الجيش اللبناني يحسم معركة طرابلس.. ويمنع تمدد "الدواعش" في الشمال
فيما يبدو أن الدول الغربية وأتباعها الإقليميين، مازالوا متمسكين بلبنان مستقراً مبدئياً، وعدم إدخاله في صراع دامٍ على امتداد مساحته لصالح أجنداتهم الخاصة، لأنه لم يحن دوره بعد، في انتظار ما ستؤول إليه التسويات في المنطقة، على وقع الضغوط المتمثلة باستثمار “داعش” والإرهاب لفرض الشروط الأمريكية على الدول الممانعة، وبينما كانت الخلايا الإرهابية قيد التجهيز، وغير قادرة بعد على شن هجوم تفرض من خلاله سيطرتها على الشمال اللبناني، جاء اعتقال الإرهابي أحمد سليم ميقاتي من قبل الجيش اللبناني، ليدفع الإرهابيين إلى الخروج من وكرهم، في محاولة لخطف عسكريين لبنانيين لمقايضتهم بأحد متزعميهم.
ردّة فعل الإرهابيين غير المحسوبة، لحسن حظ لبنان، جاءت في غير صالحهم، وأعطت الجيش اللبناني المبادرة لإجهاض الإرهاب في منطقة محددة قبل أن يستشري في باقي المناطق، ولعل انتقاد كبير الإرهابيين “أبو بكر البغدادي”، التحرك المبكر لإرهابييه في لبنان قبل التجهز للمعركة، يكشف حقيقة الأمور، ويوضح أكثر ما كان مرسوماً للبنان، وأنه على قائمة المستهدفين من الإرهاب، لكن لم يحن دوره بعد، والجماعات الإرهابية الممولة سعودياً وقطرياً وتركياً بإيعاز أمريكي، ارتكبت خطأ فادحاً.
الهجوم الإرهابي على الجيش اللبناني في عاصمة الشمال طرابلس، بعد اعتداءات متفرقة في أحياء المدينة، أعطى الجيش الشرعية، التي حاولت ومازالت تحاول جماعة “المستقبل” انتزاعها منه، ليأخذ قراراً بالحسم وعدم التراجع حتى القضاء على الإرهابيين، كما أعطاه القوة لعدم الخضوع لابتزاز هذه الجماعة، والرضوخ لتسوية في صالح الإرهابيين، كما حصل في عرسال.
وواصل الجيش اللبناني تثبيت نقاطه في منطقة باب التبانة في مدينة طرابلس، بعدما دخلها صباح أمس، فارضاً إجراءات أمنية مشددة على مداخلها، وقام بتمشيط المنطقة من العبوات التي خلفها الإرهابيون، كما نفذ سلسلة مداهمات في المربع الأمني للإرهابيين أسامة منصور وشادي مولوي.
وأوضحت مديرية التوجيه في قيادة الجيش في بيان لها أمس، أن وحدات الجيش تمكنت من دخول آخر معقل للجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة باب التبانة، واعتقلت عدداً من الإرهابيين، بينما تمكن آخرون من الفرار، مستفيدين من طبيعة المباني السكنية، بعد أن أقدموا على زرع عبوات وتفخيخات في الأحياء السكنية، وخاصة في محيط مسجد عبد الله بن مسعود، حيث يعمل الجيش على تفكيكها، بينما تمّ العثور على مخازن أسلحة ومعمل لتصنيع المتفجرات.
وفي السياق نقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن قيادة الجيش تأكيدها أن العمليات العسكرية مستمرة في طرابلس، مشددة أن “لا هدنة لوقف إطلاق النار”، وقالت قيادة الجيش في اتصال مع الوكالة: “مصرون على إنهاء الوضع الشاذ في طرابلس”، مشيرة إلى “أن كل ما يشاع عن حصول اتفاق لوقف النار غير صحيح”.
وفي الضنية عادت الأمور إلى طبيعتها، وأشارت الوكالة الوطنية للإعلام إلى فتح طرق العبدة والمحمرة والمنية باتجاه طرابلس، حيث عادت حركة السير إلى طبيعتها، فيما يخيم الهدوء الحذر على البلدة، حيث يقوم الجيش بمداهمات وتمشيط البساتين لملاحقة المسلحين.
في سياق متصل أكد الوزير اللبناني السابق فيصل كرامي أن الجيش اللبناني اتخذ قراراً بمحاربة الإرهاب وعدم السماح بتغلغله في أي منطقة من لبنان، ولن يسمح لأي أحد بأخذ مدينة طرابلس رهينة، وفصلها عن لبنان وجعلها ممراً ومنفذاً عبر البحر للتنظيمات الإرهابية التي تأخذ تعليماتها من خارج لبنان، وأشار إلى أن خروج الإرهابيين من منطقة إلى أخرى في لبنان يرسم علامات استفهام، وأن البعض يضغط على الجيش اللبناني للقبول بتسويات معينة، معرباً عن أمله بألا تعود المعارك إلى المدينة.
وكانت الاشتباكات اندلعت في طرابلس يوم الجمعة الماضية، عقب عمليات دهم قامت بها وحدات للجيش في خان العسكر، وامتدت المعارك بين الجيش والإرهابيين إلى محاور الأسواق الداخلية وخان العسكر وسوق الصاغة والسرايا العتيقة وصولاً شارع الكنائس.