قراءة في ديوان «كزائرة على عَجَل»
للشاعرة /سوزان عبد الرحمن/
لمست فيه حرير الحروف، ونداوة الربيع، والألق النيساني، بعد “مَطْرة” خائفة، زنّرت سورية بخواصرها، وألبستها عباءة الفرح، وبشّرتها بموسم يليق بأبنائه الناطرين على ثغور، وتخوم هذا الوطن المحاصر بنفايات ما خلّفته الحضارات البشرية من مرتزقة ووجوه “مشحورة”، ومن جميع الألوان، وبعض دول الجوار تتدفق عليهم هِبات آبار النفط، لقتل إنسان “سورية” التي ما بخلت على أحد، فكيف بجيرانها “العربان الغربان وَوَ”.. سوزان عبد الرحمن، شاعرة تتباهى بما أعطته في ديوانها/ كزائرة على عجل/ من هموم الأنثى، ومعاناتها في مجتمعنا الذي مازال حتى الآن “ذكورياً” للبعض رغم التواصل، والتباهي بأنهم من حضارة أعطت العالم أسرار وجوده!.
شاعرة مبدعة تألقت أفكارها، وبرعمت، وأزهرت تجربتها بين حدائق زميلاتها من الشاعرات اللواتي أعطين بزخم قصائد في منتهى الروعة، وأقول، وبكل جرأة وعناد قارئ متابع: إنها تغرف من نبع دفاق، وليست تجرف من قيعان صلدة صماء؟! فهي تتناص مع الشاعرة الراحلة “أمل جراح” في معظم قصائدها، وكذلك الشاعرة “فاديا غيبور”، وشاعرات أخريات مبدعات.
تقول سوزان: “وكلما أوصدت أبوابي/تأتي عواصفك/ وتحطمها”.. ص 98.
تنسج شاعرتنا أشعارها على أنوال “الومضة الشعرية” التي تختزل في “عبها” آهات، وتنهدات العالم بأسره، لكنها تتواجه في بعض الندوات، والأمسيات بالصّد أحياناً من قبل بعض “النقدة النّقَمَة” الحاقدين، والكارهين أن تتسيد المرأة/ الأنثى منبر الشعر، وتخطف بإبداعها “ذائقة الجمهور” من صنوف، ومكونات مجتمعنا السوري، تقول الشاعرة بدهشة وانبهار: “على حافة الهاوية/أقف/لأتعلّق بفضائك”.. ص9.
ولا أدري لماذا الشعر يُدرك أنه قاربَ أحياناً “سدرة المنتهى” عند البعض من الشعراء، ذكراً أم أنثى لا فرق؟ ينحون الدرب الموصل إلى “المطلق”، حيث يتراءى لهم الخلاص، والمنجى، ولرابعة العدوية، وميمونة، وو…
تقول الشاعرة سوزان في تجلياتها وأمداء خلوتها إلى الخالق مستجيرة به، من قطاع الطرق والحاسدين الذين لا يرون في المرأة / الأنثى إلا ما يحلو لهم، وما يتمنون منها، وما يشتهون: “أقترب من وجه الله/ وأهمس في أُذنِهِ/ إنه عشقي الأزلي”.. ص 92.
“أسامرك ببقايا رمادي/ لم يبقَ لدي منك/ سوى شهقة”.. ص 78.
الشعر هاجس وامض، لا يدرك متى ضيع مكان استقراره، يجتاحنا لا ندري، وأيان، ومتى وكما قيل: “الشعر لا يوصف، ولا يعرّف، فهو من هذيان المصادفة، والإحساس” و”الحجر لا يرمى إلا على الشجر المثمر”
“كي تزيد أنوثتي/أتعمّد بماء قداستك”.. ص 75.
وليست كل القصائد “شاعرة”، هناك القصيدة الدخيلة، واللاجئة، والسبية، والمترهلة، المتراخية، تلاحقها نعوت، وأرتال، من السباب، وأكيال من الشتائم المنمنمة، كونها، أي القصيدة، تفتقر، وتفتقد هويتها الفنية، وإلى زمرتها الدموية، حتى تجهل من هي “دايتها- قابلتها” التي ولّدتْها؟!.
“كلما اشتقت إليك أشم رائحة كفي/لم يبق منك إلا كلمات/أرتشفها في مواجع الحنين”.. ص84.
“كزائرة على عجل”- شعر: سوزان عبد الرحمن- دار بعل 2013.
خضر عكاري