نقطة ساخنة وللأسف.. كسبنا التحدّي..!
يبدو أن الجهات المعنيّة بمراقبة النقل الداخلي خسرت التحدّي الذي أطلقناه -عبر هذه الزاوية- غداة إصدار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قرارها (عشية عيد الأضحى الأخير) برفع أسعار مادتي المازوت والبنزين، والمتمثل بعدم مقدرة هذه الجهات على مواجهة سطوة أصحاب وسائل النقل بأنواعها كافة –وخاصة شركات النقل الداخلي الخاصة- وعدم التزامهم بتعرفة النقل الجديدة المحدّدة رسمياً، ونخص بالذكر هنا الوزارة صاحبة القرار والإدارة المحلية، يضاف إليهما إدارة المرور!.
نبيّن لجهاتنا المعنية بخدمة المواطن وحمايته من تجار الأزمات، ولاسيما أخطبوط شركات النقل الداخلي الخاصة، أن أجور النقل باتت تستنزف ما بين 20 – 30% من دخل الأسرة السورية، ولا نسمع سوى مجرّد تصريحات من بعض المعنيين تؤكد “ضرورة التزام السائقين بالتعرفة”، من باب رفع العتب إعلامياً فقط بعيداً عن أي إجراء حاسم!.
ما يثير الغرابة والاستهجان هو التزام أصحاب السرافيس الصغيرة بالتعرفة نسبياً وليس كلياً، وتمرّد أصحاب الشركات الخاصة بالمطلق، وكأنهم في حِلٍّ من أي قرار حكومي، وكأن الخطوط التي يعملون عليها بمنزلة ملك شخصي، لهم مطلق الحرية باستثمارها واستغلالها كيفما شاؤوا، علماً أن مركباتهم تستوعب ثلاثة أضعاف نظيراتها الصغيرة، وبالتالي هم أولى بالالتزام سواء من ناحية التعرفة أم من ناحية حركة التواتر وغيرها!.
ربما يؤخذ علينا تكرار هذا الموضوع بشكل مستمر، لكن ما يكتنفه من تجاوزات جسيمة يحتّم أن يكون حديث الساعة، علّه يلقى أذناً مصغية، تُفضي إلى مبادرات وآليات رائدة، ينتج عنها يد عادلة ضاربة، وذلك على اعتبار أن موضوع النقل الداخلي يجب ألا يستهان به وخاصة أنه شريان حيوي، وله وقع اقتصادي وخدمي لا يمكن إنكاره، إضافة إلى أنه يعكس بعض جوانب التنمية الاقتصادية بشكل أو بآخر.
نعتقد أن مؤسساتنا الحكومية زاخرة بالكفاءات والمبادرات المبدعة، إلا أن هناك من يكتم صوتها لأسباب تتعلق –أغلب الظن– بما يُتّفق عليه من تحت الطاولة، وإلا فما سبب تأصّل وتجذّر مشكلة النقل الداخلي لعقود طويلة دون حلٍّ يذكر إلى الآن؟.
ولعلنا لا نبالغ بالقول: إن تكاليف ما كُتب في مطبوعاتنا الإعلامية حول هذا الموضوع، وبُثَّ على شاشات محطاتنا التلفزيونية، وأثير إذاعتنا الوطنية، من أجور ورواتب للزملاء والفنيين، إلى جانب المصاريف الأخرى من طبع وإخراج وغيرهما خلال العقود الماضية، كفيل بحل هذه المشكلة!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com