محليات

بين قوسين حتى لا تكش سياحتنا ذباباً..؟!

محزنٌ ذاك الرقم الذي كشفت عنه وزارة السياحة والمتعلّق بالموازنة الاستثمارية للعام القادم، ليشكّل الـ313 مليون ليرة المخصّص لتنفيذ المشاريع السياحية والإدارة المركزية انتكاسة غير مفاجئة لقطاع تصل به الحساسية وضعف المناعة لدرجة الإصابة بالزكام إذا عطس سائح في أقاصي الأرض، فكيف الحال والبلد مغلقة سياحياً عدا شرائح واسعة من مواطنين أدركت الحكومة أنهم رصيدها ومخزونها الحيوي في الأيام العجاف، لتبدأ توجيه الخطاب التكتيكي الجديد والمستحدث وقوامه “إنقاذ الجانب الشعبي والداخلي” بعدما عزّ التوافد العربي والأجنبي.
نعم أصبحت سياحتنا فقيرة في المنتج والرواد والعائد الذي بلغ صفراً في سياق حرب دخلت عامها الرابع، وبالتالي من الطبيعي أن تتعامل الوزارة مع مقاس متواضع من الموازنات “على قد البساط المتاح”، وهنا لا يمكن اتهام مسؤولي القطاع بالبخل أمام رقم ربط مع أولوية التركيز على الاعتماد الذاتي في العديد من المشاريع، وهذا ما يمكن اعتباره ترقيعاً وإسعافاً لحفظ ماء الوجه و”تمشاية” الحال ريثما تنجلي الغيمة السوداء عن البلد وظروفه؟!.
قد تكون المقارنة مع مرحلة ما قبل الأزمة ظلماً وإجحافاً، ولاسيما أن ما خصّص لموازنة السياحة الاستثمارية لعام 2010 (327) مليار ليرة، ولكن قلناها سابقاً ونعيد: إن البحث عن البدائل المتاحة ضرورة، لكن المسألة لا تستلزم انشغال طواقم الوزارة والمديريات كافة، فلقمة ملف السياحة الشعبية صغيرة ومديرية صغيرة تستطيع إدارتها، لكن العبرة تكمن في استثمار وتشغيل العاملين بالمئات الذين يلفون الأرجل على بعضها ويتسلون بالكلمات المتقاطعة، ويلتهون بمشكلاتهم الشخصية “التافهة” على حساب العمل، إذ يمكن تكليف كل المديريات بالعمل على إعداد الخطط والبرامج والدراسات والأبحاث والتقارير الميدانية القائمة على تحليل السوق السورية وتقييم أوضاعها خلال فترتي الهدوء والأزمة، وبالتالي الخروج بالعبر واستخلاص النتائج التي تعطي المجال لتقديم قرار أو توجّه مبنيّ على المعرفة والدراية لمجريات التطورات العالمية في صناعة السياحة وعوائدها، وبالتالي يمكن القول إن “الداتا” الخاصة بما يجب فعله جاهزة، وما إن وضعت الحرب أوزارها يكون الميدان جاهزاً للتنفيذ والتطبيق.
المفارقة صراحة تكمن بعبارة لطالما تسمعها من أهم المفاصل السياحية رداً على سؤال محدد، ماذا تعملون يأتيك الرد: “بعيد عنك نكش الذباب فلا شغلة ولا مشغلة”، علماً أن الحكومة أقرّت أننا في زمن اقتصاد الحرب، وبالتالي حريّ بوزارة السياحة والعاملين فيها أن يكونوا جزءاً من هذا التوجه، فالسياحة مصنّفة ضمن الوزارات الاقتصادية أي المنتجة وذات العائدية.
نختم بتصريح للوزير بشر اليازجي حول وجود خطة لتحويل الخسائر إلى مكاسب في القريب القادم.. وأمام هذا الكلام المقتضب ثمّة حاجة لشروحات وتفاصيل تعرِف هذا العنوان الطويل والعريض، وهل هو مقاربة لما تحدثنا عنه أم هناك إبداع واختراع لا نعرف ماهيته عند قائله؟!.
علي بلال قاسم