رغم ميزاته التصديرية والتنافسية والطلب عليه في الأسواق الإقليمية “الخزن والتسويق” تنقلب على أسعار التفاح التي حددتها.. والفلاحون يتساءلون عن مصير إنتاجهم في ظل غياب صمام أمانهم
الشركة العامة للخزن والتسويق تنقلب على الأسعار التي وضعتها اللجنة الزراعية الفرعية وتسابق التجار في ابتزاز الفلاحين والتلاعب بإنتاجهم.
هذا هو العنوان الحالي لواقع الخزن والتسويق الذي رفضت إدارته العامة الأسعار التي وضعتها اللجنة الزراعية في السويداء، تحت مبرر توحيد الأسعار بين كافة الفروع، واضعة نصب عينها الربح باعتبارها قطاع إنتاجي مطلوب منها تحقيق ريوع وأرباح ورفد خزينة الدولة بالقطع الأجنبي، وتعويض خسائر باقي القطاعات والمساهمة في إعادة البناء، ولا ندري ما هي القنوات الأخرى لتوزيع الأرباح إن كان هناك بالمحصلة أرباح، أم سيخرج التقرير السنوي بخسائر وكل ذلك على حساب الفلاح وعرقه وجهده.
تساؤلات محقة
وهنا نقف لنطرح مجموعة تساؤلات، أولها من حمى الخزن والتسويق ومعداتها وتجهيزاتها وبناها التحتية في السويداء.. ماذا لو كانت المحافظة كغيرها من المحافظات التي تعاني من الإرهاب؟.
ألم يشكل وعي الفلاح الذي تتحكم الخزن والتسويق اليوم بإنتاجه، صمام آمان لهذه الشركة وغيرها من شركات القطاع العام أو الخاص؟.
أليس كل خطابات المسؤولين ذاتهم أمام حشود الجماهير كانت تؤكد دور الفلاح الوطني وتحقيقه للقيمة المضافة خلال الأزمة، إذ ظل أحد القطاعات المنتجة القليلة في الدولة مصدر إدخال للقطع أجنبي؟.
وكم من الدراسات والإحصائيات التي تحدث عنها نفس المسؤولين وتشير إلى جودة إنتاج المحافظة وقدرته على المنافسة في الأسواق العالمية، وبالتالي ألا يستحق إنتاجها شيئاً من المنطق في القرارات.. بعيداً عن جني الأرباح وغيرها من المبررات؟.
ونختم بالسؤال عن مدى قدرة الخزن والتسويق اليوم على إقناع الفلاحين في رد الاتهام عنها بأنها ليست شريكاً في ابتزازه والتلاعب بإنتاجه مع تجار الأزمات، وأنها مازالت صمام أمان له ولإنتاجه؟.
صمت قاتل
يتساءل البعض حول سبب صمت مسؤولي المحافظة، خاصة اللجنة الزراعية الفرعية عن عدم الأخذ بقراراتها وباستثناء الاتصالات والكتب المنددة، لم يكن هناك إجراء ينم عن أن المسؤولين قادرين على تحمل مسؤولياتهم ويتساءل فلاحون عن دور اتحاد الفلاحين الذي وجد أساساً لحماية الفلاحين والدفاع عن حقوقهم أفلم يحن الوقت كي يستيقظ من سباته ويخرج من دائرة التبعية في قراراته والاكتفاء بالمراسلات والمطالبات التي لم تغنِ يوماً ولم تسمن من جوع؟.
فلاحون كثر تقدموا لـ “البعث” بتساؤلاتهم السابقة وقدموا مقارنة لأسعار بعض الفواكه والخضروات في السوق فسعر البقدونس المروي من مياه الصرف الصحي ومعروف المصدر يعادل ثمن واحد كغ من التفاح وأن واحد كغ من البطاطا أغلى من أجود أنواع التفاح رغم أنه كان سابقاً يعادل ثمن الصنف الثالث وما دون، وكذلك البصل والبندورة كلها منتجات لا تحتاج ربع التكاليف أو التعب والدورة الزراعية، ومع ذلك أسعارها مضاعفة عن أسعار التفاح والعنب، والمشكلة الأهم كثرة الوساطات التجارية.
كيلوغرام التفاح في أسواق السويداء ذاتها يباع بأكثر من مئة ليرة، فكيف في باقي الأسواق؟.
وعليه فبناء على ما تقدم، يتطلب أن تأخذ الخزن والتسويق دوراً أكثر فعالية وجدوى في تقليص الحلقات التجارية من تجار وسماسرة، وإلزام التجار بأسعار مقبولة بالنسبة للفلاحين، إذ يؤكد أصحاب الشأن أن صمت مسؤولي المحافظة وعدم اتخاذهم إجراءات صارمة ستقتل الفلاح وإنتاجه.
خصوصية تبحث عن اهتمام
أحد مبررات تخفيض سعر التفاح الذي تم الاتفاق عليه في اللجنة الزراعية الفرعية من قبل الإدارة العامة للخزن والتسويق هو توحيد السعر بين كافة الفروع. طبعاً هذا الكلام منطقي من حيث المبدأ ولكن نتساءل هل تكاليف الإنتاج هي ذاتها وهل المنتج يشترك بذات الخصائص في كافة المناطق؟.
هنا يشير المهندس نسيب فلحوط رئيس قسم الشؤون الاقتصادية في مديرية الزراعة ورئيس دائرة التسويق إلى أن إنتاج محافظة السويداء خاصة التفاح، له العديد من الميزات ما تجعله منافساً عالمياً وملبّياً لأذواق المستهلكين، مبيّناً أن تلك الميزات وعوامل أخرى تقتضي إعطاءه خصوصية في التعامل، سواء من ناحية التسعير أو من ناحية دعم منتجه، كونه يساهم بشكل فعال في إدخال القطع الأجنبي والمنافسة في الأسواق الخارجية.
وبيّن فلحوط أن درجة حلاوة تفاح السويداء تصل إلى 19% وصلابة الثمار 5.5 في السنتيمتر المربع، إضافة إلى تميزه بعوامل النكهة والحجم واللون والقدرة التصنيعية العالية مثل المربيات والدبس والعصائر.
ومن العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند التسعير والتي تساهم في رفع تكاليف الإنتاج، أوضح فلحوط أن طبيعة الأراضي الوعرة والصخرية وصعوبة الاستصلاح والخدمة ما بعد الاستصلاح، وكذلك الاعتماد على الزراعة البعلية، يؤدي إلى انخفاض مردود وحدة المساحة، إذ لا يزيد إنتاج الشجرة وسطياً عن 60 كيلو غراماً، بينما تصل في باقي المناطق التي تعتمد على الري إلى 200 كيلو غرام، كما أوضح أن هذه العوامل وتلك الخصائص تعطي مبرراً كافياً لصاحب القرار بإعطاء سعر مجزٍ ومنصف وخاص لهذا المنتج المطلوب تصديرياً، إن أراد استمراره في العملية الإنتاجية.
لا تراجع
رئيس اتحاد الفلاحين في السويداء خطّار عماد أكد أن الاتحاد بالاتفاق مع المحافظ رئيس اللجنة الزراعية الفرعية لم يسمح بتراجع أسعار التفاح التي تم وضعها بناء على دراسة التكاليف من قبل مديرية الزراعة بعد استطلاع رأي الجمعيات المنتجة للتفاح، أي أنه لا يوجد سعر جديد للتفاح مغاير للسعر الذي تبنته اللجنة الزراعية الفرعية وهو: للصنف الممتاز( أحمر 95 ليرة – أبيض 90)، وللأول (على التوالي أحمر، أبيض، موشح : 90 – 85 – 75 ليرة)، وللثاني لنفس الأنواع (75- 70 -65 ليرة)، أما للصنف الثالث (60- 55- 55 ليرة).
أما ما حصل في السوق فكان له أكثر من سبب أولاً أن الكميات المتوقع إنتاجها قدرت بـ 50 ألف طن، لكن قلة الأمطار وزيادة الحمل سبب تراجع بالنوعيات، فكان أكثر الإنتاج من النوع الثاني والثالث مع عدم وجود أسواق خارجية، مؤكداً أن الاتحاد قام بمراسلات للبحث عن أسواق تصدير ولكن ظروف البلد حالت دون ذلك، كما أن الاتحاد قام بشرح المشكلات المتوقعة للاتحاد العام وانعكاساتها على المنتج.
أما بالنسبة للخزن والتسويق فقال عماد: إنها حاولت القيام بخطوة إيجابية بتخفيض الأسعار ولكنها لم تحقق المطلوب بسبب عدم وجود إمكانية استيعابية لديها، إضافة إلى إدخال تفاح حمص إلى السويداء وتخزينه في البرادات، وعملية النقل وانقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر المحروقات (رغم أننا كاتحاد قمنا بتأمين مادة المحروقات للبرادات التي تواصلت معنا)، مبيّناً وكما هو معروف أن سوقنا الخارجي هو مصر والخليج، فلو تم العمل على موضوع التصدير للخارج لساعد كثيراً في حل مشكلة الأسعار، حيث كانت مهمة اتحاد المصدرين العمل على هذا الموضوع.
لا ثبات للأسعار
وفي سؤال لمدير فرع الخزن والتسويق فادي مسعود عن تخفيض أسعار التفاح من قبلهم قال: إن أسعارنا دائماً أعلى من أسعار التجار والضمّانة، خاصة أننا نقدم تسهيلات للفلاحين عبر تزويدهم بالصناديق البلاستيكية ونقلها بسيارات تابعة للفرع، ما يوفر كثيراً على الفلاح، شاكراً مديرية الزراعة والخدمات الفنية لدعمهم بالآليات.
أما بالنسبة للسعر فلا يوجد سعر ثابت كون اللجنة الإنتاجية تقرر الأسعار حسب الرائج في السوق، ووفق تعليمات تسوّق مادة التفاح المحددة من قبل الإدارة العامة للخزن والتسويق، علماً أن فرع الخزن تجاوز الخطة المقررة بأضعاف، لافتاً إلى أنه سيتم تأمين صناديق بلاستيكية جديدة زيادة على الصناديق التي تم توزيعها على الجمعيات الفلاحية، كما قامت مديرية التجارة الخارجية بالإدارة العامة بإرسال لجان تقوم باستلام التفاح من المحافظة لتصديره فيما بعد خارج القطر، ويقوم فرع السويداء بشحن مادة التفاح المسوّقة من وحدات التبريد إلى الفروع التابعة للمؤسسة العامة في المحافظات الأخرى.
أما بالنسبة للسعر الحالي الذي تعمل عليه الخزن والتسويق فقال: هو للنوع الأول (ستاركن 85 – غولدن 80 – موشح 65 ليرة)، نوع ثانٍ للأصناف نفسها (65- 55- 40 ليرة)، نوع ثالث (40- 55- 25 ليرة)، وبهذه الأسعار ومع التسهيلات التي تقدمها الخزن والتسويق للفلاح يكون رابحاً مقارنة بأسعار الضمّانة والتجار حسب قول مسعود.
السويداء – رفعت الديك