اقتصاد

جني المال.. الحرام

زيادة طلبات المستوردين وتلبية المصرف المركزي لها بضخ 100 مليون دولار، مؤشر على بدء عودة العجلة الاقتصادية وتعافي الاقتصاد الوطني، لأن 80 % من هذه الطلبات لاستيراد المواد الأساسية والأولية لمستلزمات الصناعة، التي تتضاعف شهراً بعد شهر بشكل لافت وملموس اقتصادياً.
دلائل تناقض كلياً توقعات “الإسكوا” السنوية– المنظمة التابعة للأمم المتحدة– التي تتحدث عن خسارة سورية في العامين المنصرمين 35% من إجمالي الناتج المحلي، أي ما يعادل 18% سنوياً، دون أن تشير إلى الطرق التي استندت إليها في تخمينات تبثها من غير مناسبة، لم تنتهِ منذ بدء الأزمة، ما أفقدها مصداقيتها ودفع غالبية الخبراء والباحثين الاقتصاديين إلى تصنيفها ضمن المنظمات “المسيّسة”، عدة تقارير من “جهابذة” في المنظمة أطلق عليهم “جزافاً ” كبار الاقتصاديين، حيث توقعوا– على سبيل المثال لا الحصر- في عام 2012 انهياراً لليرة السورية في عام 2013، وحدث العكس تماماً، إذ تماسكت العملة الوطنية، لا بل وارتفع سعر صرفها أمام الدولار من 325 ليرة إلى 160 ليرة مطلع عام 2014.
وتوقعوا تراجع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 60% نهاية العام الجاري، بينما أظهرت الموازنة العامة للدولة السورية نمواً- ولو كان طفيفاً– وذلك مقارنة مع موازنة العامين السابق، والأسبق؟!.
اللافت أن “الإسكوا” كانت تنبه في كل تقرير تخرج به حول سورية، إلى أن توقعاتها “غير المهنية”- من وجهة نظرنا- وإنما لغاية في نفس يعقوب، مرتبطة بالوضع الاقتصادي، وأنها تجري دراسة كل السيناريوهات بغية رصد مؤثرات الأزمة على الاقتصاد، أولاً بأول.. لتصبح- كما هو واضح -“سورية” شغلها الشاغل على مدار ثلاث سنوات.
المدهش حقاً أن كبير الاقتصاديين في المنظمة ذهب في “ضربات المعلم تبعه” إلى حدّ التهويل والمبالغة المفرطة، عندما قال: “إن الأضرار الناجمة عن الأزمة السورية، تشبه إلى حدّ كبير الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الحرب العالمية الثانية، وإلى أن الخسائر التي سجلها الاقتصاد السوري على مدار أقل من عامين أكثر بكثير من الأضرار التي شهدها لبنان خلال الحرب الأهلية التي استمرت قرابة 15 عاماً”.
وللتذكير فقط، من نستحضر ذكره آنفاً، هو الكبير الاقتصادي ذاته، الذي توقع قبل بدء الأحداث والاضطرابات في سورية، نمواً للاقتصاد السوري يفوق نمو اقتصاديات دول الخليج العربي، وأن يصل دخل الفرد السوري في عام 2015 إلى الألف دولار شهرياً، يوم كان الدولار حينها يعادل 50 ليرة، أي 190 ألف ليرة، بحسابات اليوم.
وبالتالي يمكننا الخروج بنتيجة مفادها: أن هؤلاء هم كبار الاقتصاديين بجني المال لحساباتهم الخاصة، والأكثر معرفة من أين تؤكل الكتف؟! في كل زمان ومكان.
ما يهمنا نحن السوريين البيانات المالية والنقدية الحقيقية التي تعكس الحقائق الاقتصادية- لا الوهمية- فعودة مئات المصانع والورش وارتفاع حجم واردات مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية الداخلة بالتصنيع، وتخصيص النسبة الأكبر من موازنة العام المقبل للإنفاق الاستثماري، دلائل واقعية على انتعاش اقتصادي سوري قادم، شاء من شاء وأبى من أبى.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com