عملية استشهادية نوعية تسفر عن مصرع أربعة حاخامات وجندي وجرح ثمانية صهاينة
تبشّر بولادة جيل جديد من المقاومين قادر على ضرب العدو في الصميم
الاحـتـلال يـمعـن فـي القـتـل والـتدمير.. ويطلق يد مستوطنيه
لم يتأخر الرد الفلسطيني على عملية إعدام الشهيد يوسف الرموني، الذي اغتاله المستوطنون بدم بارد، وعلى مجازر الاحتلال وممارساته العنصرية بحق الفلسطينيين ومقدساتهم، إذ قام غسان وعدي الجمل من منطقة جبل المكبر بالانتقام لابن حيهم “الرموني”، ونفّذا عملية استشهادية بطولية، أسفرت عن مقتل أربعة من أعتى الحاخامات في القدس المحتلة، ورجل أمن، وجرح ثمانية صهاينة، فيما استشهد منفذا العملية.
وذكرت مصادر أن 4 من كبار حاخامات المستوطنين من بين القتلى الخمسة، وهم: موشيه تبرسكي، وهو مدير أحد المعاهد الدينية، وآرييه كوبينسكي، وهو من أهم حاخامات المستوطنين، وكلمن ليقي، وابراهام غولدبرغ، وهما من الحاخامات الذين خدموا في جيش الاحتلال.
العملية الجريئة تؤشر إلى مرحلة يمكن تسميتها بمرحلة الفدائيين الجدد، وتؤكد أيضاً ولادة جيل جديد داخل المجتمع الفلسطيني لا يقيم وزناً لا للتهديدات ولا للضغوطات الإسرائيلية، ولا يعترف بحدود وأمن المستوطنات، إضافة إلى رفضه كل أشكال الاكتفاء باعتماد الحراك السلمي تجاه الاحتلال، الذي تخطّى في تهويده للقدس والتعدي على حرمة المسجد الأقصى مستوى يهدد باقتلاع المقدسيين وشطب وجودهم وحقوقهم بالكامل.
كما تثبت العملية أن الشعب الفلسطيني قادر على المبادرة واستخدام أدوات، تستلهم التجارب الأولى للمقاومين الرواد، في مهاجمة العدو في الصميم، وتوجيه رسائل في غير اتجاه، ولا سيما للداخل الفلسطيني، بأن هناك ما يمكن القيام به لإحداث نوع من التوازن مع الإسرائيلي، وإفهام الحكومة الإسرائيلية بأن القدس والأقصى ليسا موضوعاً قابلاً للتنازل أو التخلي أو التراجع في الدفاع عنهما.
وصعّدت قوات الاحتلال من إجراءاتها القمعية واعتداءاتها بحق الشعب الفلسطيني، وشنت اعتداءات على حي جبل المكبر، وأطلقت وابلاً من الرصاص المغلف بالمطاط والقنابل الصوتية والغازات المسيلة للدموع بشكل عشوائي باتجاه تجمعات الفلسطينيين، ما أدى إلى إصابة العشرات منهم بجروح وحالات اختناق.
واندلعت مواجهات عنيفة في بلدة جبل المكبر، واشتدت المواجهات بعد أن اعتدت قوات الاحتلال على منزل عائلة الشهيدين الفلسطينيين، وهاجمت النساء والشبان الفلسطينيين داخل المنزل، وعاثت فساداً وخراباً داخله، واعتقلت عشرة من أفراد عائلته، بينهم والداهما وزوجة أحدهما.
واستغل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو العملية لتصعيد تهديداته بتكريس قبضة الاحتلال على القدس المحتلة ومطالباته واتهاماته للسلطة الفلسطينية.
وفي مدينة نابلس، ارتكبت مجموعة من المستوطنين أعمال عربدة على الشارع الواقع بين قريتي بورين ومادما جنوب نابلس، فيما أصيب شابان فلسطينيان بجروح خطرة بعد تعرضهما للطعن من قبل مستوطنين في حي كفر عقب بين القدس ورام الله.
وشن مئات المستوطنين هجوماً على مدرسة عوريف جنوب مدينة نابلس، وذكر شهود عيان أن المستوطنين كانوا يحملون السيوف والبلطات، وتوجهوا صوب مدرسة البقرية، واعتدوا عليها بالحجارة، وحاولوا اقتحام المدرسة، غير أن عشرات الشبان تصدوا لهم وحالوا دون دخولهم للمدرسة.
وفي ردود الأفعال على العملية الفدائية أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية مباركتها للعملية الفدائية، واعتبرتها رداً طبيعياً على جرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني على امتداد الأرض المحتلة.
وقالت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح الانتفاضة”: إن هذه العملية تؤكد أن طريق المقاومة هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين من براثن العدو الصهيوني، وتأتي في إطار المعركة المفتوحة مع كيان الاحتلال الصهيوني، التي ستبقى مستمرة حتى تحرير فلسطين.
وحمّل المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس حكومة الاحتلال مسؤولية كل ما يحدث في القدس المحتلة، بسبب الاعتداءات المتكررة على المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية، وأكد أن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقه في الدفاع عن وجوده وبقائه في أرضه المقدسة، وسيبقى ثابتاً وصامداً، وقال: إن فلسطين والقدس لن تعود إلى أصحابها إلّا من خلال النضال الوطني والعمل الحثيث على إنهاء الاحتلال واجتثاثه، إذ لا يمكن القبول بالواقع الذي ترسمه إسرائيل من خلال سياساتها العنصرية، وتريد كل شيء وكأنه على الفلسطينيين الاستسلام لما تريده، لكنهم لن يستسلموا.
واعتبر أنور رجا مسؤول الإعلام في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة أن عملية القدس نتيجة لتمادي الاحتلال في جرائمه، وبداية لآليات جديدة ترفع راية المقاومة، في مواجهة عصر الاستسلام، وتتمسك بها خياراً وحيداً للشعب الفلسطيني، أمام المشهد المتردي على الساحة العربية وتفسّخ الموقف السياسي الفلسطيني.
من جانبه أوضح كايد الغول عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن عملية القدس اليوم هي رد طبيعي على جرائم الاحتلال، داعياً كل القوى الفلسطينية إلى التوحّد في إطار مقاومة شاملة تعتمد بناء عوامل القوة الذاتية، وتحديد خيارات الشعب الفلسطيني، بشكل مباشر وصريح، من خلال إطلاق “انتفاضة جديدة” تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.
وحمّلت نجاة أبو بكر عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة فتح حكومة الاحتلال مسؤولية كل ما يحصل في القدس المحتلة، لأنها تستحضر العقلية “الداعشية” في القتل والتدمير، وتطلق يد المستوطنين لإلحاق الأذى بالفلسطينيين أينما حلوا، فيما نوّه رئيس حزب اللقاء التضامني الوطني اللبناني الشيخ مصطفى ملص بالعملية البطولية، مؤكداً أنها تشكل درساً جديداً في فصول مسيرة المقاومة الفلسطينية، وشدد على أن هذه العملية ليست مجرد رد على الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى فحسب، بل هي جزء من المقاومة في سبيل تحرير كل فلسطين.