المنتجون والتجار عملوا على عرقلة صدوره لكسب فوضى الأسواق؟ جديد”قانون التموين والجودة” مازال حبراً على ورق.. والدليل عامان مرا والمستهلك يترقبه!
أسعار السلع الضرورية وغير الضرورية عند مستوياتها العليا، وبعض المواد الأساسية كالمازوت والأدوية البشرية المهمّة جداً تحتكر لأسابيع وأحياناً لعدة أشهر -على سبيل المثال لا الحصر-، بينما الجميع يترقب منذ سنتين ونيف صدور قانون التموين والجودة الذي يعمل فريق من وزارتي العدل والتجارة الداخلية، لاستكمال دراسته، على أمل أن يطرح في مجلس الوزراء.
وعود يطلقها أي مسؤول رفيع المستوى في وزارة التجارة الداخلية يشير فيها إلى قرب صدور القانون كلما تحينت له الفرصة للظهور أمام وسائل الإعلام.. لكن كمن يسمع جعجعة ولا يرى طحيناً، لدرجة وصل فيها المواطن إلى مرحلة نعت هذه التصريحات على أنها كلام جرائد ليس أكثر؟!.
جدل عقيم
ومن باب التمني، كنّا نتمنى من وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الجديد التريث قليلاً حتى يتأكد من حقيقة الزمن المحتمل لصدور القانون -هذا في حال تأخر صدوره عن الموعد الذي حدّده في آخر حديث له من طرطوس- ونعتقد أنه لو تابع الوزير حسان صفية عن كثب الجدل العقيم الذي رافق مشروع القانون وما انبثق عنه من ملاحظات وتعديلات جمّة، واللغو الناتج بعد كل عرض لبنوده على الرأي العام لكان -صفية- فضّل الصمت ولو إلى حين.. على النطق ببنت شفة في هذا الخصوص!.
إضافة إلى وجهة نظر أخرى منطقية تبرّر عدم مسؤولية وزارة التجارة الداخلية وحدها.. حيث إن التسعير، والتجارة، والجودة، مضمون قانون التموين والجودة المرتقب، تندرج تحت اختصاصات مختلفة ومتنوعة تحت مسمّى التجارة، فهي تابعة شرعاً وقانوناً لعدة وزارات منها الاقتصاد والتجارة الخارجية والصناعة والسياحة، وليست تابعة لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك فقط، واللجان المشكلة في دراسة مشروع القانون كانت من هذه الجهات معاً، بمعنى أدق، أن هذه الجهات أيضاً وبالدرجة الثانية معنية بالحديث عن القانون، غير أنها تنأى بنفسها نظراً لتوافر شخصيات مسؤولة من “التجارة الداخلية” لديهم رغبة جاهزة للحديث حول آخر مستجدات “التموين والجودة” الميمون؟!.
عصي بين الدواليب
كما أن جميع المعلومات المتوفرة لدينا الناتجة عن متابعات، تشير إلى وقت أطول قد يحتاجه القانون ليخرج إلى النور، بسبب عصا المنتجين الموضوعة بين دواليب القانون لغاية في نفس يعقوب، وهي تأجيل صدوره إلى أطول زمن ممكن!.
مثلاً: صناعيو دمشق أجبروا وزارة التجارة الداخلية نهاية العام الفائت على إعادة التفكير بتعديل قانون التموين والتسعير رقم 123 لعام 1960، دون إصدار مشروع القانون الجديد لتنسف بذلك جهد عدة أشهر من العمل عليه، لأن مشروع قانون التموين وضبط الجودة الذي يتضمّن 78 مادة، لم يرق للفعاليات الصناعية والتجارية بعد عرض مشروع القرار عليها، مطالبة الاكتفاء بإحدى عقوبتي السجن والغرامة في بعض المطارح، والتخلي عن عقوبة السجن في مطارح أخرى أو تخفيض العقوبة المالية.
تداعيات الأزمة، وإدراك بعض ضعاف النفوس من المنتجين والتّجار أهمية دورهم في تأمين المنتجات دفعهم إلى المطالبة، باختيار عقوبة الحبس أو السجن دون تطبيقهما معاً لعدة مخالفات، منها بيع سلعة معروضة بالسعر المعلن عنها أو الربح المحدّد لها، وخاصة أن عقوبة هذه المخالفة في مشروع القانون تعدّ الأشد وتصل إلى الحبس من سنة إلى 3 سنوات وبغرامة مالية من 10 إلى 30% من قيمة المواد وحجزها، واقترحوا تخفيف عقوبات مخالفة ضبط الجودة من الحبس لمدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة مالية لا تقل عن 200 ألف أو بإحدى هاتين العقوبتين.
اعتراضات غير منطقية
أحكام أخرى لاقت اعتراضاً شديداً أخذت وقتاً من النقاش ومنها ما يخصّ أحكام الاستلاب، رغم أنها كانت موجودة في قوانين التموين السابقة جميعها، لدرجة اقترح بعض الصناعيين والتّجار، تعديل الفقرة التي تجيز للوزير الاستيلاء على المخازن والمستودعات والمحال التجارية والمنشآت الصناعية والتجارية والحرفية والعقارات والآليات والمواد والسلع، دون أن يترتّب على الوزير أي مسؤولية أو تعويض، مطالبةً بدفع التعويض وإعادة هذه المخازن والمستودعات والمعامل والمحال إلى أصحابها بمجرد انتهاء السبب الذي كان مبرراً للاستيلاء عليها.
كما أشرنا سابقاً، إلى أن الجميع كان يترقب صدور القانون خلال الربع الأول من العام الجاري، بناءً على إعلان اللجنة المكلفة بإعداد قانون حماية المستهلك الجديد، وانتهائها من صياغة التعديلات الأخيرة عليه نهاية العام الفائت، وإشارة وزير التجارة الداخلية الأسبق سمير قاضي أمين إلى أن الوزارة انتهت من صياغة القانون وأنه سيكون جاهزاً لعرضه على الجهات الوصائية لإقراره، وبعد أكثر من تسعة أشهر من هذه التصريحات.. الجميع ينتظر ويترقب؟!.
دمشق– سامر حلاس