إحساس عالٍ بالمسؤولية
لا يجوز أن تُذْكَر حرب تشرين دون أن يُذكر الرئيس الراحل حافظ الأسد، القائد الذي حمل في قلبه شعور الإصرار على الثأر من العدو عما تم في عدوان 1967، وذلك باستعادة الأرض التي اغتصبت.
وبين الأمس واليوم، نستذكر تداعيات اقتصادية من تلاحم الشعب وتعاطفه واندفاعه لكي يعطي كل ما يملك ليبقى الوطن صامداً في وجه الأعداء والمتآمرين، فـ”التحيّط” وتخزين السلع من عامة الناس كان في أدنى مستوياته، بل أكثر، كان كل فرد من أبناء شعبنا جاهزاً لأن يقدم ما لديه ويعطيه للآخرين، وعدد من التجار ورجال الأعمال كانوا وما زالوا يتعاونون مع الحكومة لملء الأسواق بما تحتاج إليه وبكل ما يمكن أن يخطر في الذهن، كالمولّدات الإضافية الكهربائية -مثلاً- للمخابز والمطاحن حيث تستمر العملية التموينية والاستهلاكية في بلدنا دون أي إزعاج.
أيام حرب تشرين التحريرية، كما الآن، كان الإحساس بالمسؤولية عالياً جداً، فالناس لم تسحب أموالها وودائعها عندما وجدت في المصارف أمانها وملاذها، وأن ليس ثمة ما يقلق أو يخيف من بقائها في خزائن الوطن؛ كما لم يكن التلاحم الشعبي داخلياً فقط وإنما كان خارجياً أيضاً شمل معظم السوريين الموجودين خارج سورية، وكان لمؤشر ارتفاع قيمة الحوالات المالية إلى سورية وتضاعف المساعدات إليها، أكبر الأثر والدلالة على ذلك التآلف.
هذا التلاحم الشعبي، بما عكسه من حالة وجدانية نطقها القلب، شكّل مشهداً لا يوصف وقلما يحدث، لأن الهدف في السادس من تشرين كان واحداً، والإرادة الشعبية كانت متحدة وعيون السوريين كانت تصبو إلى تحقيق حلم النصر، ولأنه الغاية الأسمى، تحمّل الناس في أحايين كثيرة صعوبات نقص السلع الأساسية وحصاراً اقتصادياً جائراً وظالماً، ولأن وحدة وسيادة الوطن هي الغاية، احتاجت إلى تكاتف ونصرة الرأي الصحيح حتى لو اختلف معه.
خرجت سورية بعد عام 1973 أقوى، بل حققت ميزانيتها في العام التالي فائضاً مالياً بمعدل الضعف عن العام السابق، ولم تتجه الدولة إلى أذون الخزانة إلا في أضيق الحدود.
وقد تكون أهم الدروس الاقتصادية المستقاة من الحروب، أن نكون قادرين على منح القرار، وعلى اتخاذه في الوقت نفسه، وأن تكون هناك إدارة اقتصادية جيدة قائمة على كل الأفكار، تستطيع تعديل أهدافها وفقاً للمتطلبات الاقتصادية والمالية والإدارية الجديدة.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com