أهالي عين العرب بين ناري "أردوغان المتطرف" و"داعش" الإرهابي الطائرات التركية تقصف مواقع حزب العمال.. واتفاق السلام في مهب الريح
في ظل تنامي الاحتجاجات ضد الموقف التركي من أحداث عين العرب، كشفت وسائل إعلام تركية أن الطائرات الحربية التركية قصفت مواقع لحزب العمال الكردستاني في اليومين الماضيين، في أول عمليةٍ جوية تركية من نوعها ضد الحزب منذ انطلاق عملية السلام بينه وبين السلطات التركية، وأشار موقع صحيفة “حرييت” التركية إلى أن الغارات تسببت بأضرارٍ جسيمةٍ في مواقع حزب العمال الكردستاني في إقليم هاكاري القريب من الحدود العراقية.
يأتي ذلك بعد أيام على قمع الشرطة التركية للمظاهرات، التي عمّت المدن التركية تنديداً بموقف حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم الداعم لتنظيم داعش الإرهابي واعتداءات التنظيم المذكور على مدينة عين العرب السورية، والذي أدى إلى مقتل 38 شخصاً، وجرح واعتقال المئات.
وأوضحت مصادر أمنية وصحفية تركية أن الضربات نفذت بعلم رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو.
فيما أقدمت سلطات الأمن التابعة لنظام أردوغان على احتجاز أكثر من مئتين وستين شخصاً من أهالي مدينة عين العرب، إثر وصولهم إلى بلدة سروج في محافظة أورفا التركية، بعدما اضطروا لمغادرة مدينتهم هرباً من جرائم وانتهاكات تنظيم داعش الإرهابي، واعتدت عليهم، وقالت “جمهورييت” التركية في عددها الصادر أمس: إن نحو 261 شخصاً من سكان مدينة عين العرب، بينهم أطفال ونساء حوامل وصحفيون، احتجزتهم السلطات التركية في الصالة الرياضة ببلدة سروج.
وأوضحت أن قوات الأمن التركية استخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لقمع هؤلاء، الذين أضربوا عن الطعام لدى احتجاجهم على استمرار احتجازهم وترديدهم هتافات منددة بتنظيم داعش الإرهابي.
وأعرب كل من إبراهيم إيهان وإبراهيم بينيجي وفيصل ساري يلدز وإيسل توغلوك النواب عن الحزب الديمقراطي الشعبي التركي المعارض عن تضامنهم مع المحتجزين من أبناء عين العرب، وأعلنوا إثر دخولهم الصالة الرياضية بأنهم لن يخرجوا من هناك حتى إطلاق سراح جميع الموجودين فيها، فيما احتشد أقارب المحتجزين وسكان البلدة هناك.
وأعلنت زبيدة زمرد رئيس فرع حزب المناطق الديمقراطية بمحافظة ديار بكر و50 امرأة من أعضاء حركة المرأة الديمقراطية الحرة إضرابهن عن الطعام حتى تلبية مطالبهن، وطالبن بفتح ممر أمني يمتد إلى مدينة عين العرب من أجل تقديم المساعدات لأهاليها والمدافعين عنها من وحدات الحماية.
وجدد رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كليتشدار أوغلو تأكيده أن حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا تدعم بشكل علني التنظيمات الإرهابية في المنطقة، مستعرضاً الوثائق التي تثبت تقديم تلك الحكومة الدعم للتنظيمات الإرهابية المتطرفة وعلى رأسها تنظيم داعش، وأشار إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية حظرت نشر هذه الوثائق، متسائلاً عن سبب حظر نشرها إذا كانت تدّعي تقدم المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري.
وقدّم كليتشدار أوغلو للرأي العام وثيقة تثبت تزويد حكومة حزب العدالة والتنمية تنظيم داعش الإرهابي بالسلاح، مبيناً أن الأسلحة التي يملكها هذا التنظيم الإرهابي هي الأسلحة التي أرسلها أردوغان وداود أوغلو إلى سورية، ولفت إلى بيع تنظيم داعش نفطاً يقدّر بمليوني دولار يومياً، متسائلاً: من يشتري النفط من داعش؟!، كما أن داعش يملك مكاتب تجنيد المقاتلين في أنقرة واسطنبول وغازي عنتاب، مشيراً إلى تشكيل تنظيم “داعش” الخلايا الإرهابية في تركيا واجتماعهم في المدن التركية بعلم حكومة حزب العدالة والتنمية.
ولفت إلى تصريحات جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي حول اعتراف أردوغان بعبور الإرهابيين الى سورية عبر الحدود التركية، وقال: إن بايدن اعتذر من أردوغان ليس بسبب عدم صحة كلامه، بل نتيجة إفصاحه عن مضمون لقاء خاص أجراه مع أردوغان.
في الأثناء، انتقدت صحيفة “اوزغور غونديم” التركية سياسات أردوغان تجاه “عين العرب”، مؤكدة أنه يتحدث بلغة تنظيم داعش الإرهابي، ورأت في تعليق لها أورده الكاتب المتخصص بالشؤون التركية محمد نور الدين أن أردوغان يجلب نهايته بنفسه إذا لم يتم حل مشكلة الأكراد في تركيا، مستنكرة في هذا السياق ازدواجية الخطاب الذي ينتهجه أردوغان، وقالت ساخرة: اعتبر أنه لا يمكن النظر إلى الأحداث في سورية ومصر والصومال على أنها شأن خارجي بالنسبة لتركيا في وقت تساءل فيه: لماذا يحتج أبناء ديار بكر جنوب شرق تركيا على ما يجري في مدينة عين العرب من اعتداء من قبل تنظيم داعش الإرهابي؟!. واعتبر نور الدين، في تقريره الذي حمل عنوان “تركيا في مواجهة خطري إرهابيي داعش والحرب الأهلية”، أن الغضب الشعبي في تركيا بلغ ذروته بسبب مواقف أردوغان، الذي ساوى فيها إرهابيي داعش بأعضاء وأنصار حزب العمال الكردستاني في تركيا، لافتاً إلى أن الأوساط التركية تتخوّف من عودة الصراع العسكري التركي الكردي في ظل قناعة الأكراد بأن تركيا لم تتخل عن سياسة إنكار الهوية الكردية من خلال “إسقاط مدينة عين العرب عبر تنظيم داعش الإرهابي”، وأضاف: إن ما يفاقم المخاطر التي يواجهها أردوغان أن الانتخابات النيابية ستجري في تركيا في حزيران المقبل ما يعني تصاعد حدة الخطاب القومي المتشدد لحصد تأييد الفئات القومية الموالية لحزب الحركة القومية بعدما بات أردوغان فاقداً الأمل لتأييد الأكراد له، وفي ظل الكلام عن أنه حتى تلك الفئة من الأكراد الذين صوّتوا له في انتخابات الرئاسة قد شاركوا في تظاهرات الاحتجاج دعماً لمدينة عين العرب، وأشار إلى أن أردوغان بات أكثر تطرفاً، بل سيزداد هذا التطرف مع اقتراب الانتخابات النيابية في العام المقبل، وخاصة أنه كان يراهن على دعم كردي لتغيير النظام في تركيا ليكون رئاسياً، لكن تقدّم إرهابيي داعش أدخل المفاوضات بين الدولة والأكراد دائرة الخطر.
وحذّر بعض الكتّاب والصحفيين الأتراك أيضاً من أن تركيا قد تواجه خطر إرهابيي “داعش” والحرب الأهلية معاً.