(ثقافة الدلال) بالغت في الحماية و”التغنيج” تعلّم الخطوات الأولى لصناعة أطفال فاعلين أسوياء ومتّزنين!
يرتبط الطفل بأهله وخصوصاً أمه، فهو يحاكي من حوله ويقلّدهم في صفاتهم وتصرفاتهم وسلوكهم، وتنشئة الجيل تتطلب خطوات ومفاهيم للوصول إلى جيل سعيد ومتوازن ومستقر فاعل في مجتمعه.
ومن خلال الندوة التي ألقتها سوسن حكيم عضو الهيئة التعليمية في كلية الزراعة – جامعة تشرين في ثقافي طرطوس، بيّنت أهم الخطوات التي يجب اتباعها للوصول إلى أطفال أسوياء ومتوازنين، ومن أهمها أن تثق الأم بنفسها وأن تردّد باستمرار أنا رائعة، وأن ترتب أولوياتها وترتب أوقات الراحة عندها لأن تربية الأطفال تحتاج إلى جهد وتعب ولأن لديهم الكثير من الاحتياجات، أولها الشعور بالأمان فالطفل لا يشعر بالاطمئنان إلا في حضن أمه، ويجب الحضور فعلياً في حياة الطفل من 2-5 ساعات كل يوم، بالإضافة إلى الشعور بالحب والانتماء بالنزول إلى مستوى الطفل، كلّميه وانظري في عينيه وساعديه، حمّليه مسؤوليات تناسب عمره وساعديه على التواصل مع مجتمعه، وقدّمي الاحترام لآرائه وأفكاره لمساعدته في تكوين معتقدات صحيحة، وابتعدي قدر الإمكان عن التوجيهات المستمرة لأنها تولّد ردة فعل سلبية لدى الأطفال لأنه يحتاج إلى أن يكون مستقلاً، بالإضافة إلى حاجته إلى تحقيق الذات وتجاوزها.
ولفتت حكيم إلى بعض المفاهيم الخاطئة لدى الأهالي عن أطفالهم، فهم يعتقدون أن الطفل صغير لا يفهم، ولكنه على العكس من ذلك أفضل متعلم يتعلم كل شيء دون التمييز بين الصحيح والخطأ، النافع والضار، الحقيقة والخيال حتى إنه يلتقط اللغة غير المحكية، كما يعتقدون أنه صغير ليوضع في قائمة الأولويات ولا يقوى على حل مشكلاته، ولكن القدرة على حل المشكلات موجودة بشكل فطري عند الطفل، فعلينا مساعدتهم على التركيز لحل مشكلاتهم وليس حلها، ومساعدتهم على التفكير في المشكلة بدلاً من التصرف السريع حيالها، اشرحي لهم طريقتك في حل مشكلاتك وطرق حل المشكلات ولاسيما أن التفهم الزائد للطفل ضار مثل عدم التفهم، فالثقافة الحديثة قد بالغت في حماية الطفل (ثقافة الدلال)، ومساعدتهم على ضبط رغباتهم وتأجيل إشباعها (الذكاء العاطفي)، نحن نعتقد أننا أذكى من أطفالنا ونعرف مصلحتهم أكثر منهم، لكن الأطفال مبدعون والكبار نمطيون، علينا أن نتعلم منهم السعادة بلا سبب، إصرارهم على ما يريدون وتركيزهم على ما يفعلون، والتركيز على نقاط القوة لديهم وتنميتها، كما علينا ألا ننسى أن من حق الطفل أن يخطئ فهذا يعني أنه يتعلم، وتقبّل أخطائه وتوجيهها والابتعاد عن الغضب وانتقاد السلوك وليس الشخص.
طرطوس – رشا سليمان