ثقافة

بعد نجاح أكثر من 130 طالباً في فحص القبول مدير المعاهد الموسيقية والباليه محمد زغلول: استمرار معاهدنا في العمل واجب وطنيّ

بعد تقدّم أكثر من 400 طفل لفحص القبول الذي اعتاد أن يجريه معهد صلحي الوادي خلال شهر أيلول لمن يرغب في الانتساب إليه، يعبِّر محمد زغلول مدير المعاهد الموسيقية والباليه، ومدير معهد صلحي الوادي، بعد إعلان نتائج القبول للعام الدراسيّ 2014-2015، عن سعادته الكبيرة بإقبال الأطفال الكبير على تعلّم الموسيقا، مبيناً أن نحو 400 طفل كانوا قد تقدموا لفحص القبول، وهذا إن دلّ برأيه فإنه يدل على الوعي الكبير الذي يتمتع به الأهالي تجاه الموسيقا ودورها في تنمية شخصية الطفل والرغبة الحقيقية في تعلّم الموسيقا وفق أسس صحيحة وسليمة، مشيراً إلى أن عدد الناجحين الذين تجاوز عددهم أكثر من 130 طالباً وطالبة يتراوح مستواهم ما بين المقبول والجيد والممتاز، وأن الفحص ما هو إلا اختبار لمدى امتلاك الطفل لأذن موسيقية سليمة قادرة على تمييز المعنى والإيقاع الصحيح، ولا ينكر زغلول أن عدداً كبيراً من الأطفال يستعدون لمثل هذا الاختبار قبل الفحص بفترة عن طريق الاستعانة بأساتذة متخصصين لتدريبهم، ومنهم من يأتي دون أي تدريب مسبق، وقسم كبير منهم يملك أذناً موسيقية بالفطرة.
ولا يخفي زغلول أنه وإن كانت الأولوية للأفضل وللذي جهّز نفسه، إلا أن اللجنة في هذا العام منحت الفرص للذين لديهم استعداد فطريّ، موضحاً أن الإقبال الكبير على المعهد يسعد الجميع بشكل عام، وهو كمدير معهد بشكل خاص، متمنياً لو أن الجميع قُبِلوا فيه إلا أن سياسة الاستيعاب التي لها علاقة بعدد القاعات والأساتذة وعدم توفّر الكادر المختص الكافي يحول دون ذلك، مشيراً إلى أن وزارة الثقافة تحاول إيجاد الحلول المناسبة لتوفير الأمكنة، كالاتفاق الذي تمّ مع وزارة التربية العام الماضي للاستفادة من بعض المدارس لتكون مراكز إضافية لتخفف الضغط عن معهد صلحي الوادي، والبداية كانت من خلال مركز مدرستَي لبابة الهلالية وماري العجمي في دمشق، معترفاً أنه لا يستطيع اليوم تقييم التجربة في هاتين المدرستين لأن البداية فيهما العام الماضي واجهها بعض الصعوبات، واستدعى ذلك الاجتماع مع وزارة التربية للوقوف على الثغرات والأخطاء لتلافيها هذا العام، ومن ثمّ إعادة تقييم هذه التجربة إن كانت ناجحة أو لا.

فرصة أخرى
وللظروف الاستثنائية التي تعيشها سورية واحتراماً للإقبال الشديد من قِبل الأهالي والأطفال على المعهد، منحت إدارته فرصة ثانية للخضوع لامتحان القبول لمن لم تسمح ظروفه الحضور في اليوم الذي كان قد خُصِّص له لإجراء الاختبار، حرصاً من المعهد على ألا تضيع الفرصة على أي راغب، وقد نتج عن هذا اليوم قبول نحو /31/ طالباً وطالبة، منوهاً بالإقبال الشديد على معاهد محمود العجان وفريد الأطرش في مدينتَي اللاذقية والسويداء، وقد أكدت شرائط الفيديو التي تابعها زغلول لفحص القبول فيهما على الحجم الكبير من المواهب الفريدة الموجودة في هاتين المدينتين والتي تستدعي وجود معهد عالٍ للموسيقا بجدارة فيها، مؤكداً أن مدناً مثل السويداء واللاذقية وحمص بحاجة إلى أكثر من معهد موسيقي فيها لوجود طاقات فنية مدهشة ولإقبال الناس فيها على المعاهد الفنية، ولذلك وجد زغلول أن من واجبه كمدير وموسيقيّ بالدرجة الأولى إعطاء فرصة لكل طفل ليتسنى له الانتساب إلى المعهد، ومن أجل ذلك يبشر الأهالي بأن المعهد سيقيم دورة تحضيرية العام القادم للطلاب الذين سيخضعون لفحص القبول وذلك لتساوي الفرص أمام الجميع .

مناهجنا الأقوى
ويؤكد محمد زغلول أن منهاج الصولفيج المتبع في المعهد من أقوى المناهج الموجودة في العالم، وقد حصل على ثناء عالميّ في هذا المجال، ورغم صعوبته فإن الطفل –برأيه- يثبت دائماً أن لديه القدرة على استيعابه، مشيراً إلى أن مشكلة الكمّ فيه تمّ حلّها هذا العام من خلال تقسيم المنهاج على عدد الحصص الفعلية وإعطاء أشياء إضافية حرصاً على بقاء الطفل يعمل، ومن ثم تخصيص ما هو مناسب للامتحان، أما بالنسبة للمنهاج العملي (الآلات) هناك دائماً برنامج يتضمن التكنيك-الموسيقا-الكونشيرتو-غام-سونات، حرصاً على إيجاد التنوّع المطلوب، مشيراً كذلك إلى أن اختيار آلة الريكوردر (فلوت) لطلبة السنوات الأولى اختيار مدروس، والآلة موجودة في هذه السنوات حتى على الصعيد العالميّ، مؤكداً في الوقت ذاته على أهمية التزام الطلاب بالمعهد وضرورة المتابعة الدؤوبة والمستمرة من قِبل الأهالي، موضحاً أن السنة التحضيرية في المعهد كافية في معظم الأحيان لتقييم وضع الطالب ومستواه، وأن التطور والتراجع برأيه مرتبطان بالاجتهاد والتمرين الذي يلتزم به الطالب.
ولتوحيد آلية العمل والمناهج في كل المعاهد الموسيقية، يبيّن زغلول أنه أقيمت ورشة عمل للمعاهد الموسيقية مؤخراً، حرصاً على السوية الفنية العالية في كل المعاهد.

الموسيقيون مشاركون في بناء الإنسان
وينوّه زغلول إلى أن الظروف التي تمر بها سورية خلقت العديد من الصعوبات والمشاكل من حيث تواجد الطلاب والكادر التدريسيّ، ويُدرَس هذا كله اليوم بحثاً عن حلول، منوهاً إلى أن وزارة الثقافة التزمت بكل ما يتعلق بتسهيل العمل في المعاهد كتأمين الكادر التدريسيّ والآلات الموسيقية وكل ما يتعلق بالشأن الفني، مؤكداً أن الموسيقيين مشاركون أساسيون في بناء الإنسان، وبناء الإنسان يبدأ من خلال بناء الطفل، وبالتالي فإن وجود جيل موسيقيّ مثقّف هو الذي سيقف سداً منيعاً في وجه الإرهاب الذي تتعرض له سورية، فالموسيقيّ بحسّه المرهف بعيد كل البعد عن العنف، وهو يعبّر عن ذاته من خلال عمله وأدائه على المسرح وهذا يعني ضرورةً أن نؤسس لجيل مثقف لأننا بالوعي نبني الوطن والإنسان، مبيناً أن الحرب على سورية هي حرب ثقافة وفكر، ولذلك فإن الموسيقيين حريصون على العمل بشكل مضاعف، وحسب توجيهات السيد وزير الثقافة الذي أكد في لقائه الأول مع المدراء المركزيين على ضرورة بناء الإنسان الكفء، وقدم كل التسهيلات اللازمة لتبقى المعاهد ومؤسسات الوزارة المعنية بالثقافة حاضرة ومستمرة في عملها، لذلك وفي اليوم الثاني لتوليه منصب وزير الثقافة جمع المدراء المركزيين لتقديم الاقتراحات والوقوف على المشاكل والصعوبات، ولذلك سيعمل المعهد ضمن خطته الجديدة على تنظيم آلية مناهجه بما يتناسب والحصص الدرسية واستكمال نواقص المعهد، مع زيادة عدد المراكز لاستيعاب أكبر عدد ممكن، معلناً عن وجود فكرة عمل مشترك بين المعاهد الموسيقية كلها، وسيتم الإعلان عن هذا العمل في الوقت القريب، بالإضافة إلى فكرة أخرى تقوم برفد معاهد المحافظات بكوادر من دمشق ليوم في الأسبوع على الأقل.

المعاهد الفنية في سورية كلها تعمل
ويؤكد زغلول أن استمرار المعاهد الفنية في سورية واجب وطنيّ تجاه سورية الأمّ التي قدمت الكثير لأبنائها، وأمام وعي الأهالي وإصرارهم على المجيء والاستمرار في الدراسة لا يمكنه إلا أن يقدم كل الاحترام والتقدير لهم، والتعبير عن ذلك يكون من خلال الارتقاء بعمل المعاهد وتقديم أفضل الإمكانيات التي تتمتع بها، وهذا ما حصل بالفعل في ذروة الأزمة، حيث لم يقصر أحد من الأساتذة رغم الظروف الأمنية وقلّة عددهم والأجر الماديّ المتواضع الذي يتقاضونه عن الحصّة الدرسية الواحدة، مشيراً إلى أن التفاؤل يحدو الجميع بعد اللقاء الذي تمّ مع السيد وزير الثقافة مؤخراً، وقد أكد فيه على ضرورة تقدير الجهد لأن الموسيقيّ -برأيه- ليس شخصاً عادياً، وخسارته لا تعوّض، موضحاً أن كل المعاهد الموسيقية في سورية اليوم تعمل (معهد صباح فخري في حلب-معهد فريد الأطرش في السويداء-معهد محمد عبد الكريم في حمص-معهد محمود العجان في اللاذقية-معهد نجيب السراج في حماة)

السير إلى الأمام هو الخيار
ويبين زغلول أن معهد صلحي الوادي من أعرق المعاهد على مستوى المنطقة، ووزارة الثقافة ومديرية المعاهد الموسيقية حريصتان على أن يبقى في المقدمة، وهو الذي قدم للحركة الموسيقية السورية خير الموسيقيين الذين حققوا شهرة محلية وعربية وعالمية، وبالتالي فإن الهاجس اليوم هو إيصال المعاهد الفنية الأخرى إلى المستوى ذاته، وهذا يعني أن السير إلى الأمام هو الخيار، والعودة إلى الوراء أمر ممنوع رغم كل التحديات الموجودة، مؤكداً -وهو الذي كان أحد طلاب المعهد، وقد أصبح اليوم مديراً له- أن وجوده في المعهد كطالب يجعله يعرف قيمة هذا المعهد وتاريخه المشرّف، وهو مدرك وبوعي كامل أن كل ما تمّ إنجازه على صعيد الموسيقا يعود الفضل فيه إلى المعهد، وهذا يعني أن شعوره بالمسؤولية كبير للحفاظ على هذا الصرح الحضاريّ الهام، مؤكداً أن كل من يستلم إدارته من واجبه أن يقوده نحو الأمام . وما بين الإدارة والإبداع يوضح زغلول، وهو عازف الفيولا المعروف، أنه موسيقيّ أولاً وأخيراً، وأن الموسيقيّ شاء أم أبى هو من سيدفع الثمن إن استلم منصباً إدارياً، إلا أن الواجب هو أن يقوم كل موسيقي بدوره تجاه هذا المعهد الذي تخرج منه موسيقياً، وهذا ما دفعه للقيام بواجبه تجاه المعهد لأن مسيرته يجب أن تستمر دون توقّف.. ومن هنا كان حرص زغلول ومنذ بداية استلامه لإدارة المعاهد الموسيقية على إقامة حفلات موسيقية للمتفوقين، إيماناً منه بأن المشاركة في هذه الحفلات تجعل الطفل يعتاد على اعتلاء خشبة المسرح وتبني شخصيته كموسيقيّ على المسرح، وتحقق التواصل المطلوب ما بينه وبين الجمهور، كما تخلق نوعاً من التنافس الخلاق بين الطلبة لتقديم ما هو أفضل.

أمينة عباس