"تحالف الدواعش" يجتمع في واشنطن لإنقاذ "استراتيجية أوباما" الفاشلة إيران: حماة الإرهاب يسعون إلى حل مشاكلهم الداخلية بـ"استعراضات عسكرية"
فيما يجتمع في قاعدة أندروز الجوية قرب واشنطن، عدد من القادة العسكريين للدول الغربية وتوابعهم العربية المشاركين في التحالف الأمريكي ضد “داعش”، ويسعى الأمريكيون مع المجتمعين لإنقاذ “استراتيجية أوباما”، التي ثبت، منذ الأيام الأولى لتنفيذها، أنها خالية من أية استراتيجية وفاشلة، ويعلّق أحد الناشطين السوريين على غارات التحالف ساخراً، أن عدد قتلى الإرهابيين في كمين الغوطة قبل أشهر أكثر من عدد قتلى “داعش”، الذين استهدفتهم حوالي خمسمئة غارة جوية للتحالف خلال ثلاثة أسابيع مضت.
ومع اجتماع الأهداف للدول المجتمعة في تدمير وتفتيت سورية والعراق، بحجة المحاربة الصورية للإرهاب، بدا الافتراق واضحاً في أولويات كل دولة على حدة، والشروط التي تضعها بعض الدول الإقليمية كتركيا، للانضمام بشكل فعلي للتحالف، ولكن ما هو المتوقع من دولة اعترف مسؤولها “الأول”، قبل أيام لوفد عسكري أمريكي زار أنقرة، بأنهم منحوا “داعش” فرصة التشكل على أساس جغرافي لمنع مرور خطوط النفط والغاز من إيران والعراق نحو البحر الأبيض المتوسط.
المؤكد أن هذا التحالف غير جاد في محاربته للإرهاب، كيف ذلك، والتنظيم الإرهابي يتقدّم في الأنبار العراقية ويحاصر مدينة عين عرب السورية، دون أن تكون لغاراته أية جدوى، ولا يمكن أن يكون لها جدوى دون التنسيق مع الدول التي تعاني من الإرهاب على الأرض، والدول التي تحارب الإرهاب فعلاً كإيران وروسيا، لا تلك التي أوجدت ودعمت وموّلت هذه التنظيمات، وسخّرت لأجلها مجالها الإعلامي، باعتراف الغربيين أنفسهم، والأمريكيين على وجه الخصوص.
تهجّم الأمريكيين على حلفائهم، والاعتراف بأنهم دعموا الإرهاب في المنطقة، يأتي في إطار وظيفي للضغط على الحلفاء لتقديم ولاء أكبر، وعدم وضع العراقيل أو الشروط في وجه المخططات الأمريكية، وتذكيرهم أنهم مجرد أتباع لا أكثر، كما أن ذلك لن يخفي حقيقة أن تنظيم “داعش” صنيعة الاستخبارات الأمريكية وربيباتها.
الوثائق السرية الصادرة عن وكالة الأمن القومي الأمريكي، التي سربها الموظف السابق في الوكالة إدوارد سنودن، تقول: إن تنظيم داعش الإرهابي هو صنيعة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، كجزء من الاستراتيجية المسماة “عش الدبابير”، بهدف استقطاب المتطرفين من كل أنحاء العالم وتوجيههم إلى سورية.
وبحسب وثائق سنودن، التي أوردها الدبلوماسي الروسي السابق والخبير في شؤون الشرق الأوسط فيتشسلاف ماتوزوف، فإن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية تتحمّل مسؤولية إنشاء داعش، لافتاً إلى أن متزعم التنظيم الإرهابي المدعو أبو بكر البغدادي خضع لتدريب عسكري مكثف، لمدة عام كامل من قبل جهاز الموساد الإسرائيلي، بالتوازي مع تلقيه دروساً في اللاهوت وفن الخطابة.
وأكد ماتوزوف بهذا الصدد أن كل المعلومات حول داعش تؤكد أنه تنظيم عميل للاستخبارات، مستشهداً بما كشفه نبيل نعيم رئيس ما يُسمى حزب الجهاد الإسلامي الديمقراطي، والقائد السابق في تنظيم القاعدة الإرهابي في تصريح له مؤخراً أن “كل الأجنحة المتحدّرة من تنظيم القاعدة بما فيها داعش يعملون لدى المخابرات المركزية الأمريكية”.
كما أشار ماتوزوف إلى تصريح موظف أردني، في حزيران الماضي، أكد فيه أن أعضاء تنظيم داعش تلقوا في العام 2012 تدريبات عسكرية على أيدي مدربين أمريكيين في إحدى القواعد العسكرية السرية في الأردن، وقد شاعت في العام ذاته أخبار كثيرة أن الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والأردن مسؤولة عن قاعدة عسكرية تدريبية خاصة بالإرهابيين المتسللين إلى سورية في مدينة غور الصافي، بمحافظة الكرك الأردنية.
كل ذلك يؤكد أن جل الدول التي تقرع اليوم طبول الحرب ضد التنظيم الإرهابي، هي التي زرعته وأمدته مباشرة أو بالوكالة بكل متطلبات القوة والتغوّل ليأخذ هذا الحجم المخيف والمهدد للسلم والأمن إقليمياً ودولياً، ولذلك ليس أمام المجتمع الدولي، إن كان صادقاً في عزمه إرسال جيوش من 20 دولة لمحاربة التنظيم المتطرف، إلّا أن يمد يده إلى سورية لينصت إلى رأيها وليتحرّك بالتنسيق معها بشكل يفضي إلى استئصال هذا الغول مع حفظ سيادتها واستقلالها، وإلّا تحول الأمر إلى عدوان صريح يستدعي مقاومة شعبية شاملة.
وفي هذا السياق، أكد حسين أمير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية أن الحل العسكري لا يمكن أن يؤدي إلى تسوية الأزمة في سورية، مشيراً إلى أنه لا يمكن استخدام الإرهاب للإطاحة بالحكومات، وعلى الشعوب أن تتخذ القرار بهذا الشأن، وأشار خلال لقائه في طهران وكيل وزارة الخارجية القبرصي الكساندر زنون إلى موقف إيران الراسخ والواضح منذ بداية الأزمة في سورية، مؤكداً أن حماة الإرهاب يسعون إلى حل مشاكلهم الداخلية بإجراء الاستعراضات العسكرية والقصف الجوي، وليس المكافحة الحقيقية للإرهاب.
واعتبر عبد اللهيان أن مكافحة الإرهاب على الصعيد الدولي موضوع مهم، مشدداً على أن تكرار الأخطاء السابقة لا يمكن أن يساعد على إحلال الاستقرار والأمن في المنطقة بل يفضي إلى توفير الأرضية لدعم الإرهابيين.
من جانبه أعرب وكيل وزارة الخارجية القبرصي عن قلق بلاده من تصاعد التطرف والإرهاب في المنطقة، مؤكداً ضرورة المكافحة الحقيقية لهذه الظاهرة الخطرة.
وفيما رأى رئيس حركة الشعب النائب اللبناني السابق نجاح واكيم أن “التحالف الدولي” ضد تنظيم داعش الإرهابي ليس تحالفاً ضد الإرهاب وإنما لإعادة تنظيمه بما يخدم السياسة الأميركية وامتداداتها الإسرائيلية السعودية التركية، أكد الشيخ حسن عبد الله مفتي صور وجبل عامل في لبنان أن الإدارة الأمريكية أنتجت بسياساتها التنظيمات الإرهابية “داعش” و”جبهة النصرة”، مشيراً إلى أن هذه الإدارة تحركت عبر التحالف عندما وصلت داعش إلى آبار النفط في العراق والشمال لإيقافها عن التقدّم، ومن ثم خلق المبرر لتدخلها في المنطقة من جديد.