كمشرف على كورال كبار السن حسام بريمو: أعضاء الكورال يحاربون الموت بالغناء
من يسمعهم يتسلل الفرح إلى داخله دون استئذان، وقد تحدوا التقدم في العمر بالغناء، الوحيد القادر على إبقاء الفرح مستمراً في قلوبهم بعد أن خانهم الجسد لتبقى حناجرهم تصدح بالفرح والأمل، ويوضح حسام بريمو المشرف على كورال كبار السن -وهو الذي أسس مجموعة من الفرق الفنية- أنه لم يؤسس الكورال، وأن أعضاءه قد أسسوا أنفسهم من خلال جمعية النهضة الفنية ودعوه لتدريبهم، مؤكداً أن هكذا وضع بالنسبة له يجعله أكثر استرخاء لأن حجم المسوؤلية على أكتافه في مثل هذه الحالة أقل، مشيراً إلى أنه سعيد بالإشراف على هذه الفرقة- الظاهرة التي تنبع خصوصيتها من كون أعمار أعضائها يوحي للجميع بأنهم غير قادرين على الغناء (يتجاوز عمر البعض السبعين سنة).
ورداً على من قد يستغرب اهتمام هؤلاء بالغناء معتقداً أن لا أعمال ولا أشغال لديهم يؤكد بريمو أنهم أفراد يعيشون حياتهم بشكل طبيعي، وهم آباء وأمهات وأجداد ولديهم مسؤوليات وأشغال مختلفة، ولكنهم مختلفون عن الآخرين في أنهم أدركوا أن الغناء قضية بالغة الأهمية لدرجة أن يخصصوا له الوقت، موضحاً أن الغناء معالج نفسي ينقّي دواخلنا من الشوائب الحياتية، وهو أمر هام في حياتنا، والدليل أن الإنسان ومنذ أن اخترع هذا النشاط وحتى الآن لم يتركه ككثير من الأنشطة التي اخترعها ولم يتماشَ معها فغادرها ليبقى الغناء النشاط الوحيد الذي لم تتخلَّ عنه البشرية.. ولأن الغناء له كل هذه الأهمية فإن أعضاء الفرقة قادرون على ترك كل أنشطتهم وانشغالاتهم الأخرى ليأتوا إلى القضية الأهم بالنسبة لهم في هذا العمر بالتحديد، حيث يصبح فيه الجسد غير قادر على ممارسة الكثير من الأنشطة، إلا هذا النشاط، فيلجأون إليه متنفساً ومنقذاً. والجميل برأي بريمو في أعضاء الكورال أن الجميع يشبهون بعضهم من حيث إيمانهم بقيمة الفرح والفن والجمال في الحياة.
ظاهرة بكل معنى الكلمة
وكآلية عمل يبين بريمو كمشرف على الكورال أن الآلية التي يتبعها مع هذه الفرقة غالباً ما تكون تبعاً لظروفهم حيث أوجد لكل جوقة من الجوقات التي يدربها منهاجاً معيناً ينسجم مع وضع كل واحد منهم، فمنهاج هذه الفرقة مثلاً يختلف عن غيرها، وهو حُكماً لا يدربهم بالطريقة نفسها التي يدرب فيها غيرهم، مؤكداً أنه لا يسعى من خلال هذا الكورال بسبب خصوصيته وخصوصية أعضائه إلى تقديم المعلومات الموسيقية حتى لا يرهقهم، ولأنهم لم يأتوا بالأصل ليتعلموا بل ليفرحوا، وهو حريص على تحقيق ذلك لهم.
ويشير بريمو إلى أن الكورال قدم حتى الآن نحو ثلاث حفلات رسمية، بالإضافة إلى الحفلات العائلية، وقد قوبلت بكل ترحيب وتشجيع، وعدَّها البعض ظاهرة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، ويسعده أن الجمهور استقبل حفلاتهم بكل ترحيب وتشجيع، منوهاً كذلك إلى أن إقامة الحفلات ليست هدفاً بحد ذاتها لأن أعضاء الكورال يجتمعون ويمارسون هذا النشاط ليكون غاية بحد ذاته، وما إقامة الحفلات بين فترة وأخرى إلا تحقيق لأمرين، الأول تعريف الناس بهذا الكورال وتشجيع الآخرين على الانضمام إليه، وهذا ما يحصل بالفعل، حيث بعد إقامة كل حفل يزداد عدد الراغبين في الانضمام إليه، أما الأمر الآخر فهو التأكيد على أن تدربيهم يجب ألا يضيع سدى فيتوّج بحفل.
ويختم بريمو كلامه مشيراً إلى أن الكورال يجتمع أسبوعياً للتدريب في مركز ثقافي -أبو رمانة- وهناك إصرار كبير على التقيّد بمواعيد التدريب، وأي اعتذار من قبله يجابَه بالانزعاج من قبلهم حرصاً منهم على فسحة الفرح الموعودين بها والتي لا يريدون التخلي عنها.
الغناء أمان
أما منى هلال عضو مجلس إدارة جمعية النهضة الفنية ومسؤولة الكورال فتشير إلى أن الجمعية بدأت بتنفيذ فكرة الكورال لكبار السن بقيادة حسام بريمو عام 2011 واهتمت الجمعية بتراث أبو خليل القباني، حيث دعت إلى تحويل منزله إلى متحف موسيقا، موضحة أن النشاط الأهم اليوم للجمعية هو الكورال، والأهم أن ما يجمع بقية أعضاء الجمعية والكورال الرغبة في تحدي المخاطر وإثبات أن الحياة أقوى و”حيث يكون غناء يكون هناك أمان” مشيرة إلى أن الجمعية تأسست بتاريخ 18-1-2006 وهي جمعية أهلية غير حكومية، أعضاؤها من ذوّاقي الفن ومتابعيه وتؤمن بقدرة الفن على النهوض بالإنسان والمجتمع، وهي تعمل على دعم أعمال طلاب وخريجي المعهدين العاليين للموسيقا والفنون المسرحية ونشاطات المسارح، خاصة دار الأوبرا، وتفعيل دور المسارح المهملة، الأثرية منها والحديثة، ونشر الوعي الفني من خلال إقامة جلسات تذوق وندوات ومحاضرات من قبل المختصين والتأكيد على ضرورة الاهتمام الجدي بتعليم الفنون لكافة المراحل الدراسية والتعاون مع الفنانين الأكاديميين السوريين المقيمين خارج القطر والجمعيات المحلية والعربية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
أمينة عباس