اقتصاد

زيادة الإنتاج المحلي وضبط أفضل للأسواق.. كفيلان بالحدّ من التضخم أجور النقل الجديدة المرتفعة وتذبذب سعر الصرف أفقدا تنزيلات نهاية الصيف جاذبيتها

شهدت أسواق دمشق إقبالاً لافتاً من المواطنين، رغم القفزة النوعية في أسعار مواد الأغذية والألبسة التي تأثرت بزيادة سعر صرف الدولار خلال الشهر الماضي، واقتراب عيد الأضحى، وأحدثت نوعاً من الإرباك لأصحاب المحلات في الأسواق المشهورة وحتى المغمورة منها، ولم تخفّف كثيراً مواسم التنزيلات الصيفية من وطأة لهيب الأسواق.
رغم توفر السلع الأساسية المطلوبة في الأعياد أدى التضخم في أسعارها إلى ركود في الطلب إلى مستويات متدنية، ساهمت ممارسات بعض التّجار الاحتكارية، في زيادة الفجوة بين الأسعار ودخل المواطن، حسب تقرير صادر عن جمعية حماية المستهلك عقب إطلاق وزارة التجارة الداخلية على لسان الوزير حسان صفية، تصريحاً يكشف فيه عن خطّة أعدّتها الوزارة لتفعيل عمل الرقابة وتثبيت الأسعار.

إعلانات مكثفة
ولم تثمر إعلانات التنزيلات المنتشرة بكثرة على واجهات محلات الألبسة في الأسواق، مع نهاية الموسم الصيفي لهذا العام، بجذب حتى أصحاب الدخل المتوسط في كسر جمود الأسواق بسبب الغلاء غير المتوقع قبل فترة العيد التي جعلت تخفيضات بمعدلات تتراوح بين 20 و40% لا تكسر ولو جزئياً الفجوة بين الأجور والأسعار، بحيث يتعيّن تنزيلات بين 50 إلى 70% لتحقيق حركة مقبولة في الطلب.
يمكن الإشارة إلى عوامل أخرى دفعت التّجار إلى رفع أسعار منتجاتهم وخصوصاً الألبسة، مثل تراجع الإنتاج المحلي وسيطرة البضائع الأجنبية “الأوروبية” المستوردة المرتفعة الثمن في أسواقنا، إضافة إلى البضائع الصينيّة المنخفضة الجودة والسعر، وقبل الأزمة كنّا نتمتع بإنتاج محلي ذي مواصفات جيدة وأسعار مخفّضة، كذلك ساهمت الزيادات الأخيرة في رفع سعر ليتر المازوت من 60 إلى 80 ليرة، والبنزين من 120 إلى 140 ليرة، في رفع تكاليف نقل البضائع وبالتالي زيادة التكلفة النهائية.
حبر على ورق!
كما أن الرقابة على الأسواق مازالت دون الحد الأدنى المطلوب، واقتصرت على جولات وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومديريات التموين بالمحافظات، والدليل تفاوت الأسعار بين منطقة وأخرى بشكل كبير وواضح، وتزايد الشكاوى المقدمة إلى جمعية حماية المستهلك تتحدث عن حالات غش وتلاعب بالأسعار والمكاييل والمواصفات –حسب معلومات واردة لـ”البعث” من الجمعية-.
من المؤكد أن القضاء على التضخم في ظل الظروف الحالية يبدو صعباً، ولكن يمكن التقليص من نسَبه، فارتفاع تكاليف الإنتاج من الصعب حالياً معالجته بسبب الظروف الحالية التي تمرّ بها سورية، وكذلك الأمر بالنسبة للعامل الثاني وهو تأمين السلع وعرضها في الوقت المناسب نتيجة الأزمة وتداعياتها. إذاً، تبقى أمامنا زيادة عرض السلع في السوق وتأمينها وتشديد الرقابة، وهي إجراءات يجب العمل عليها من خلال دفع عملية الإنتاج المحلي، والتدخل الإيجابي من قبل مؤسسات الحكومة، وتسهيل عمليات استيراد السلع وتسريعها قدر الإمكان بحيث تشمل نوعين من السلع، أولها السلع والمواد الغذائية الضرورية والأساسية، أما النوع الثاني من المواد فهي المواد الأولية الخاصة بالعمليات الإنتاجية والصناعة، بالإضافة إلى مساعدة المنتجين وضبط أكثر للأسواق وسوق سعر الصرف كون الدولار يلعب دوراً في التضخم.

رأس المال
ويعدّ معدل تضخم نسبته فوق 60% موجعاً للشرائح الفقيرة وذوي الدخل المحدود ويقلل من القدرة الشرائية، ولكن في ظل الحرب الداخلية والخارجية على سورية، أعتقد أن هذا الرقم معقول، بل ويعبِّر عن أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد متماسك وحقيقي.
وجهات نظر أخرى ترى أن ما نعاني منه في سورية هو عبارة عن أزمة في التشريعات الحكومية والسياسات الضريبية، كما يرى عضو غرفة تجارة دمشق سمير إسحاق، حيث تفرض معظم دول العالم، وخاصة المتقدمة صناعياً، الضرائب الكبيرة على رأس المال الثابت، كالعقارات والأراضي، فرأس المال الثابت لا ينتج سلعاً، كما أنّه لا ينتج فرص عمل، ويعتقد إسحاق في تصريح صحفي أن التشريعات في سورية لا تفرض سوى رسوم قليلة على رأس المال الثابت من أجل تأمين واردات للخزينة، بينما تفرض ضرائب ورسوماً كبيرة وكثيرة على ورشة خياطة صغيرة، والتي تعدّ شكلاً من أشكال رأس المال الإنتاجي الذي ينتج سلعاً ويقدّم فرص عمل لشريحة واسعة من الشباب، وسوء هذه السياسات الضريبية يؤدي إلى تراجع الاستثمار في رأس المال الإنتاجي، وبالتالي تراجع المنتج المحلي مقابل تقدم المنتج المستورد.
دمشق– سامر حلاس