ثقافة

بعد تعرضها لعدة محاولات اغتيال الكاتبة منيرة قهوجي:لا بدّ من دمشق في حياتي

لم تكن الكتابة بالنسبة لها في يوم من الأيام ترفاً وإنما رسالة ووسيلة للتعبير عن مواقفها الوطنية، لذلك تشير الأديبة الفلسطينية الأردنية منيرة قهوجي في حوارها مع “البعث”  أثناء زيارتها دمشق مؤخراً إلى أنها لم تتغير منذ أن كتبت أول قصيدة لها في عمر 9 سنوات وحتى الآن، حيث كان الوطن ومازال الهدف الأسمى لكل ما تخطّه يداها، ولا غرابة في ذلك وهي التي عاشت في عائلة مناضلة وفتحت عينيها على جراحات والديها وصور الشهداء في بيتها وحكايات كانت كلها عن الوطن وأبطاله أمثال فوزي القاوقجي الذي كان رفيق والدها في السلاح فكان من المستحيل ألا تغمس قلمها في قضايا الوطن من المحيط إلى الخليج، معترفة أنها دفعت أثماناً باهظة ومازالت نتيجة لهذه المواقف، ولذلك لا تعتبر زياراتها المتكررة إلى سورية في ظل الأزمة مغامرة كما يحلو للبعض وصفها رغم كل  محاولات الاغتيال المتكررة التي تعرضت لها نتيجة لذلك، مشيرة إلى أن كل هذه المحاولات لن تثنيها عن قول كلمة حق بما يجري في سورية، وترى أن تصرّف من  حاول الاعتداء عليها أمر طبيعيّ لأن هؤلاء لا يفهمون إلا لغة القتل، أما هي فلن تكون إلا كما تريد، حيث أن الأدب من أجل الأدب مرفوض لديها وعند الشعوب التي مازالت تناضل من أجل قضاياها، حيث أن الكاتب لا يمكن أن يعزل نفسه وأدبه عما يحدث في مجتمعه، بل هو مطالَب بأن يسخّر قلمه لخدمة هذا المجتمع وقضاياه وإلا فما جدوى ما يكتبه.
ولإيمان قهوجي أن المثقفين والكتّاب هم أول من يحملون الرسالة بقيت القضية الفلسطينية خضراء حية من خلال كتابات محمود درويش وسميح القاسم وفدوى طوقان وغيرهم وقد تناقلتها الأجيال جيل بعد جيل عبر أشعارهم وكتاباتهم.. ولهذا ترى أن اتهام المثقف العربي بالتقاعس عن أداء دوره الرياديّ في ظل الظروف الحالية التي يتعرض لها الوطن العربيّ أمر غير صحيح بالعموم وإن كانت لا تنكر وجود ضعاف نفوس في كل زمان ومكان. إلا أن المثقف برأيها  موجود في الميدان، مبينة أن الجميع يجب أن يعرفوا أنه لن ينتصر أي شعب إلا إذا كان المثقف إمامه إيماناً منها بأن الكلمة هي الممهدة لأية ثورة أو حرب أو انتصار، وتؤكد قهوجي أن المثقفين في الأردن حيث تقيم مثلاً مازالوا في الميدان من خلال المسيرات والمظاهرات والندوات، يقومون بأداء دورهم في توعية الناس بما يحدث، وهؤلاء هم المثقفون القوميون والعروبيون والمناضلون الواعون بما يجري حولهم من مؤامرات لإنهاء الأمة العربية خدمةً لإسرائيل، مشيرة إلى أن الإنسان العربيّ مستهدَف في هويته وتاريخه وحاضره ومستقبله وحياته.. من هنا فإن الهجمة شرسة على العالم العربي من قِبل أميركا الحاقدة عليه والطامعة بخيراته وحضارته، وعلى الرغم من قسوة الهجمات الشرسة التي تعرّض لها الوطن العربيّ من أيام التتار وحتى الآن إلا أن قهوجي مطمئنة على الثقافة العربية المحصنة والحامية لنفسها لعراقتها وتاريخها وغناها بإرث كبير لا يمكن لأحد أن يزيله، وبالتالي لا خوف على الثقافة العربية، والخوف برأيها على المثقف في أن  ينجرّ وراء المال والمراكز، وتأسف لأن بعض المثقفين صارت أصواتهم في جيوبهم، وهي متأكدة أن الناس الواعين سيحاصرون هؤلاء.

نصر سورية محقَّق
ولإحساس قهوجي العالي بالمسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقها كمبدعة توجهت في عدد كبير من كتاباتها إلى الأطفال والفتيان انطلاقاً من إيمانها بأن البداية يجب أن تكون مع هؤلاء الذين يجب أن يعرفوا من خلال ما يقرؤونه مَن هو عدوهم الذي اغتصب وطنهم، وما هي المؤامرات التي تحاك ضده وأنهم مستهدفون بعِلْمهم وثقافتهم وذلك حتى يكملوا الطريق في حمل رسالة الوطن الذي يجب ألا يغيب عن ذهنهم وإن ابتعدوا عنه جغرافياً، مبينة أن مهمة الأديب أن يضع هذا الجيل على السكة الصحيحة، خاصة وأن المناهج الدراسية مقصّرة بحق تاريخنا ونضالنا وتبيان حقائق الأمور، وهذا ما حاولت ترجمته على أرض الواقع من خلال روايتها “في انتظار الورد” التي كشفت فيها عن أن الهولوكوست وسيلة لابتزاز العالم، منوهة كذلك إلى أنها اليوم بصدد وضع اللمسات الأخيرة على ديوان شعريّ معظم قصائده تدور حول فلسطين وسورية والجندي السوري الذي يدافع عن أرضه ووطنه بكل بسالة وشجاعة والشعب السوري الصامد، مؤكدة أن سورية ستخرج من أزمتها وأن نصرها محقق لا ريب بفضل القيادة الواعية والحكيمة والشجاعة وبسالة الجيش السوري وقوته واستبساله في الدفاع عن تاريخه وحضارته وهو جيش لم يعرف التاريخ مثله، إلى جانب بسالة الشعب السوري الصامد.

تتوجه للجميع
ورغم سمو الهدف من كتاباتها إلا أنها مدركة أن ما تكتبه ينتمي لجنس الأدب وبالتالي فإن التعبير عن مواقفها لا يمكن إلا أن يُقدَّم بأشكال فنية وأدبية وبتقنيات متعددة، ولذلك تسعى إلى تحقيق التوازن بين المضمون والشكل تجنباً لعدم طغيان أحدهما على الآخر، ومن أجل ذلك توضح أنها قدمت كتاباتها بأشكال فنية مختلفة من قصة ورواية وشعر ودراسات رغبةً منها في أن تتوجه للجميع وبكل الطرق المغرية، آسفة لأن مشروع دار نشرها طبريا والذي كان الهدف منه نشر الوعي الوطني والثقافة الوطنية والكتابة عن الرموز العربية لم يستمر رغم أنه أصدر 15 كتاباً وطنياً، كما لم تستمر مجلتها طبريا بسبب تآمر القوى الرجعية عليها.
وتختم قهوجي حوارها معنا مشيرة إلى أنها على وشك الانتهاء من كتابة مذكراتها التي توجه من خلالها رسالة إلى كل الشعب العربي وإلى كل إنسان غيور على وطنه ومقدساته وعروبته وشرفه وحثّه على العمل والنضال وهي التي لم تترك ساحة المعركة، تحارب بكل الوسائل والأدوات من أجل الإنسان العربيّ وقضاياه، ولا تنسى قهوجي أن توجه الشكر لرابطة الكتّاب الأردنيين التي حافظت على وطنيتها رغم كل ما تتعرض له من ضغوط ومضايقات.

منيرة سعيد قهوجي
> من مواليد 18تشرين الثاني 1948بمدينة طبريا الفلسطينية
> أذيعت لها أول قصيدة في عمان حينما كانت في سن التاسعة من عمرها, كما كتبت كلمات أغنية أرض الزيتون والليمون والتي قامت بإذاعتها إذاعة فلسطين من القاهرة
> حاصلة على دبلوم فنون. تعمل حالياً كعضو مسؤول في لجان حق العودة والتحرير.
> عملت كمُدرّسة ومديرة مَدرسة منذ سن السابعة عشرة لمدة خمسة وعشرين عاماً في مدارس الأنروا  وكعضو مسؤول في الهيئة الإدارية للجان المعلمين الأردنيين.
> رأست تحرير مجلة طبريا الثقافية الأردنية, وعملت كأمين سر للاتحاد النسائي العام في الأردن مدة تسع سنوات وكأمين سر ملتقى الفكر الاشتراكي.
> عضو في رابطة الكتاب العرب, الكتّاب الأردنيين والكتّاب الفلسطينيين..
> صدر لها عشرة مؤلفات من مجموعات قصصية و روايات للفتيات والفتيان وديوان شعر. كما نشر لها من القصص والمقالات الأدبية والسياسية في العديد من المجلات والصحف العربية.
أمينة عباس