العامل النفسي يسيطر على سعر الصرف ويضعه في منطقة عدم الاستقرار.. وتجار “الفوركس” يناورون؟!
الأوضاع السياسية وتذبذب الدولار عالمياً .. عززا التخوّفات!
هد سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية خلال الأسبوع الماضي وبداية الأسبوع الحالي تذبذباً ملحوظاً تراوح بين 186 و198 ليرة ليغلق على سعر 195 ليرة مساء أمس في السوق السوداء مع تسجيل عمليات عرض وطلب على الشراء وتحسن في المعروض من الدولار نتيجة ضخ المصرف المركزي لملايين الدولارات، ما يعكس الحالة النفسية التي رافقت الحملة الإعلامية الضخمة بعزم دول التحالف ضرب مواقع ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على تذبذب سعر الدولار، ووصوله في السوق السوداء إلى حدود 202 ليرة، الأمر الذي دفع المواطنين وتحديداً القاطنين في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية إلى شراء كمية كبيرة من المواد الغذائية لتخزينها خشية ارتفاع الأسعار، وهذا ما خطط له التجار المنتهزون لفرصة ارتفاع أسعار العملات الأجنبية.
أهداف مبيّتة
وبشدة تأثر سعر صرف الليرة بالعامل النفسي المرتبط بالحالة الأمنية والســياسية، أكثر بكثير مما يرتبط بالحالة الموضوعية المرتبطة بتحديد الســعر بناء على معادلة العرض والطلب، وهذا بالتأكيد يعتبر نوعاً من الحرب على العملة الســورية غير المباشــرة، فتدمير الليرة الســورية له آثار ســلبية شــديدة على الاقتصاد الوطني، ويعدّ هدفاً أساسياً مبطناً للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، تَكشّفَ مع اتخاذها قراراً بتوجيه ضربات لتنظيم “داعش” الإرهابي دون موافقة مجلس الأمن، أو التنسيق مع الحكومة السورية.
واستند المخططون للحرب على مدى التأثير المحتمل على الليرة من خلال مثل هذه العمليات العسكرية، بناء على ما خلفته دعاياتهم السابقة لاحتمال ضربة أمريكية لسورية في أيلول من العام الماضي، التي كانت عبارة عن مناورة سياسية عســكرية باءت بالفشل، إلا أنها رفعت من سعر صرف الدولار أمام الليرة إلى مستوى 325 ليرة في أسبوع ومن ثم هوى بشـــدّة أمامها حتى وصل إلى 140 ليرة سـورية تقريباً.
واليوم.. السيناريو ذاته يحدث، ودائماً مع بث أخبار من هذا النوع يزداد الإقبال غير المبرر -من بعض المواطنين- على شراء الدولار ما يؤدّي إلى رفع سعره والإضرار بمدّخراتهم والتأثير في أسعار المواد في الأسواق.
أجواء خارجية
تطوّرات أخرى ليست محلية أدّت إلى حالة من عدم الاستقرار في أسعار الصرف في سورية وفي جميع دول العالم الأسبوع الفائت، مع ميل نحو الانخفاض في سعر الدولار الأمريكي بعد أن مرّ بحالة من التذبذب حتى منتصف شهر أيلول، ومنها الأجواء والحالة التي تشهدها أسواق الولايات المتحدة وخاصة بعد إعلانها الحرب على “داعش” نتيجة صعوبة التكهّن بأسعار دقيقة للعملة الخضراء، إضافة إلى خطأ تقييمي للسوق ارتكبه “المركزي” ساهم في تذبذب سعر الصرف وذلك مع تلمسه حصول ارتفاع في دولار “السوداء”، حيث تفاعل مع تطورات هذه السوق غير النظامية وقرّر التراجع خلال أسبوع واحد عن تسعير (زائد ناقص ليرة) المتبع منذ عدة أشهر إلى تراجع بنحو عشر ليرات لكل دولار، ورفع في 16 أيلول سعر صرف الدولار مقابل الليرة إلى 175.78 ليرة كسعر وسطي للمصارف وبـ175.87 كسعر وسطي لمؤسسات الصرافة من مستوى 166 ليرة.
ومن الناحية الموضوعية السـعر الرســمي من المركزي هو ما يشــكل السـعر الحقيقي لليرة الســورية، القائم على معادلة العرض والطلب، أي إن المضاربين في السوق السوداء هم التابعون لسعر الصرف وليس العكس، غير أنهم استغلوا غياب “المركزي” عن مواقع لا يقوم بتغطية احتياجات المواطن فيها من الدولار، وقاموا ببيع وشراء القطع الأجنبي فيها، وأثرت دون أدنى شك في سعر الصرف نتيجة تحكّم تجار “الفوركس” فيها.
هدر القطع
ثمّة ثغرات غير مرئية تجعل سعر الصرف في حالة تذبذب دائمة، ناتجة عن عمليات هدر للقطع الأجنبي عبر الاستخدام العشوائي غير المنظم للعملات الأجنبية في التمويلات التجارية، فهنالك بعض المواد في الأسواق تستهلك القطع بشكل كبير وبطريقة فوضوية، نسبة منها غير ضرورية وبعضها الآخر رديء، وبالتالي هنالك هدر للقطع الأجنبي في استيراد أو تهريب هذه المواد وعملية ضبطها ستؤدّي إلى ترشيد في استخدام القطع، كما أن تدخلات “المركزي” العلنية وغير العلنية الأخيرة والحازمة أثمرت عن استقرار محدّد عند مستوى 188- 195 ليرة للدولار الواحد، وجميع التوقعات تشير إلى هبوط وتراجعات في سعر الدولار، ويمكن أن تصل إلى الثبات عند سعر 180 ليرة لفترة زمنية طويلة، بسبب تبدّد المخاوف من الحرب ضد “داعش”، والتحسّن الاقتصادي الملموس، مع أهمية الترويج من جديد لحملة “ادعموا العملة الوطنية”، لتعزيز الثقة بالليرة السورية.
دمشق – سامر حلاس