيادة حلف شمال الأطلسي.
وأكد الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله أن الذين رعوا تنظيم “داعش” الإرهابي هم الذين يعلنون إقامة تحالف دولي لمواجهته بعد أن أفلت من عقالهم.
وجددت انايانسي رودريغيز ممثلة كوبا الدائمة في المنظمات الدولية في جنيف دعم بلادها لإيجاد حل سلمي وتفاوضي للأزمة في سورية، وأعربت في مداخلة لها خلال اجتماع الدورة السابعة والعشرين لجلسات مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف عن ثقة كوبا في قدرة الشعب والحكومة السورية على حل المشاكل الداخلية دون تدخل خارجي، وأدانت الأعمال الإرهابية وجرائم الحرب والتعذيب والقتل التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية المسلحة في سورية، مشيرة إلى وجود تضليل حول الأحداث التي تشهدها سورية، كما أدانت ما تقوم به بعض الحكومات والدول، التي تقدّم التمويل والإمدادات بالأسلحة للتنظيمات الإرهابية المتطرفة ثم تتظاهر بمحاربتهم.