الصحافة الأمريكية تشكك بجدية أوباما في محاربة الإرهاب: يلجأ لاختراع "معارضة معتدلة" ويزوّدها بالأموال والأسلحة
عودة أميركا إلى العراق تثير الشكوك حول علاقة “داعش” بأجهزة الاستخبارات الأميركية، كما تؤكد “نيويورك تايمز”، سيما وأن الرئيس الأميركي “مضى قدماً بجهود التدخل قبل اكتمال الشرط المعلن، والمتمثل بتنصيب حكومة شمولية التمثيل في بغداد”.
وحثت الصحيفة أوباما على الاستفادة من دروس العراق السابقة، وعلى رأسها “صعوبة حشد حلفاء يمكن الاعتماد عليهم، وقالت: “بيد أن أميركا عازمة على تجاهل الأمر، وتلجأ لاختراع حلفاء غير موجودين وتزويدهم بالأموال والأسلحة”، موضحة أن “مناورة تسليح “المعتدلين” في سورية خطوة مدروسة بعناية بغية التهرب من المسؤولية”.
وأكدت أن قرار توسيع الضربات الجوية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي لتشمل مواقع تابعة للتنظيم في سورية يعتبر سيئاً، نظراً لفشل أوباما في تقديم خطة متماسكة ومقنعة حول هذا التحرك العسكري الجديد، دون أن يأخذ بعين الاعتبار الرأي العام الأمريكي، بهذا الخصوص، ودون أن يسمح بحدوث مناقشة عامة قبل إدخال الولايات المتحدة في صراع آخر مكلف، يمكن أن يستمر لوقت طويل في منطقة الشرق الأوسط، وأوضحت أن أوباما زعم بأن لديه مبررات للقيام بمثل هذا العمل العسكري، لكن مزاعمه تلك لم تخضع لأي دراسة، ولم يجر النظر فيها من قبل أعضاء مجلس الكونغرس، الذين يمثلون الأمريكيين.
وتابعت الصحيفة: إن أوباما فشل في تقديم طلب إلى الكونغرس الأمريكي بشأن القيام بمثل هذا العمل العسكري، كما أنه لم يحصل على تفويض رسمي بذلك، في الوقت الذي ادعى فيه البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي يملك صلاحيات تخوّله الاقدام على هذه الخطوة، لكنه في الحقيقة لا يملك مثل هذه الصلاحيات.
وأكد نواب أمريكيون، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ما ذهبت إليه نيويورك تايمز، ورأوا أن إدارة أوباما تعتمد في تحركاتها الجديدة على “الحجة الخاطئة” المتصلة بتفويض استخدام القوة العسكرية الذي منح لإدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، وشددوا على ضرورة اللجوء إلى الكونغرس للحصول على موافقة قبل اتخاذ أي خطوة.
السيناتور الجمهوري كريس فان هولن دعا رئيس مجلس النواب الأمريكي جون بوينر إلى جمع أعضاء المجلس من أجل النقاش والتصويت على تفويض جديد حول استخدام القوة العسكرية، وتضمين هذا التفويض أحكاماً لمنع “نشر القوات البرية الأمريكية التي من شأنها جر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى على غرار العراق”.
من جهته، أعرب السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون عن اعتقاده بأن الضربات الجوية الأمريكية تتعلق بسياسات أوباما أكثر من ارتباطها بالأمن الأمريكي.
وكان أوباما عاد في كلمته للتأكيد على أن “بلاده ستنتقل لدعم الخطة التي تدعمها الأغلبية في الكونغرس لتدريب وتجهيز المعارضة السورية”، معتبراً أن هذا الأمر هو “الطريقة الأفضل لمواجهة تنظيم داعش”.
ويندرج في قاموس مصطلح “المعارضة السورية المعتدلة” العديد من التنظيمات الإرهابية التي تتقاطع في الغايات والأساليب مع تنظيم داعش الإرهابي، وقد حذرت العديد من التقارير الاستخباراتية في السابق من أن مدّ هذه التنظيمات بالأسلحة قد يوصلها إلى أيدي المتطرفين التكفيريين، وهو ما حدث بالفعل خلال الأشهر الماضية، حيث انضوى العديد من أفرادها للقتال إلى جانب تنظيم داعش الإرهابي.
وليس جديداً أن يدرب تابعو الإدارة الأمريكية المجموعات الإرهابية بمختلف تصنيفاتها ومسمياتها للقتال في سورية، والذي كان سبباً أولاً ورئيسياً لوصول المنطقة إلى هذا الدرك من الإرهاب، إلا أن السؤال: كيف ستقوم هذه الإدارة، التي تتخذ من مكافحة الإرهاب ستاراً لمصالحها وأجنداتها، في تجفيف منابع تمويل هذا التنظيم، وهل ستحاسب من أسمتهم الدول الحليفة والصديقة، وعلى رأسهم السعودية وقطر، اللتان أسهمتا على مدى السنوات السابقة وما زالتا في تمويل أنشطة تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” الإرهابيين.
وتساءلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، في مقال للكاتبة جنيفر روبين، عن مدى جدية أوباما في اتباع استراتيجية تقود إلى مواجهة تنظيم “داعش”، وأوضحت أن أوباما بدا في خطابه الأخير، وكأنه يريد أن يفعل شيئاً جديداً، بينما هو ليس كذلك، خاصة بعد أن أشار إلى أنه لا يأخذ على محمل الجد تهديد تنظيم “داعش” للأمن القومي الأميركي والولايات المتحدة.
وتركزت الانتقادات على مسألة اعتباره أن التجربة الأميركية في مكافحة الإرهاب بالصومال واليمن كانت “ناجحة”، واتخاذه من ذلك نموذجاً يسعى لتطبيقه في العراق وسورية، واعتبر المحللون أن الأمر على العكس، وأن ضربات الطائرات بدون طيار لم تقضِ على القاعدة في اليمن أو الصومال بل خلقت أوضاعاً أكثر سوءاً من ذي قبل.