بين قوسين أيُّ مصيرٍ ينتظر غاباتنا؟
ترى.. ما هو المصير الذي ينتظر غاباتنا والمواقع الحراجية، ومن سيعمل على حماية ما تبقى منها، بعد كثرة التعدّيات وتنوّع أساليبها؟..
فما يجري الآن من قطع واحتطاب عشوائي للأشجار، في ظل عدم توفر مادة المازوت، وغلاء أسعارها، يزيد الوضع سوءاً، وخاصة بعد خسارة مساحات واسعة من الغابات، وتدهور العديد من المواقع، الأمر الذي بات يشكل قلقاً للجميع، ويوجب استنفار الهمم للوصول إلى آليات عمل ميدانية تصون ما تبقى من أشجارنا، وتحافظ على هذه الثروة الطبيعية التي تلعب دوراً مهماً جداً في توازن البيئة وصحتها وجمالها، لأننا أولاً وأخيراً أمام خسارة بيئية كبيرة جداً، لابد من مواجهة مسبّباتها بكل الطرق الممكنة، وإيجاد الخطط الفاعلة للحفاظ على الغابات.
إذاً، مع شدّة البرد، والحاجة إلى وسائل التدفئة، يعمد الكثيرون، وللأسف، إلى قطع الأشجار، وبشكل جائر، واستخدامها بدلاً من المازوت الذي لم تزل تنتظره أفواه “البيدونات” التي تصفر فيها الريح!.
حقيقة، المشكلة معقدة ومركبة، ولا يمكن في أي جزء منها إلقاء اللوم على جهة واحدة، فظروف الحرب الظالمة تضغط بكل ما تنتجه من آثار سلبية على معيشة المواطن اليومية، والاعتداءات الإرهابية على العديد من مواقع حوامل الطاقة، وإخراجها عن العمل، أدّى ويؤدّي إلى حدوث الأزمات اليومية المتكررة التي نعيش فصولها المؤلمة، يقابل ذلك المواطن الحائر في أمره، الذي لم يعُد يدرك من أين سيأتيه الفرج، وسط كل هذا الحجم الضاغط من الأزمات المعيشية التي تقصم الظهر.
ولكن، مهما كانت المسبّبات، فهي لن تبرر لأحد أيّاً كان هذا التطاول الجائر على ثروتنا الحراجية، وغاباتنا الطبيعية، التي يكفيها ما شهدته خلال سنين طويلة من اعتداءات أدّت إلى تدمير وتدهور أجزاء ومساحات واسعة منها، بدءاً من التهام الكتل الاسمنتية لما تبقى من أشجار كانت تعتبر رئة المدن الصحية والبيئية، إلى عمليات الاحتطاب العشوائي التي تقضي بشكل متسارع على آلاف الأشجار، وتخرجها من دائرة الاستثمار البيئي والاقتصادي.
أمام هذه اللوحة المؤلمة لواقع ثروتنا الحراجية، لابد من حثّ الجميع على بذل المزيد من الجهود والإجراءات التي تحدّ من هذا الاستنزاف الجائر بحق غاباتنا، كما لابدّ من تفعيل التشريعات القانونية الصادرة بهذا الخصوص، باتجاه الوصول إلى صيغة ضابطة للتعامل والمتابعة مع واقع الغابات وتأهيلها.
وأولاً وأخيراً، لابد من ترسيخ نهج التشاركية في إدارة الغابات وحمايتها، وفق خطط مدروسة تستهدف الحفاظ على الموارد البيئية والطبيعية بشكل عام، وتركز في كل ذلك على الدور المهم للمجتمعات المحلية في حماية البيئة بكامل مكوّناتها، ومفردات مواردها، وتنوّعها الحيوي.
محمد الآغا