نقطة ساخنة رسائل “سوتشي”..
سواء أكانت سياسية أم اقتصادية، جملة من الرسائل المهمة أكدها ما خلصت إليه أعمال الدورة التاسعة للجنة السورية – الروسية الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والفني، التي كانت مدينة سوتشي الروسية حاضناً ومنطلقاً لها، ليس أوّلها ولا آخرها تأكيد نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين، “أن بلاده تقدّم كل أشكال الدعم لسورية ليس بالأقوال فقط، بل بموجب توجيهات الرئيس فلاديمير بوتين، وخاصة في قطاعات الاقتصاد والتجارة وإعادة الإعمار”، لافتاً في الوقت عينه على كلا البلدين الصديقين –اليوم وليس غداً– “إلى ضرورة تركيز الاهتمام على جميع هذه الأجندات، كي يكون لقائهما مثمراً إلى أبعد الحدود”.
روغوزين قال: “إن سورية أيضاً اختارت لنفسها التوجّه نحو التكامل الأوراسي كنهج سياسي لها”، وأوضح قائلاً: “إن ميزة لقاء اليوم تتجسد في أننا نجحنا في تكثيف الاتصالات على مستوى حكومتي البلدين، وأنا لا أقصد هنا التعاون في المجال العسكري التقني فقط، وإنما أريد الإشارة إلى أننا في هذه المرحلة الصعبة جداً بالنسبة لسورية وروسيا معاً نتيجة للعقوبات الغربية، تمكّنا من إيجاد الإمكانيات للانتقال إلى تحقيق وتنفيذ بعض المشاريع الملموسة والواعدة في مجالات الاقتصاد والتجارة والتقنيات والعلوم”.
النائب كشف عن أن إحدى الاتفاقيات الموقعة تتعلق بالتسهيلات الجمركية بين البلدين، مؤكداً أن من شأنها إزالة جميع الحواجز أمام تنشيط التعاون في مجالات التجارة وتبادل السلع والبضائع، ليتم الارتقاء بمستوى التعاون الثنائي، بحيث تتمكن روسيا من تصدير منتجاتها إلى سورية واستيراد ما تحتاج إليه منها بكل سهولة، مشيراً إلى أنه سيتم قريباً صياغة آليات عملية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
وزير ماليتنا ورئيس الجانب السوري في اللجنة أكد أن الوثائق التي تم توقيعها مع الجانب الروسي تتضمن العديد من المشاريع، ومن ضمنها الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، موضحاً أن هناك مشاريع تحتل الأولوية في هذه المرحلة، وخاصة تلك التي تدعم الاقتصاد وتعمل على تفعيل الإنتاج والعمل التجاري.
كما أكد أنه تم الاتفاق على جميع النقاط التي طرحت، ولكن بعضها لا يزال بحاجة إلى تدقيق من الجانبين، والأهم من كل ذلك –على حد قوله- أننا بحاجة إلى تحقيق قضيتين هما آليات العمل لتنفيذ الاتفاقيات ومتابعة ومراقبة هذا التنفيذ.
خلاصة ما توصلت إليه الدورة التوقيع على البروتوكول النهائي لها، وعلى اتفاقية حول التسهيلات الجمركية بين البلدين ومذكرة تفاهم بين وزارتي الاقتصاد في البلدين.
أما الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل فهو إنشاء الممر الأخضر المرتبط بالاتفاقية الجمركية لتسهيل نقل البضائع بين سورية وروسيا، وخلال الأيام القليلة القادمة سنقوم بتنفيذ أول شحنة من الخضروات والفواكه السورية على خط سير من مرفأ اللاذقية إلى مرفأ نوفوروسيسك الروسي مباشرة دون المرور بأي دولة أخرى، واتفقنا على أن تكون هذه الإرساليات بصورة منتظمة مرة كل عشرة أيام وستشمل جميع أنواع الخضروات والفواكه السورية دون الإضرار بمصالح المستهلك السوري.
رسائل، ومن منطلق أن الشيء بالشيء يذكر، نقول: إن العلاقات السياسية وعبر ما حققته وتحققه من فتوحات تمهيدية مهمة لقطاعاتنا الاقتصادية -ولنا في مشهد الرئيس الفنزويلي الراحل الكبير تشافيز وهو يروّج لزيت زيتوننا عبرة- لم تُواكبها نجاحات اقتصادية مماثلة وبالفعالية المطلوبة مكانياً وزمنياً، حتى إن هناك الكثير من الملفات والاتفاقيات المهمة ومع غير دولة صديقة، لا تزال تعاني حالة العطالة والشلل التام لأسباب غير موضوعية، منها ما ذكره آنفاً رئيس وفدنا للدورة: “آليات العمل لتنفيذ الاتفاقيات ومتابعة ومراقبة هذا التنفيذ”.
فهل نستدرك ما فات، هذا هو الامتحان الأكبر الذي نرجو بياض الوجوه والإكرام فيه.
قسيم دحدل
qassim1965@gmail.com