“محطة فروتفيل” الهواتف النقالة توثق العنصرية
أوسكار شاب أسود في الثانية والعشرين من عمره يحب فتاة اسمها صوفينا ترفض الانتقال للعيش معه لأنه قد خانها مع امرأة أخرى، ولأنها لا تريد لابنتهما تاتيانا أن ترى والدها يدخن الماريجوانا أو يلقى القبض عليه ويُسجن كما حدث قبل ذلك. يُطرد أوسكار من عمله بسبب تأخره المتكرر في الوقت الذي يفكر فيه بالزواج من صديقته، تُصبح العودة لتجارة المخدرات الحل الوحيد ولكنه يواجه صراعاً بينه وبين نفسه حيث التفكير بعائلته يجعله متردداً، لذلك يتراجع عن العمل بالماريجوانا أملاً في عمل آخر.
يتحضر أوسكار وصوفيا للاحتفال بليلة رأس السنة 2008 تطلب منه والدته أن يذهب بالمترو إلى كاليفورنيا (اوكلاند) خوفاً عليه من قيادة السيارة في هكذا أجواء، حيث الصخب والشرب والتجمعات الكبيرة. يترك أوسكار ابنته عند أقربائه ويذهب مع أصدقائه إلى الاحتفال الكبير حيث الألوان والمفرقعات والفرح بقدوم عام جديد.
في المترو تحدث مشكلة بين أوسكار ورجل آخر وتكبر المشكلة لتتحول إلى مشاجرة في المترو، فتأتي الشرطة وتعتقل أوسكار وأصدقاءه السود فقط. وبعد احتجاجات المعتقلين في الشارع على يد رجال الشرطة واتهامهم باعتقالهم بدون تهمة وبشكل همجي وغير قانوني يقوم أحد رجال الشرطة بإطلاق النار على أوسكار من الخلف ومن ثم موته في المشفى، فالرصاصة أصابت الرئة ولم يستطع الأطباء إنقاذه.
هذا الحادث أثار احتجاجات واسعة بين سكان أوكلاند حيث تظاهروا سلمياً، إلا أن عنف الشرطة مع المظاهرات أدى إلى أعمال شغب، الأمر الذي تسبب بالحكم على الضابط الذي قتل أوسكار بالسجن مدة عامين، وتم إطلاق سراحه بعد أحد عشر شهراً. تلك الحادثة الشهيرة أثارت مشاعر العديد من المواطنين الأمريكيين، كما أعادت فتح الجدال عن الجرائم العنصرية في أمريكا من قبل الشرطة الأمريكية.
صُوِّرَ مشهد القتل واعتقال ركاب المترو، وبهذا تم توثيق هذا المشهد العنصري بالهواتف النقالة والتي أصبحت أحد أهم مصادر التوثيق للعنف والقتل والتوحش في كل ساحات المدن والبلدان، وهذا الفيديو الذي تم نشره كان السبب وراء ملاحقة الشرطي واعتقاله.
يفتتح المخرج كوجلر فيلمه بمقطع الفيديو المصور بكاميرا هاتف محمول ليجعل من النهاية واقعاً تقريرياً صحفياً متقناً بناء على قصة حقيقية. السيناريو مليء بالتفاصيل الإنسانية كعلاقة أوسكار مع صديقته ومع ابنته والمشاعر التي تلاحقها كاميرا كوجلر أثناء لعب أوسكار مع ابنته واللقاءات الحميمة مع حبيبته، كما يلجأ المخرج وبأسلوب توثيقي لعرض رسائل أوسكار النصية على الشاشة حين يرسلها ﻷمه وصديقته وآخرين، وحركة كاميرا المخرج تشعر المشاهد بواقعية الأحداث، ثانياً تتخطى تفاصيل السيناريو القصة الواقعية البحتة فتعطيك التفاصيل التي تشعر معها بأن الكاميرا اختفت واكتفت بالتلصص على أوسكار وحياته فنراه يغسل أسنانه مع طفلته قبل النوم أو نرى صديقته تنظر بغيرة إلى فتاة تقف لتسلم عليه بالمترو، أو حواره مع امرأة في المول تريد معرفة كيفية طبخ السمك.
فاز الفيلم بجائزة النظرة الخاصة في مهرجان كان السينمائي، وهو من إنتاج الممثل الأمريكي فوريست ويتاكير تمثيل مايكل جوردان وميلوني دياز، وعرض ضمن مهرجان أفلام أوروبية حديثة الجزء الثاني الذي تقيمه مؤسسة السينما في دار الأوبرا خلال شهر أيلول الجاري.
أحمد خليل