تصرفات أردوغان العدائية تزيد من عزلة حكومة "صفر تهدئة" قبرص تحتج على دخول سفن تركية مياهها الإقليمية.. وطهران تحمل أنقرة مسؤولية مـقتـل مـراسـلـة حـربـيـة
تعكس التصرفات الاستفزازية والعدائية للحكومة التركية تجاه دول المنطقة حالة التخبط التي تعيشها حكومة حزب العدالة والتنمية وسياساتها القائمة على خلق المشاكل والتدخل في شؤون الدول المجاورة والذي تعاني منه سورية والعراق منذ سنوات بفعل الدعم الذي تقدمه هذه الحكومة للتنظيمات الإرهابية التي عاثت قتلاً وتخريباً في البلدين.
ولا يكاد يمر يوم إلا وتصدر عن حكومة الرئيس الإخواني أردوغان تصرفات تخلق من خلالها توترات جديدة.. فبالأمس احتجت قبرص على دخول سفن تركية منطقتها الاقتصادية الخالصة، معتبرة هذا التصرف مناورات استفزازية وغير مشروعة، في حين لقيت صحفية إيرانية مصرعها في حادث مريب في المنطقة الحدودية بين تركيا وعين العرب وهذا ما جعل إيران تحمل مسؤولية مقتل الصحفية للحكومة التركية، وعليه فإن سياسة حكومة أردوغان هذه يجعلها في حالة عزلة إقليمية ودولية ويحولها إلى طرف خاسر في المنطقة.
فقد احتجت قبرص على دخول سفن تركية منطقتها الاقتصادية الخالصة معتبرة أن هذا التصرف يعد مناورات استفزازية وغير مشروعة، وقال وزير الدفاع القبرصي خريستوفوروس فوكيادس إن السلطات القبرصية تراقب عن كثب السفن التركية وتدرس خياراتها للدفاع عن حقوقها وسيادتها.
بدوره ترأس الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس اجتماعاً طارئاً مع مسؤولين من أحزاب سياسية لبحث الرد المناسب على التصرفات التركية. وبينت صور الأقمار الاصطناعية أن سفن مسح زلزالي تركية دخلت أمس إلى مسافة ألف ميل بحري من الساحل الجنوبي الشرقي للجزيرة المتوسطية قرب المنطقة الاقتصادية الخالصة.
في غضون ذلك لقيت مراسلة قناة “برس تي في” الفضائية الإيرانية الناطقة بالانكليزية سرينا شيم مصرعها أول أمس في حادث مريب في المنطقة الحدودية بين تركيا ومدينة عين العرب السورية إثر عودتها من تغطية الأحداث في تلك المنطقة
وقال مدير غرفة أخبار القناة حميد رضا عمادي إن شيم وهي سيدة لبنانية الجنسية وأم لطفلين قتلت في حادث مشبوه داخل الحدود التركية وقرب مدينة عين العرب السورية، داعياً أنقرة إلى تقديم أجوبة على أسئلة الرأي العام العالمي والمراسلين حول مقتلها بعد إرسالها تقارير انتقادية للحكومة التركية، لافتاً إلى أن القناة تحتفظ لنفسها بحق متابعة الموضوع، وأشار إلى أن شيم مراسلة حربية تعمل بالقناة وشاركت في تغطية الأحداث في أوكرانيا والعراق، وأخيراً في المنطقة الحدودية بين تركيا ومدينة عين العرب في سورية.
إلى ذلك أكدت الصحف الإيرانية الصادرة أمس أن سياسة حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا العدائية والاستفزازية تجاه دول المنطقة وتحديداً سورية ودعمها للإرهاب يجعلها في حالة عزلة إقليمية ودولية ويحولها إلى طرف خاسر في المنطقة.
وأوضحت صحيفة كيهان أن هذه العزلة التي وقعت فيها حكومة أنقرة اتضحت في مجلس الأمن الدولي عندما فشلت في الحصول على مقعد غير دائم فيه وهو ما شكل ضربة قاصمة ورداً قاطعاً على سياستها غير المنسجمة مع الواقع الإقليمي والدولي. وقالت صحيفة “سياست روز” إن المسؤولين الأتراك أخطؤوا في حساباتهم عندما دخلوا اللعبة مع أمريكا ضد سورية والعراق لدرجة اعترافهم الرسمي بدعمهم تنظيم “داعش” الإرهابي، مشددة على أن هذا السلوك لحكومة حزب العدالة والتنمية فشل فشلاً ذريعاً وتحول إلى فضيحة سياسية وأخلاقية.
بدورها، كشفت صحيفة الوطن العمانية في افتتاحيتها أمس أنه في عام 2011 كشف أردوغان عن حقيقة سياسته تجاه سورية، وبدت تركيا منذ ذلك التاريخ مركز الثقل في تصدير الإرهاب إلى الجار الذي تحول فجأة إلى عدو، وتحولت الأراضي التركية إلى ملجأ ومخبأ للإرهاب وممول له وداعم، وكانت الكلمات التي كثيراً ما نطق بها الرئيس التركي أردوغان أن الأزمة ستنتهي خلال أشهر قليلة ولا بد من إسقاط الأسد. وهكذا كان شغله الشاغل. وتبين لاحقاً أن الرجل منكب على تهيئة وتجهيز بعض التنظيمات الإسلاموية الذين يتزعمهم لاستلام السلطة في سورية. وحين أسقط معمر القذافي، أشار أردوغان بأصبعه إلى سورية، ظناً أنه القادم.
وأضافت الصحيفة أنه كان اختراع صفر مشاكل، قد تحول إلى صفر تهدئة على كل الجبهات المحيطة بتركيا، لكن الرئيس التركي ظل مواظباً على موقفه، مقتنعاً بأن الدولة السورية ساقطة لا محالة، ولهذا كان أول من جهز جماعة اسطنبول وقدم لهم المكان والمشورة بل قادهم ووضع لهم الأفكار التي تنسجم مع مرحلة ما بعد الأسد أيضاً، وتابعت طال الصمود السوري وأسقط في يده، صمت الرجل مرحلة يعيد فيها أفكاره وقراءته للمشهد السوري من جديد. ومع سقوط الإخوان في مصر عرف أنه خاسر في خياراته، ومع ذلك ظل على عدائه، متأملاً أن يصحو ذات يوم ليرى حلمه قد تحقق، لكن الذي جرى أن المحسوبين عليه من “أحرار الشام” تم قتل قيادتهم جماعياً وهم من الإخوان. وهكذا عرف أن لعبة البداية التي اختارها حين احتضن داعش ستجلب له المتاعب.
وختمت الصحيفة بالقول إن اردوغان اليوم يقبع في الرئاسة مصراً على إسقاط الرئيس السوري وهو يعرف أن الأميركي الذي يحتضنه قد أصبح هذا الكلام خلفه، وبالتالي لا أمل في تغيير سوري على الإطلاق، بل هنالك صمود ووحدة سورية وجيش مقاتل بلا هوادة وقيادة تقود المرحلة بعزيمة جبارة. ومع ذلك لا يريد الاعتراف بخسارته، بل إن حلمه ما زال قائماً اعتماداً على التنظيم الإرهابي الذي بثه في الجغرافيا السورية على أمل أن يكون الحل الذي يريده على يديه.