“المنافسة ومنع الاحتكار”.. على طاولة التعديل
وأخيراً خرجت الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار عن صمتها ولو بحياء ربما تُعذر عليه -ومع ذلك حسناً فعلت– حين عنونت رسالتها لنا بـ”من هيئة المنافسة إلى حماية المنافسة وتعديلات ضرورية أخرى”، ضمّنتها الأسباب الموضوعية لمطالبتها بأنه آن الأوان لتعديل القانون الضابط لعملها ودورها ومسؤوليتها في هذا الشأن الاقتصادي الهام.
فالمتابع لتقارير الهيئة وخلاصة ما خرجت به من نتائج وتقييم لحالات العديد من الأسواق التي جالت عليها، يكاد يجزم أن الهيئة يراد لها أن تكون بلا حول ولا قوة، خاصة وأن من جملة ما كانت تتضمّنه تقاريرها رأيها القائل بأن ليس هناك حالة خلل في المنافسة ومنع الاحتكارية.
خلاصات كنّا كإعلاميين متابعين، نستشف منها أن ما تورده الهيئة في تقاريرها هو جزء من الحقيقة لا كلها، كما كنا نستشف أن هناك دعوة لنا لنقد عملها، هدفها -ولو بشكل غير صريح- مساعدتنا لها لأخذ دورها كاملاً دون أية خطوط، لعلّ الأزمة فرضتها، كما فرضتها وقائع ليس بمقدور إدارة الهيئة مجابهتها، رغم علمنا بجرأتها.
مع ذلك نحن نشدّ على يد الهيئة ونطالب بتعديل قانونها الذي وجدت من أجل تنفيذه على الكل دون استثناء، ولاسيما بعد التشوهات التي شهدتها أسواقنا، لدرجة وصلت في عدد منها حدّ المسخ.
وها نحن نعلي الصوت مع الهيئة ونقول: بعد مرور أكثر من أربعة أعوام على تطبيق قانون المنافسة ومنع الاحتكار رقم 7 لعام 2008 ظهرت ثغرات ونواقص تتعارض وروح القانون وكشفت عن خلل في ترتيب بعض المواد، فضلاً عن أن هناك مواد نصّت على عقوبات خفيفة لمخالفات يقضي واقع الحال أن تتشدد فيها العقوبة المالية مع نشرها لتكون رادعاً لعدم الوقوع فيها أو تكرارها، ولاسيما في ظل الأوضاع التي يعاني منها بلدنا وخاصة الاقتصادية منها.
وبعد صدور المرسوم رقم 46 تاريخ 23/6/2012، القاضي بفصل وزارة الاقتصاد والتجارة إلى وزارتي التجارة الداخلية وحماية المستهلك ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية (حيث كان القانون يقصد في معرض تطبيقه في المادة الثانية منه الوزارة المختصة هي وزارة الاقتصاد والتجارة، والوزير المعنيّ وزير الاقتصاد والتجارة ما لم يرد نص على غير ذلك، وجاء التعديل ليلائم التعديلات الجديدة في الحكومة، فأكد أن الوزارة المختصة هي أية وزارة حكومية معنية والوزير المختص: وزير الجهة الحكومية المعنية).
ونظراً لأهمية عمل الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار والمهام المنوطة بها في ضبط كامل الأنشطة الاقتصادية في القطاعين العام والخاص، يأتي تعديل قانون المنافسة ومنع الاحتكار أمراً ملزماً، وذلك تطبيقاً لما نص عليه الدستور السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /94/ لعام 2012 ولاسيما المادة /154/.
لذلك اقتضى تعديلات في بنية مجلس المنافسة الذي يختص بالنظر في قضايا أحكام هذا القانون، وإصدار قرارات حكم واجبة التنفيذ قانوناً ليتماشى مع أفضل القوانين العربية والعالمية الخاصة بحماية المنافسة ومنع الاحتكار الموصى بها من المنظمات العالمية ذات العلاقة بما فيها اسم القانون.
وتسهيلاً لفهم وظيفته، اقترحت الهيئة تعديل الاسم إلى (قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار) حيث إن القانون يحمي المنافسة وليس المتنافسين ويمنع الممارسات الاحتكارية.
وأكد التعديل أهمية تحصين الإدارة والعاملين بالهيئة من خلال تشجيعهم بنسبة محددة من العائدات، وهذا ما هو متبع لدى وزارة المالية والمؤسسات التي تحقق إيرادات لخزينة الدولة.
موجبات تعديل القانون أتت تماشياً مع مهام الهيئة بعد التغييرات في أعمال ومهام وزارات الحكومة السورية الجديدة، وبعد أن تم التطبيق الفعلي لمهامها في سبر الأسواق والأسعار ضماناً لحرية المنافسة الشريفة ومنع الاحتكار.
الهيئة ختاماً أعلنت أنها جاهزة لاستقبال أية ملاحظة حول مشروع القانون الجديد على موقعها وعبر هواتفها وبأية وسيلة، ويبقى السؤال: هل ستنجح الهيئة في تمرير التعديل، رغم علمنا بوجود العرقلة والمعرقلين؟!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com