"فوبيا داعش" تضرب أندونيسيا وماليزيا والفلبين فرنسا تتحوّل إلى بؤرة لـ"الجهاديين".. وبريطانيا إلى أرض خصبة لـ"جهاد النكاح"
في مؤشر على عجز الدول الغربية على كبح جماح انتشار الفكر المتطرف بين صفوف مواطنيها، بعد أن عمدت على رعايته وتصديره إلى الدول الأخرى، أقر وزير الداخلية الفرنسي برنارد كازينوف أمس أن عدد المتطرفين الفرنسيين الذين انضموا إلى التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق زاد بنسبة 74 بالمئة هذا العام، ليرتفع إلى نحو ألف شخص، مشيراً إلى ضرورة اعتماد قانون صارم جديد لمكافحة الإرهاب في أقرب وقت، فيما كشفت معلومات أمنية أن المئات من النساء والفتيات يغادرن الدول الغربية للانضمام إلى الإرهابيين في الشرق الأوسط ما تسبب بتزايد مخاوف محققي وكالات مكافحة الإرهاب الغربية.
وكانت فرنسا استفاقت من سباتها الأسبوع الماضي بعدما بات الإرهاب الذي دعمته وتغاضت عنه في سورية والعراق يدق أبوابها بقوة، لتعلن على لسان وزير داخليتها أنها ستمنع مواطنيها من التوجه إلى سورية للقتال في صفوف تنظيم “داعش” الإرهابي، معتبراً أن الحكومة الفرنسية تأخذ على محمل الجد كل التهديدات ضد فرنسا.
في الأثناء، كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن فتيات قد لا تتجاوز أعمارهن الـ 14 أو الـ 15 عاماً يغادرن بشكل أساسي إلى سورية بهدف الزواج من إرهابيين، “جهاد النكاح”، والانخراط في صفوف التنظيمات الإرهابية، ناهيك عن أن بعضهن يحملن السلاح، وذلك بعد أن تمّ تجنيد عدد كبير منهن باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وحذّرت من أن هؤلاء النسوة والفتيات يشكلن نحو عشرة بالمئة من الأشخاص الذين يغادرون أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا لإقامة روابط مع التنظيمات المتطرفة، بما في ذلك تنظيم “داعش” الإرهابي، لافتة إلى أن فرنسا تتصدر القائمة من ناحية أعداد الإرهابيات المتطرفات المجندات، وذلك بـ 63 فتاة، ما يشكل25 بالمئة من مجموع الفتيات اللواتي يقدمن على هذه الخطوة، فيما تفيد تقارير بأن نحو 60 أخريات يفكرن باتخاذ هذه الخطوة.
وأكد كازينوف أن السلطات الفرنسية اعتقلت في وقت سابق من الشهر الجاري خمسة أشخاص بينهم شخص وشقيقته بتهمة انتمائهم لعصابة في وسط فرنسا متخصصة في تجنيد الشابات الفرنسيات.
ويعتقد خبراء مكافحة الإرهاب في بريطانيا أن حوالى 50 فتاة بريطانية انضمت إلى داعش، وأن عشرة بالمئة منهن سافرن إلى سورية للمشاركة في العمليات المسلحة التي تشنها التنظيمات الإرهابية، حيث يعتقد أن الكثيرات متواجدات في الرقة.
ولفت باحثون من المركز الدولي لدراسة التطرف في كينغز كوليدج في لندن إلى أن أعمار الفتيات اللواتي تمّ تحديد هويتهن تتراوح ما بين 16 و24 عاماً، وأن أعداداً كبيرة منهن خريجات جامعيات تركن عائلاتهن وسافرن للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية، مشيرين إلى أن 40 امرأة على الأقل أصغرهن عمرها 13 عاماً من ألمانيا انضممن إلى داعش في سورية والعراق.
وأشار هانز جورج ماسين رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور في ألمانيا إلى أن أربع قاصرات سافرن بهدف “الزواج من جهاديين تعرفوا عليهم عبر الإنترنت”.
من جهتها كشفت وزارة الداخلية النمساوية أن 14 فتاة غادرن البلاد لمشاركة التنظيمات الإرهابية في أنشطتها الإرهابية بالشرق الأوسط.
ولفتت الصحيفة إلى أن بعض النساء والفتيات البريطانيات نشرن صوراً لأنفسهن على الانترنت وهن يحملن أسلحة وقنابل يدوية، وفي إحدى الصور رأساً مقطوعاً، في إشارة لانضمامهن إلى “داعش”.
وأشارت ميا بلوم أستاذة الدراسات الأمنية في جامعة ماساتشوستس إلى أن وسائل التواصل الاجتماعية تصوّر العيش مع المسلحين في سورية بأنه “المدينة الفاضلة”، لجذب النساء الأجنبيات، إضافة إلى تقديم حوافز مالية لهن مثل مصاريف السفر أو التعويض عن إنجاب الأطفال، غير أنها حذّرت من أن الواقع مختلف جداً، إذ إن التقارير بينت أن “النساء تعرضن للاغتصاب وسوء المعاملة والبيع في سوق النخاسة أو أجبرن على الزواج”.
إلى ذلك، فقدت الشرطة البريطانية الآمال في العثور على مراهقة بريطانية من أصل صومالي، 15 عاماً، سافرت إلى تركيا، ويعتقد أنها حاولت عبور الحدود السورية للالتحاق بتنظيم “داعش” بعد اعتناقها لأفكاره المتطرفة، وتعتقد الشرطة أن المراهقة التقت فتاة بريطانية أخرى يبلغ عمرها 17 عاماً في لندن قبل أن تسافرا معاً إلى اسطنبول في تركيا، لكنها يئست من العثور عليها قبل أن تعبر الحدود إلى سورية.
وقالت لويزا رولف مساعدة رئيس شرطة منطقة افون وسوميرست: يمكننا أن نؤكد أن الطالبة البريطانية من مدينة بريستول سافرت إلى تركيا وقد تكون حاولت أن تسلك طريقها إلى سورية، مؤكدة أنه يتوجب على الشرطة البريطانية أن تكون يقظة ومستعدة لرصد علامات التطرف.
وفي ملبورن اعتقلت الشرطة الأسترالية شخصاً بتهمة تمويل إرهابي أمريكي متطرف التحق بصفوف التنظيمات الإرهابية في سورية، وذلك في إطار عملية واسعة لمكافحة الإرهاب، وقال نيل غوغان نائب رئيس الشرطة الفدرالية: إن شخصاً في الـ 23 من العمر سيلاحق قضائياً بتهمة تمويل منظمة إرهابية بشكل متعمد، دون أن يكشف أي تفاصيل إضافية عن هوية المعتقل، وأوضح أن هذا الشخص قام بتحويل 12 ألف دولار إلى أمريكي من أجل تمويل سفره إلى سورية للالتحاق بصفوف الإرهابيين المتطرفين، ولفت إلى أن عملية الاعتقال تأتي بعد ثمانية أشهر من التحقيقات التي بدأت إثر معلومات حصل عليها مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي “إف. بي. آي” بهذا الشأن.
ولم يعط غوغان أي تفاصيل عن هوية الإرهابي الأمريكي، غير أنه أشار إلى أنه متواجد حالياً في سورية، وهو يقاتل في صفوف “داعش”.
وكان المحققون يخشون من أن يقوم المشتبه به بتحويلات أخرى ما دفعهم إلى اعتقاله، إلا أنهم لا يشتبهون بأنه كان يخطط لتنفيذ هجوم على الأراضي الاسترالية.
ويأتي توقيف المشتبه به بعد أيام على قيام إرهابي بإصابة اثنين من رجال الشرطة بجروح بعد مهاجمتهما بالسكين، قبل أن يقتل بالرصاص داخل أحد مراكز الشرطة في استراليا.
وأعلنت شرطة مكافحة الإرهاب الاسترالية في وقت سابق أنها داهمت عدداً من المباني جنوب مدينة ملبورن في إطار حملة أمنية ضد متطرفين تعتقد السلطات أنهم يخططون لهجمات في لبلاد.
يأتي ذلك، فيما تتزايد المخاوف في دول جنوب شرق آسيا، مثل اندونيسيا وماليزيا والفلبين، التي سبق أن شهدت هجمات إرهابية دموية، من الدعوات التي يطلقها تنظيم “داعش”، في ظل توجه المئات من شبابها إلى سورية والعراق للقتال إلى جانب المجموعات والتنظيمات الإرهابية، وبحسب محللين فإن المخاوف تتزايد من عودة هؤلاء الشبان إلى بلادهم حاملين أفكاراً متطرفة أو قيامهم بتجنيد آخرين في الداخل للقيام بشن هجمات إرهابية.
وقال بانتارتو باندورو من جامعة الدفاع في اندونيسيا: لا تزال هناك بؤر عديدة للتجنيد في بعض المناطق، وإذا عاد إرهابيون فبإمكانهم تعزيز المجموعات الموجودة أصلاً، وهذه ستكون مشكلة كبيرة، وبين أن مقاتلي تنظيم “داعش” كسبوا تأييد المتطرفين في جنوب شرق آسيا، ولهذا يتعين على سلطات دول المنطقة التباحث في هذه المشكلة الجديدة التي تهدد الأمن الإقليمي، قبل أن تتركز شبكات التنظيم أكثر في المنطقة.
وكان مركز تحليل النزاعات في جاكرتا حذر من هجمات يمكن أن تستهدف أجانب مجدداً في أندونيسيا، حيث يدعم بعض المتطرفين الدعوات لقتل السياح، وأضاف: إن إرهابيين أندونيسيين وماليزيين في سورية قاموا بتشكيل مجموعة خاصة بهم على ما يبدو، ما يمكن أن ينطوي على عواقب سيئة، مشدداً على أن عناصر من هذه المجموعة يمكن أن يصبحوا رأس حربة مجموعة قتالية قادرة على تهديد أندونيسيا وماليزيا والفلبين.
وفي السياق، كشفت صحيفة ايدنليك التركية أن عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي سرعوا أعمال تشكيل خلايا تابعة لهم في مدينة أورفا جنوب تركيا، وأشارت إلى أن عناصر التنظيم يحظون باهتمام ودعم الجمعيات الإسلامية والأوقاف التركية ومنظمات المجتمع المدني في تركيا، المدعومة من الخارج، ويقومون بتهديد رجال الشرطة، الذين يطالبونهم بإبراز هوياتهم، موضحة أن قوات الأمن التركية لا تستطيع توقيفهم حيث تقدّم حكومة حزب العدالة والتنمية الحماية لهم.