نقطة ساخنة مؤشرات الوفاء
نقلت عدة وسائل إعلام محلية وأجنبية أسماء رجال أعمال سوريين مقيمين الآن خارج البلاد، ممتنعين عن سداد القروض للمصارف السورية (عامة وخاصة) وبلغت قيمتها مليارات الليرات، وأكثر ما يثير الانتباه أن أغلبية هؤلاء المستثمرين شخصيات معروفة “وهبتهم” الحكومات السابقة مزايا وعطاءات لو منحت لغريب عن سورية، لفداها بماله أو الوقوف فكرياً بجانبها -لن نبالغ فنقول بروحه- وهو أضعف الإيمان.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، وتحديداً قبل الأزمة بعدة أشهر، التقيت بمستثمر عربي الجنسية، كان يتحدث وبإسهاب عن التسهيلات ومزايا قانون الاستثمار السوري، إضافة إلى التسهيلات الائتمانية المصرفية، وبعد مرور عامين من عمر الأزمة فوجئت بالحماس والدفاع المستميت عن سيادة سورية الذي بدا عليه هذا الرجل (الوفي، المخلص) وذلك بظهوره عبر إحدى القنوات الإعلامية.
في هذا السياق، هناك العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها؟ منها: كيف تحدّد الحكومة من يستحق عطاءاتها ومن الذي لا يستحقها بالمطلق؟ وهو أمر يحتاج إلى غور النفوس، لذا يعدّ صعباً جداً إن لم يكن مستحيلاً!..
والسؤال الثاني: لماذا لا تستند “هيئة الاستثمار” قبل موافقتها على مشروع استثماري، مع المصارف قبل منحها القروض التمويلية، على تقديم “سيفي” سيرة ذاتية، تتضمّن أعمال وتعاملات رجل الأعمال وشهادات الجهات والدول التي عمل فيها سابقاً؟ هذا الإجراء يعتبر شرطاً أساسياً في قوانين الاستثمار في معظم دول العالم –كوثيقة حسن سيرة وسلوك- وبناءً عليها يحدّد قرار الاستثمار بالقبول أو الرفض..
إلا أن هذا الـ”سيفي” غير وارد في قوانيننا الاستثمارية والمصرفية كلياً!، فعلى العكس تماماً، يمكن القول وبكل صدق وشفافية إننا جميعاً (إعلاميين، وجهات اقتصادية رسمية، ومحللين ماليين) شاركنا بشكل أو بآخر في إشعار المستثمر بأننا ممتنون له لمجرد طلبه الاستثمار في البلد، رغم أن الشيء الطبيعي أن يكون “المستثمر” هو الممتنّ لكل من ساهم في تنفيذ مشروعه، لأنه المستفيد الأول من الأرباح.
و ثمة سؤال ثالث: لماذا لا يستعلم عن الأعمال الإنسانية والخيرية والتنموية المجانية التي قام بها المستثمر في الدول التي يعمل بها؟ فهي مؤشرات على مدى وفاء وإخلاص رجل الأعمال للبلد ولشعب البلد المستثمر فيه!..ما كنا لندرك هذه الحقيقة لولا رجل الأعمال العربي الذي أشرنا إليه آنفاً، والذي ذكر أنه يقيم دورات تدريبية في إدارة الأعمال “مجانية” وتأهيل الراغبين بهدف خدمة المجتمع والاقتصاد الوطني، اللذين كان لهما الدور الكبير في تعاظم أرباحه، وهو شيء من العرفان والجميل، على حدّ تعبير المستثمر العربي.
بالمختصر المفيد، يمكن تلافي الوقوع في مطبّ المخاطر الاقتصادية والمالية المرتفعة والتحوّط من رجال أعمال غير منتمين وطنياً أو مصابين بداء اللامبالاة، من خلال إجراءات ومطالب لا بد منها، والتريّث قبل الموافقة على أيّ تسهيلات استثمارية أو ائتمانية.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com