أردوغان يحوّل شرق تركيا إلى "سوق للجهاديين" بالوقائع والأدلة.. "داعش" الذراع العسكري لـ"العثمانية الجديدة"
لم يعد خافياً على أحد تورط أردوغان وحزبه بدعم الإرهاب في سورية، ورغم تقديمها الأدلة طوال سنوات الأزمة، على الارتباط الوثيق بين الحكومة التركية، تجاهل المجتمع الدولي التحذيرات السورية، وتغاضت دول، لها أجندتها الخاصة، عن ذلك، فيما كانت تسير دول أخرى في المنطقة، بتوجيه من أسيادها في الغرب، على ذات الطريق في دعم الإرهابيين المتطرفين، وتأمين دخولهم إلى سورية عبر الأراضي التركية والأردنية.
إفراج تنظيم “داعش” المفاجئ عن الدبلوماسيين الأتراك وعائلاتهم الذين وقعوا في الأسر لأكثر من ثلاثة أشهر، لم يكن بدون مقابل، فتزامن الإفراج عن الرهائن الأتراك مع هجوم شنه التنظيم الإرهابي على عين العرب، ونزوح الآلاف من أهالي المدينة، أوضح للعالم الصورة أكثر، وبدأت وسائل الإعلام الأوروبية تلقي الضوء على هذا الارتباط بين “داعش” وحزب “العدالة والتنمية”.
ومما جعل التهمة تثبت على الحكومة التركية هو رفض أردوغان شرح ملابسات الإفراج عن 49 دبلوماسياً، ومن ثمّ زادت الشكوك حول علاقة أنقرة الغامضة والمباشرة مع زعماء التنظيم الإرهابي، وتساءل مراقبون عما إذا كانت “داعش” تمثل الجناح شبه العسكري لمشروع العثمانية الجديدة في الشرق الأوسط، خاصة وأن تركيا تحوّلت إلى محطة ترانزيت لتجمّع الإرهابيين من مختلف أنحاء العالم، ليتمّ إعدادهم وتسليحهم ثم دخولهم لسورية، ليعيثوا فيها قتلاً وتدميراً.
وذكرت مصادر إعلامية واستخباراتية أن جهاز الاستخبارات العامة التركية أشرف على أكبر عملية اتصال وتجمّع للتنظيمات الأصولية المتركزة بالبلقان والقوقاز وشمال إفريقيا والخليج العربي، حتى باتت المعسكرات بشرق تركيا أشبه بسوق للجهاديين، ثم بدأت عمليات التواصل والدعم اللوجستي والعسكري لقيادات تنظيم “داعش” المتمركزة داخل الموصل العراقية، عبر جهاز المساعدات الإنسانية، الذي يزوّدها بالمال والسلاح، تحت غطاء إنساني، بإشراف من جهاز الاستخبارات العامة التركية.
ويرى مراقبون أن أردوغان يعتبر تنظيم “داعش” الإرهابي ذراعاً طويلاً يخدم مصالح جماعة “الإخوان المسلمين”، عبر التواصل والدعم مع تنظيمات تكفيرية أخرى، كـ “أنصار بيت المقدس” بمصر، أو “جند الخلافة” بالجزائر أو “أنصار الشريعة” بليبيا، وغيرها من التنظيمات التي تعمل كجناح عسكري لجماعة “الإخوان المسلمين”.
وقبل يومين تناولت صحف تركية تحت عناوين “بالفيديو: إليكم الدليل على علاقة أنقرة بداعش”، وهذه الصور تؤدي إلى المحكمة الجنائية الدولية، مقطع فيديو يظهر جنوداً أتراك يحاورون إرهابيين تابعين لتنظيم “داعش” على الجانب السوري من الحدود.
وانتقد حزب الشعب الجمهوري التركي بشدة رد فعل الحكومة التركية تجاه ما نشرته وكالة دجلة للأنباء مؤخراً من مقاطع الفيديو، التي تظهر جنوداً أتراك يتحدثون مع إرهابيي تنظيم “داعش”، عند نقطة الصفر على الشريط الحدودي في بلدة سروج بمحافظة شانلي أورفا جنوب شرق تركيا.
وخاطب سزكين تانريكولو، نائب رئيس الحزب، هيئة الأركان التركية على خلفية موضوع مقاطع الفيديو، قائلاً: “لماذا لم تتخذوا الإجراءات القانونية ضد الإرهابيين اللذين ألقيتم القبض عليهما أثناء انتهاكهما الحدود التركية”، مؤكداً أنه وجه الأسئلة إلى الحكومة التركية بواسطة البرلمان التركي، حيث ردت هيئة الأركان التركية على أسئلته عبر بيان صحفي، وأشار إلى أن هيئة الأركان التركية زعمت في بيانها بأن الجنود الأتراك، كانوا يحذرون إرهابيي تنظيم “داعش”، بينما مقاطع الفيديو تظهر جنوداً يتحدثون مع الإرهابيين، مؤكداً أن بيان هيئة الأركان يحتاج إلى توضيح.
ولفت تانريكولو إلى أن هذا البيان أثار أسئلة جديدة حول الموضوع، وقال: “تظهر مقاطع الفيديو إرهابيين يحملان السلاح بشكل واضح، وتعطي هذه الصورة انطباعاً حول انتماء الإرهابيين إلى تنظيم “داعش” الوحشي، ولماذا لم تذكر هيئة الأركان الأسلحة التي كانت بحوزة الإرهابيين في بيانها”؟!، موضحاً أن “هيئة الأركان تؤكد في بيانها أن الشخصين كانا داخل الأراضي التركية، لذلك قام الجنود الأتراك بتحذيرهما ليغادران الأراضي التركية، وطالما اعترفت هيئة الأركان بوجود الإرهابيين داخل الأراضي التركية، فلماذا لم تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهما؟!”.
وكانت صحيفة جمهورييت التركية ذكرت أن تلفزيون “إي إم سي” التركي بث مقاطع الفيديو، التي تمّ التقاطها على منحدر هضبة مشته النور المطلة على مدينة عين العرب السورية في 22 تشرين الأول الجاري، وتظهر إرهابيين من “داعش” يعبرون بسيارتهم الحدود باتجاه تركيا، ثمّ يقومون بإحراق الأمتعة التي تركها أهالي مدينة عين العرب في المنطقة، ويحملون ما يحتاجونه منها في سيارتهم، ويتوجهون لاحقاً إلى قرية سفتك ليتحدثوا طوال نصف ساعة مع سبعة جنود أتراك، أتوا إلى الحدود بمدرعتين ومن ثم يغادرون المنطقة، ملوحين بأيديهم للجنود الأتراك.