ثقافة

أفلام وثائقية جديدة في دورة صناعة الفيلم الوثائقي المهند كلثوم: الفيلم الوثائقي يتبع لرؤية صانعه

يرى المخرج المهند كلثوم أن الفيلم الوثائقي يعد شهادة عن جوهر البلد، وهويته، ومكنوناته، ويعكس صورة عن قضيته، وبما أن صاحب فيلم البرزخ يعرف الكثير عن خصوصية الفيلم الوثائقي الأكاديمية، والمهنية، تمكّن من تقديم أعمدته الأساسية لمجموعة من الشباب، والمهتمين في معهد الإعداد الإعلامي ضمن دورة خاصة لصناعة الفيلم الوثائقي، ومن خلال جلسات حضرتها البعث، ركّز المخرج كلثوم على محاور أساسية، أهمها دراسة الفكرة، وتحديدها، والهدف من الفيلم، ولمن يوجه؟ ومن ثم العبور إلى الأحداث التي يجسدها المخرج وفق رؤيته، ويضيف إليها مشاهد تمثيلية، ليبتعد عن المباشرة، ويقدم فيلماً ينضوي ضمن ما يسمى “الديكودراما”، وناقش مراحل كتابة السيناريو التي تتبع توجه المخرج في ميله نحو البعد العاطفي، أو توخي الواقعية، بعيداً عن أية تأثيرات جانبية، وبالتالي تطرق إلى مرحلة جمع المعلومات، وبيّن أن كثرة المعلومات لا تغني الفيلم، وإنما تسيء إليه، لأن الفيلم الوثائقي يعتمد على بؤرة الموضوع، والتركيز على جانب واحد، وتكون الجوانب الأخرى ثانوية، إضافة إلى اللقاءات التي تعد مادة داعمة للفيلم.
الأمر اللافت الذي أثاره المخرج هو الصورة التي تعبّر عن ثقافة الشعب، وبما أن ثقافة الشعب السوري تلفزيونية، وليست سينمائية، فلابد من إيجاد مفاتيح تشد المتلقي، ومنها التعليق الصوتي الذي يعبّر عن فلسفة مضمون الفيلم ومحتواه، شريطة أن يترك أشياء خفية لخيال المتلقي، وبرأيه أن اللهجة المحكية هي الأقرب إلى خصوصية الفيلم الوثائقي، وتوصل كلثوم في النهاية إلى أن صناعة الفيلم الوثائقي تعبّر عن رؤية صانع الفيلم، وثقافته، ومدى اهتمامه، وإلمامه بالموضوع.
ولم تقتصر الدورة على الجانب النظري، وإنما تضمنت تنفيذ مشروعات إخراجية، حيث وضع المشاركون تصورات لسيناريوهات، وانقسموا إلى فريقين: الأول سيقدم فيلماً عن أبناء الشهداء من جوانب لم يتم التطرق إليها، في حين اختار الفريق الثاني العمل على تجسيد واقع مراكز الإيواء.
وعلى هامش الدورة تحدثت البعث مع المخرج، وبعض المشاركين عن أهمية الدورة، وتطلعاتهم في مشروعاتهم القادمة.

السيناريو الورقي يختزل الوقت
بداية تحدث المخرج المهند كلثوم عن أهمية هذه الدورة التي تمت بالتنسيق مع معهد الإعداد الإعلامي لصناعة الفيلم الوثائقي، وتوقف بداية عند أهمية توثيق الأزمة التي تمر بها سورية لتعرف الأجيال القادمة بحقيقة ما يحدث على أرضها التي تعرضت إلى إرهاب عالمي، وتابع حديثه عن أهمية الدورة: من الضروري أن يتعلّم الشباب والمهتمون المبادئ الأساسية لمراحل صناعة الفيلم الوثائقي حسب المدارس الأكاديمية، وأن يتعرفوا إلى أساسيات هذا العالم الساحر، طبعاً الدورة غير كافية لتأهيل مخرجين، مهمتنا أن نقدم لهم المفاتيح الأساسية، ونشر ثقافة الفيلم الوثائقي بشكل صحيح، بعيداً عن الخلط بين المفاهيم المرتبطة بالفيلم الوثائقي، أو الريبورتاج، أو التقرير.. ركّزنا على كتابة السيناريو الورقي الذي يختزل الوقت أثناء التصوير، ومن ثم انتقلنا إلى التصوير، والمونتاج، والمؤثرات، إلى مرحلة إنجاز الفيلم الوثائقي، والأمر اللافت أنه في نهاية هذه الدورة التي تستمر مدة أسبوعين سنقدم مشروعات تشاركية، وتنافسية لعدة أفلام تظهر مدى استفادة الطلاب من الدورة من خلال التطبيق العملي لسيناريوهات كتبها المشاركون، وتم التحضير لها ضمن الدورة.

سجل مرئي للتاريخ
ويرى ياسر السلطي، أحد المشاركين، مدرس مادة التصوير الضوئي والغرافيك، أن أهمية الفيلم الوثائقي تنبع من إظهار الحقيقة، وتكون سجلاً مرئياً للتاريخ، كما بقيت في ذاكرتنا كل الأفلام الوثائقية التي تناولت حرب تشرين التحريرية، وبعضها وثّق عمل المراسل الحربي، أما عن المحور الهام في الدورة فكان برأيه فلسفة الصورة التي تتضمن مقولة الفيلم، شريطة أن تقدم حلاً جذرياً للمشكلة، لا أن تسلّط الضوء عليها فقط.. وفيما يتعلق بمشروعه التوثيقي الخاص أضاف: سأعمل على تقديم أفلام أشبه بالسيرة الذاتية عن مسيرة بعض المبدعين في مجالات سياسية، وفنية، وثقافية تبنى حول محور واحد، بعيدة عن التشعبات، وأعتمد فيها على الجانب السردي، والميداني، إضافة إلى آراء الآخرين، وإظهار الرأي الإعلامي.

لقطات توثيقية
وتحدثت الإعلامية أمل حموي، من المركز الإخباري في الفضائية السورية، عن الجانب العملي الذي افتقده طلاب الإعلام في دراستهم الجامعية، فقالت: الدورة علّمتنا كيفية كتابة سيناريو الفيلم الوثائقي الذي مازال ضعيفاً في سورية، باستثناء بعض التجارب، ونجد أنفسنا مقلّين في هذا الجانب، ومازالت تنقصنا الخبرة، والمحور الهام في الدورة هو تنفيذ الفكرة انطلاقاً من السيناريو المكتوب، وسأنضم إلى فريق تنفيذ فيلم عن أبناء الشهداء، وهو مشروعي القادم أيضاً، فمازال هناك الكثير من الجوانب النفسية، والمعنوية التي يعاني منها أبناء الشهداء، وسأركّز على المشاهد الوثائقية، وأستفيض بالرأي الإعلامي.

المواءَمة بين الصوت والصورة
المصوّر محمود سالم، رئيس نادي التصوير، بدأ حديثه عن أهمية المؤثر الصوتي الذي ركّز عليه المخرج، ويجب أن يتواءَم مع الصورة، ويكمل دورها كي يرتبط المشَاهد بالصوت، والصورة، وتابع حديثه عن أهمية الفيلم الوثائقي الذي نفتقر إليه، ونستطيع من خلاله أن نتناول أي موضوع ديني، أو سياسي، أو سياحي، أو اجتماعي، أو ندخل إلى عوالم الطبيعة.. وأضاف: سأقدم مجموعة أفلام اجتماعية تنطلق من الحياة في قرى (SOS)، في عدة بلاد، فمنها انطلق مبدعون إلى الحياة في مجالات مختلفة، وكان لهم دور كبير في مجتمعاتهم، ولم تكن مرحلتهم في القرية مجرد تراكم سنوات، وسأركّز في جانب آخر على الإبداع رغم الإعاقة، وكوني مصوّراً أحب تجسيد ومضات من حياة الشعوب.

ملده شويكاني