خلافاً لتوجهات شد الأحزمة وضغط الإنفاق الحكومي صرفيات بالجملة وبذخ لا ضرورة له في المؤسسات والدوائر تحت بند “التكريم”
طالما أكدت رئاسة مجلس الوزراء على الإقلال قدر الإمكان من الإنفاق غير الضروري وشد الأحزمة، وتخفيض مخصّصات آلاف الآليات الحكومية من المحروقات لتوفير ما يمكن توفيره، وهذا مطلب محق في ظروف غاية الصعوبة نحتاج فيها إلى جهود الجميع للامتثال لهذه التوجهات.
لكن يبدو أن البعض يبرع في اللعب على هذه التعليمات والبحث عن مخرج يخوّله صرف ما يريد ويشاء للتهرب من المسؤوليات وإنفاق ما يلزم، حيث درجت مؤخراً موضة التكريم “أبناء المهندسين المتفوقين وعمال شركات وموظفي مديريات” إلى ما هنالك من تسميات براقة وجذابة وتغليفات مسرحية جميلة، رغم ما تحمل في طياتها من هدر للأموال العامة بلا أي سبب وجيه أو مقنع من تكريمات لغير أسر وعوائل وأبناء الشهداء وهم الأولوية رقم واحد في هذا الظرف؟.
وما يطفو على السطح من هذه الإجراءات قليل جداً إذا ما قورن بما هو مخفيّ وغير معلن، لاسيما ونحن في ذروة وضع اقتصادي غاية في الصعوبة فلم تكتفِ بعض الدوائر بإقامة الحفلات وتقديم الضيافة لمن حضر ولمن غاب، كما تمّ قبل أسبوعين في طرطوس، حيث تمّ تكريم وزير السياحة في يوم السياحة العالمي دون أن ندري لماذا هذا التكريم وماذا قدمت وزارة السياحة للسياح الوافدين إن وجدوا أو للسياحة الداخلية؟!.
والملفت عندما يتم التكريم في أي دائرة، فإن هذا يعني تعطيل الدائرة بكامل موظفيها طيلة يوم التكريم.
وهنا لابد لنا من طرح السؤال المهم التالي: ماذا يعني لو لم يحصل هكذا تكريم؟، هل يتوقف هؤلاء المكرمون عن عملهم وعطائهم وبذل الجهود المناطة بهم من أجل النهوض بالعمل والارتقاء به نحو الأفضل، فهذا يعدّ جزءاً من الواجب الوظيفي في أي زمان ومكان، فكيف هي الحال إذا كان في ظروف استثنائية صعبة كالتي نعيشها الآن.
إن أقل ما يمكن أن يقال عن فكرة هذه الاحتفالات والكرنفالات في هذه الظروف الراهنة أنها جاءت في وقت غير مناسب، إن لم نقل يُقصد من ورائها ما يقصد، وكل ليرة يتم توفيرها لخزينة الدولة هي رصيد لمتانة اقتصادنا.
وتكفي نظرة واحدة لما يقدم من ضيافة وأزهار وهدايا من المال العام، لندرك حجم المغالاة إن لم نقل الفاجعة، فقد يكون الجانب الاحتفالي واستمرار العيش بحياة هانئة ضرورة لكن ليس بهذا البذخ والهدر الكبيرين!!، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة قدر الإمكان لتقليص الإنفاق لدرجة وصلت بها الأمور للمشاريع التي لا تتعدى نسبة التنفيذ فيها السبعين بالمائة بل أقل من ذلك، فكيف إذن ننفق الملايين على مستوى للتكريم.
حماة– محمد فرحة