غياب التنسيق = تخبّط
يوماً بعد يوم تتكشف حقيقة عدم التنسيق التام والجدّي بين وزاراتنا وجهاتنا الحكومية، وما ينجم عنه من تخبّط ينعكس على معيشة المواطن بشكل مباشر!.
وآخر ما حُرّر في هذا الاتجاه وقوع المواطن فريسة سهلة في براثن أصحاب وسائط النقل على اختلاف مسمّياتها، الذين سارعوا إلى رفع تعريفاتهم دون وجه حق بعيداً عن أي اعتبار قانوني وأخلاقي، إثر إصدار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قرار رفع أسعار مادتي البنزين والمازوت.
بمجرد صدور هذا القرار لم يتوانَ القائمون على خدمة النقل الداخلي برفع بدلات أجور مركباتهم وخاصة تلك العاملة على المازوت بنسبة فاقت نسبة الارتفاع الأخير، إذ وصلت في بعض الخطوط إلى 25%، بينما نسبة ارتفاع سعر المازوت لم تتجاوز الـ20%، علماً أن التعرفة القديمة التي كان يتقاضاها أصحاب هذه المركبات تزيد على التعرفة المعتمدة أصولاً بحجة أنهم كانوا يحصلون على مادة المازوت بسعر 150 ليرة لليتر، ما يعني بالمحصلة مضاعفة أرباحهم من جيوب المواطن نتيجة غياب أدنى مستويات الرقابة والمحاسبة القانونية من الجهات المعنية وفي مقدّمتها وزارتا التجارة الداخلية، والإدارة المحلية ممثلة بالمحافظات، إلى جانب إدارة المرور.
المضحك المبكي في هذا المشهد أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وبعد نحو أسبوع من إصدارها قرار رفع أسعار المحروقات، دأبت على دراسة التعرفة الجديدة بما يتناسب مع قرارها الأخير حرصاً منها على حماية المستهلكين! جاهلة أو متجاهلة أن قرار الارتفاع تزامن مع عيد الأضحى وازدياد حركة المسافرين بين المحافظات وتعرّضهم لاستغلال أصحاب البولمانات والباصات الذين اقتنصوا فرصة اضطرار المواطنين إلى السفر من جهة، وغياب الأجهزة الرقابية من جهة ثانية، فرفعوا تعرفة الركوب بنسبة فاقت الـ100% في بعض الخطوط!.
ألم يكن من المجدي أن تنسّق وزارة التجارة الداخلية مع الوزارات والجهات الأخرى المعنية بهذا الموضوع، وتصدر التعرفة الجديدة بالتزامن مع قرارها القاضي بارتفاع أسعار المحروقات، مع الإشارة إلى أنها حتى كتابة هذه السطور لم تنتهِ من دراسة التعرفة المرتقبة؟!.
ونذكّر الوزارة، وجميع المكاتب التنفيذية المعنية بقطاع النقل في جميع المحافظات، وإدارة المرور، بأن التعرفة القديمة لم تكن معتمدة بالمطلق من أصحاب المركبات، بل كانوا يتقاضون ضعفها، فهل يستطيعون تطبيق التعرفة الجديدة التي على ما يبدو ستكون أقل من القديمة وفق بعض التسريبات؟.
أغلب الظن أن سطوة السائقين ستكون أقوى من القرارات الحكومية، والمواطن في النهاية هو الضحية، والساعات القادمة خير برهان على صحّة ظنّنا الذي نأمل دحضه!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com