لا مكان لهم في غدِنا..
لا ننكر اهتمام الحكومة بملف الإعمار الواعد، فالتصريحات الرسمية بهذا الاتجاه تعد بحشد كل الجهود والإمكانات الكفيلة بنجاح هذا المشروع الاستراتيجي.
لكننا نشير إلى ضرورة اقتران القول بالفعل، فما يعترينا من منغّصات أثقلت كاهل المواطن “مازوت، غاز، نقل داخلي، ارتفاع غير مبرر للأسعار..الخ”، لا يبشّر بجدية التعاطي مع الإعمار، على اعتبار أن معظم القائمين على تأمين أدنى مستلزمات العيش الكريم، لا يتوانون عن تعليق تقصيرهم بهذا الاتجاه على شمّاعة الأزمة، بل إن بعضهم استثمر الأزمة لمصلحته، وبدأ يُعدّ العدة لتسوية خسارات شركاته وتبريرها تحت ذريعة الأزمة، ليتنصل من المحاسبة والمساءلة القانونية، ففي أحد الاجتماعات المفتوحة استطرد مدير عام إحدى الشركات بالحديث عن تدهور أوضاع شركته، وعدم مقدرة العمال على مواصلة العمل نتيجة الأحداث، ما أدّى إلى توقف مشاريع الشركة، علماً أن أحد المشاريع التي كانت تنفذها شركته تجاوز البرنامج الزمني المحدّد للإنجاز بأربع سنوات رغم أنه لم يكن هنالك ما يعرقل أو يعكر!.
نعتقد أن أولى خطوات الإعمار تبدأ بمعالجة سوء توزيع المواد والخدمات الأساسية على المواطن، ويمكن لأدنى متابع أن يلحظ غياب عدالة توزيع الغاز والمازوت المطلوبة بشدة هذه الأيام، ما ينمّ عن ارتكابات تشي بازدياد فعالية رموز طالما عاثت فساداً في أرض عُرفت بغناها الطبيعي والفكري.
وهنا نحذّر من مغبة تنامي شوكة هؤلاء دون تقليم، في مرحلة تحمل صفة “المتجدّدة” التي ستقترن بـ”سوريتنا”، ونشدّد في الوقت ذاته على ضرورة خلوّ “سورية المتجدّدة” من هؤلاء المتخمين على حساب قوت البلاد والعباد.
ما سبق يجعلنا نلفت عناية الأجهزة الرقابية إلى أن تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، وضرورة إيلاء هذا الموضوع أهمية قصوى كي يتم تفويت الفرصة على كل من تسوّل له نفسه المساهمة بزيادة نزيف مقدّراتنا الوطنية، فمن لا يرِد المبادرة لإيجاد الحلول المناسبة لتحسين وضع ما أؤتمن عليه، فعليه على الأقل أن يحافظ عليه ولو بالحدود الدنيا، كي يكون جاهزاً لانطلاقة جديدة لبناء ما تمّ تخريبه، ولعلّنا على موعد مع ملفات فساد كبرى بعد الأزمة، يخشى ألا تُفتح وتنضوي تحت عباءة (ما فات مات) ويتبوّأ روّادها مسؤوليات أكبر، على اعتبار أن الأزمة عصفت بالبشر قبل أن تعصف بالحجر وكل الانكسارات كانت خارج حدود الإمكانات!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com