بين قوسين تبريرات وأعذار
لا نسمع هذه الأيام من الجهات المعنية بتأمين المازوت سوى التبريرات والأعذار، وهذا الأمر ليس جديداً ولا مستجداً، فهو أسطوانة مكرورة منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن!!، والمذهل هو اعتراف أكثر من مسؤول بوجود سمسرة وتهريب ومتاجرة في المادة مع وعود “خلبية” بحلّ الأزمة قريباً.
وآه ثم آه من هذه الـ”قريباً” التي ملّلنا سماعها منذ أكثر من ثلاثة عقود؟!.
المواطن يلهث ويتوسّط ويهدر يوماً كاملاً بالوقوف في الطوابير، لعل وعسى، يفوز بـ”بيدون” مازوت بالسعر الرسمي، في الوقت الذي يحصل فيه سائقو الحافلات على آلاف الليترات لقاء 50 ألف ل. س “براني” للمشرفين على خزانات التوزيع!.
من السهل جداً أن ينفي المسؤولون في محروقات وجود تجاوزات من هذا النوع، وتبريرهم الدائم: المواطن لا يشكو، أما تبرير مديريات التجارة الداخلية فجاهز دائماً: المخالفون أصبحوا أمام القضاء!.
وإذا سألنا جهات أعلى في سلم المسؤولية يأتي الجواب التبريري: “الكميات قليلة والأولوية في توزيعها للمرافق الخدمية كالمشافي والمخابز والكهرباء.. الخ”.
ولعلّ التبرير أو العذر الذي يتوهم أصحابه أنه يُفحم أصحاب المعاناة: تأخرت ناقلات النفط بالوصول إلى المرافئ!!.
وتنسى الجهات المسؤولة على مختلف تدريجاتها ومسمياتها أنها سبق وأكدت في مناسبات سابقة ألا خوف من أزمات مازوت قادمة، لأن المتوفر منها يكفي لأكثر من ثلاثة أشهر على الأقل!!.
في خضم كل ذلك لا يجرؤ أحد على التصريح بأن سبب الأزمة على مدى العقود الماضية هو “مافيا المحروقات”.. هذه المافيا التي سبق وخصّصنا لها منذ عامين زاوية في جريدة البعث دون أن يؤكد أو ينفي وجودها أحد من الجهات المسؤولة!.
حسناً لتكن الجهات المسؤولة صريحة وشفافة وتجيب عن السؤال: كيف يمكن للسوق السوداء أن تنتعش وتزدهر ويصل فيها سعر ليتر المازوت إلى 150 ل. س دون النفوذ القوي والعلني لمافيا المحروقات؟!.
لو اقتصر الأمر على ما يحدث منذ أسابيع لقلنا إنها أزمة عابرة وسنقتنع بما تقوله الجهات المسؤولة أنها مسألة نقص في الكميات أو تأخر ناقلات النفط.. ولكن من يراجع أرشيف أزمة المازوت سيكتشف بسهولة أن عمرها أكثر من ثلاثة عقود ومسبّبها الدائم والحاضر دائماً: مافيا المحروقات!.
لنسأل بمنتهى الصراحة: هل الجهات المعنية عاجزة عن مواجهة هذه المافيا أم إنها لا تريد مثل هذه المواجهة؟!.
علي عبود